يرى أغلبية قراء إيلاف أن الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي، لم يكن إلا توطئة لدستور جديد ذي صبغة إسلامية، هذا في وقت عبّر الكثير من المراقبين عن مخاوفهم من سيطرة رجال الدين على مصر.


القاهرة: منذ يوم 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، والإحتجاجات في مصر لا تنقطع، بسبب الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، وحصّن بموجبه قراراته منذ توليه المسؤولية في 30 يونيو/ حزيران الماضي، كما حصّن مجلس الشورى والجمعية التأسيسية من الحل، رغم أن القضاء ينظر دعاوى قضائية تشكك في شرعيتهما.

ولم يعبأ الرئيس بالإحتجاجات، لاسيما بعد تنظيم أنصاره من quot;جماعة الإخوان المسلمينquot;، والتيار الإسلامي تظاهرة مليونية، يوم السبت الماضي الموافق 1 ديسمبر الجاري، أمام جامعة القاهرة. وتسلم الدستور الجديد، بل وقرر طرحه للإستفتاء الشعبي في 15 من الشهر نفسه، الأمر الذي سكب المزيد من الزيت على حالة الغضب والسخط المشتعلة ضده، ومن المتوقع ألا تهدأ قريباً.

مقدمة لدستور إسلامي

وبينما يشتعل الموقف في مصر، يرى أغلبية قراء quot;إيلافquot; أن الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي، لم يكن إلا توطئة لدستور جديد ذي صبغة إسلامية، وطرحت quot;إيلافquot; على قرائها السؤال التالي: quot;الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري: مقدمة لدستور إسلامي.. حماية للثورة.. ثورة مضادة؟quot;. وشارك 3761 قارئاً في التصويت بالاستفتاء، وانحازت الأغلبية ب1832 قارئاً، بنسبة 48.71% إلى الخيار الأول، متوقعين أن يكون الدستور الجديد له طابع إسلامي، وليس مدنياً حسبما تنادي القوى السياسية الليبرالية.

انقسام في الرؤية

فيما انقسم باقي القراء بين خياري quot;حماية الثورةquot;، وquot;الثورة المضادةquot;، وعبر 1087 قارئاً، بمعدل 28.90% عن اعتقادهم بأن الإعلان الدستوري يمثل حماية لثورة 25 يناير، وهو الرأي الذي يتبناه الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين وأنصاره من باقي التيارات السياسية.

وحسب وجهة نظر الفريق الثالث من المصوتين، وعددهم 842 قارئاً، بنسبة 22.39% فإن quot;إعلان مرسيquot; يمثل إنقلاباً على ثورة 25 يناير، بل يعد إحدى صور الثورة المضادة.

دولة دكتاتورية

الإحتجاجات التي اندلعت ضد الإعلان الدستوري إنصبت على كونه يعمل على تأسيس دولة دكتاتورية في مصر، رغم أن المصريين ثاروا بالأساس ضد هذا النهج في الحكم، لاسيما ما يخص تحصين قرارات الرئيس محمد مرسي من الطعن عليها أمام أية جهة، لكن مع الإنتهاء من مشروع الدستور وتحديد موعد طرحه للإستفتاء الشعبي في يوم 15 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، تحوّلت المعركة صوب هذا الدستور، الذي تتفق آراء القوى السياسية حول أنه دستور يحمل صبغة إسلامية، ويؤسس لدولة ولاية الفقيه، على غرار نظام الحكم الإيراني.

quot;لقيط!quot;

ووفقاً للنائب والمرشح الرئاسي السابق أبو العز الحريري، فإن هذا الدستور باطل، وأضاف أنه أقام دعوى قضائية حملت رقم 10920 لسنة 67 قضائية أمام محكم القضاء الإداري، بهدف إلغاء قرار الرئيس محمد مرسي بدعوى المصريين للإستفتاء على الدستور الجديد، لحين الفصل في الدعاوى القضائية بحل الجمعية التأسيسية. وقال الحريري لـquot;إيلافquot; إن الدستور الجديد يمكن وصفه بـquot;اللقيطquot;.

مشيراً إلى أنه يؤسس لدولة ولاية الفقيه، على غرار النموذج الإيراني، ويجعل القيادات الإسلامية سواء في مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين أو هيئة كبار العلماء في الأزهر فوق الدولة وفوق القانون، لأن الأخيرة هي المرجعية لتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية، وهي الرقيب على القوانين التي يصدرها مجلس الشعب، ولا يوافق عليها إلا إذا كانت متوفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وقال ابو العز الحريري إن مشروع الدستور الحالي غير جدير بالمناقشة من الأساس، لأنه نتج من عملية زواج باطلة، في جمعية تأسيسية باطلة، وتحصينها من الحل قرار باطل، وبالتالي فهذا الدستور quot;لقيطquot;، على حد قوله.

