للمرة الأولى بعد 21 عاماً من اختطافه خمس سنوات على يد حزب الله، يزور البريطاني تيري وايت لبنان للسلام على من احتجزه رهينة.


لميس فرحات: عام 1987، زار تيري وايت لبنان بصفته موفداً لكبير أساقفة كانتربري آنذاك، الدكتور روبرت رونسي، للتوسط مع ميليشيات لبنانية بغية الإفراج عن عدد من الرهائن الغربيين المحتجزين في بيروت وإيران وليبيا. لكن علاقته مع المسؤول السابق في البيت الأبيض أوليفر نورث، حوّلته إلى رهينة لدى حزب الله.

بقي تيري وايت محتجزاً لمدة خمس سنوات، قضى 4 منها في الإقامة المنفردة، وتلقى خلال هذه الإقامة، تهديداً بإعدامه. لكن حزب الله عاد وأفرج عنه في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1991.

اليوم، يعود تيري وايت إلى مكان الحادث في بيروت، حيث تم اختطافه قبل 21 عاماً. ويروي وايت تجربته لصحيفة الـ quot;تليغرافquot;، فيقول إنه أتى إلى لبنان عام 1987 للقاء ممثلين عن حزب الله quot;على أساس أنهم سوف يأخذونني لأرى الرهائن المرضى وأطمئن إليهمquot;.

وأضاف: quot;ترددت في ذلك كثيراً، ثم قررت أن أذهب. لكن ما أن وصلت حتى أرغمت على الصعود إلى سيارة مجهولة، وبقيت بعدها في الأسر لخمس سنواتquot;.

يتذكر وايت مدينة بيروت خلال الحرب الأهلية، التي كانت quot;ساحة معركة ممزقةquot;، وكان خائفاً، ولا يفهم ما يدور حوله، كما يشير إلى أنه استعان في مكان احتجازه بصوت الأذان من مسجد قريب، ليعرف الوقت، لأنه كان محاطاً بالظلام، ولا يخرج من زنزانته على الإطلاق.

أزمة الرهائن في لبنان
تم اختطاف 96 شخصية غربية من قبل الجماعات المسلحة في لبنان، بما في ذلك منظمة الجهاد الإسلامي وحزب الله، على خلفية غضبهم من وجود قوات أجنبية في لبنان بعدما غزت إسرائيل البلاد في العام 1982، والهجوم على ثكنة تابعة للولايات المتحدة عام 1983.

كان من بين الرهائن أميركيَان اثنان، ويليام باكلي، وهو مدير مكتب وكالة الاستخبارات الأميركية (سي اي ايه) في بيروت، الذي اختطف عندما كان يغادر شقته وهو في طريقه إلى العمل في هجوم ألقي باللوم فيه على حزب الله.

وتشير التقارير إلى أن باكلي تعرّض للتعذيب لمدة 15 شهراً قبل مقتله في عام 1985. ووجدت رفاته في كيس بلاستيكي على جانب الطريق المؤدي إلى مطار بيروت في عام 1991.

يمكن اعتبار باكلي استثناءً في حالة الرهائن، لأنه كان الوحيد الذي يملك موقعاً سياسياً أو أمنياً، بينما اعتبر معظمهم أهدافاً ببساطة لأنهم كانوا غربيين.

أما تيري أندرسون، فكان الرهينة الأميركية التي احتجزت لأطول فترة في لبنان، وهو مراسل الشرق الأوسط لوكالة أسوشييتد برس للأنباء. تم القبض عليه - إما عن طريق حزب الله أو الجهاد الإسلامي - بعدما انتهى من لعب مباراة في كرة المضرب في بيروت.

تم اختطاف أندرسون في آذار/ مارس 1985، قبل أن يطلق سراحه أخيراً في ديسمبر/ كانون الاول عام 1991، ليأتي بعده الإسكتلندي -الأميركي توماس ساذرلاند، الذي قضى 2353 يوماً في الاحتجاز، أي أكثر من ست سنوات.

كان البريطانيون على وجه الخصوص هدفاً رفيع المستوى والقيمة لحزب الله، بما في ذلك جون مكارثي، الصحافي الذي اختطف في نيسان/إبريل عام 1986 عندما كان يغطّي الحرب الأهلية.

أمضى مكارثي خمس سنوات في الأسر. وقيل إنه قد تم اختطافه من قبل حركة الجهاد الإسلامي على سبيل الانتقام لهجوم جوي أميركي عام 1986 على ليبيا. وتقاسم زنزانته مع كينان بريان، الإيرلندي المولد، الذي كان يعمل مدرّساً في بيروت، واختطف على يد عدد من المسلحين.

عمليات الخطف المتعددة أتت بوايت إلى بيروت، من أجل التوسط لتأمين إطلاق سراح المخطوفين، بعدما نجح في تحرير الأميركيين لورانس جيمكو وجاكوبسن ديفيد في العام 1985.

لكن النتيجة لم تكن متوقعة، إذ اعتقل هو نفسه أثناء التفاوض عام 1987، وقضى ما يقرب من خمس سنوات في الأسر، ويقول إنه كان مقيّداً بسلاسل معدنية، وإنه تعرّض للضرب والإعدام الوهمي.

جاء الإفراج عنه أخيراً، جنباً إلى جنب مع ساذرلاند، فعاد إلى بلاده هزيلاً ورمادي الشعر، إنما بوضع صحي معقول. quot;لقد استجاب الله لصلوات الكثير من الناس اليوم، ونحمد الله على الإفراج عنهquot;، قال الدكتور جورج كاري، رئيس أساقفة كانتربري في ذلك الوقت.