دولة دينية صريحة

وانتهى تقرير قانوني لجمعية quot;تحرك إيجابيquot; حمل عنوان quot;لماذا نرفض الدستور.. وماذا نفعل الآنquot;، تلقت إيلاف نسخة منه، إلى أن quot;المواد ٢ و ٤ و٢١٩ سوياً تؤسس لإقامة دولة دينية صريحة لا تمت للمدنية بصلةquot;، مشيراً إلى أن الثلاث مواد تمنح مجلس الشعب الحق في إصدار تشريعات لفرض أحكام مستنبطة من فقه اشخاص وليس القرآن ويجعل منها قانونا ساريا ولا تستطيع أي جهة قانونية الطعن عليها أو ايقافها إلا هيئة العلماء في مشيخة الازهر، وهذا تعريف الدولة الثيوقراطية، أي الدولة التي يحكمها رجال الدينquot;.

ولفت التقرير إلى أنه بناء على نصوص المواد الثلاث، تصبح الجزية واجبة على أهل الذمة ويمنع الأقباط من تولي أي مناصب ذات سلطة على المسلمين، وينعدم قبول شهادتهم وتعتبر شهادة المرأة نصف شهادة الرجل ويمنع الإختلاط بين الجنسين ويسمح بتزويج الأطفال هذا فضلاً عن عقوبات الجلد والصلب وبتر الأطراف ونظام اللعان، بدون قانون أو نص أو تغيير لأي قوانين أو نصوص سابقةquot;. على حد تعبير معدي التقرير.

يكرس المنهج الطائفي

وأشار التقرير إلى اعتراضه على نص المادة الثالثة، التي تبيح إلى غير المسلمين من أصحاب الديانات السماوية الإحتكام إلى شرائعهم، ويقصد بهم اليهود والمسيحيين، وقال التقرير إنها quot;من وجهة نظر وطنية ـ وبغض النظر عن سعي الكنيسة لها أو سعادتها بها ـ تعد إهانة بالغة لأكثر من ١٠٪ من الشعب، عندما نساوي دستورياً، مسيحيي مصر شركاء مسلمي مصر في الوطن بفصيل اليهود المصريين، الذي اندثر منذ عقود، لمجرد أن النظرة الطائفية الهزلية للمشرع الدستوري تساوي بينهما.

وبحسب التقرير فان هذا يكرس ايضاً المنهج الطائفي الذي يجعل من شخص من المفترض أن يتمتع بكامل حقوقه ولم يخل بالنظام العام للدولة أو لم يصدر منه جرم او خرق لأي قواعد، بموجب مثل هذه المادة، مواطنا من الدرجة الثانية، نساويه بملة تربي الشعب المصري على العداء لهم لظروف اقليمية تاريخيةquot;.

اليد الطولى لرجال الدين

فيما يرى الناشط الحقوقي، شريف هلالي، رئيس المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان أن المادتين ١٠ و١١، تسمحان بإقامة تنظيمات مسلحة على غرار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخلق وصاية سلطوية أخلاقية على المجتمع المصري.
وأضاف هلالي لـquot;إيلافquot; أن مشروع الدستور يسمح أيضاً بإقامة نظام حكم ديني، وينقل مصر من دولة مدنية إلى دولة دينية، يكون فيها لرجال الدين اليد الطولى في كل شؤون الدولة، في تقليد أعمى للنموذج الإيراني.

وانتقد هلالي عدم اعتراف الدستور بالمواثيق والمعاهدات الدولية في ما يخص حقوق الإنسان، رغم أن الدستور السابق كان يعترف بها، ويجعل منها مرجعية لقوانين حقوق الإنسان في مصر.

أفضل من الدستور الأميركي!

وعلى الجانب الآخر، يرى النائب السابق أحمد أبو بركة، القيادي في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، أن quot;مشروع الدستور المطروح للاستفتاء فى منتصف الشهر الحالي، أفضل من الدستور الأميركي والفرنسي والبرازيليquot;، وأضاف في تصريحات له، أن الوثيقة الدستورية تطورت كثيرًا، خصوصًا في باب الحقوق والحريات، والتزمت بالمعايير الدولية.