في توقيت مثير للعجب، أدرجت الادارة الأميركية جبهة النصرة الاسلامية في سوريا في سجل المنظمات الارهابية، ليأتي هذا الأمر بعد أيام من تحقيق هذه الجبهة جملة مكاسب ميدانية في حربها على نظام الرئيس بشار الأسد.


القاهرة: أعلنت الولايات المتحدة رسمياً أنها صنفت جبهة النصرة، وهي إحدى الحركات الثورية السورية المسلحة، باعتبارها واحدة من المنظمات الإرهابية الأجنبية، كمااعلنت السلطات الاميركية الثلاثاء أنها فرضت عقوبات مالية على اثنين من قادة جبهة النصرة.
واعلنت وزارة الخزانة الاميركية أنها اضافت اسمي ميسر علي موسى عبد الله الجبوري وانس حسن خطاب على لائحتها السوداء موضحة أن هذا الامر يندرج في اطار قرار وزارة الخارجية الاميركية تصنيف المنظمة على لائحة المنظمات quot;الارهابيةquot;.
وتسعى واشنطن من ذلكالى حشد دعم غربي لصالح الثورة المناهضة لحكومة الرئيس بشار الأسد عن طريق خمد المخاوف التي تتحدث عن إمكانية تدفق الأموال والأسلحة المفترض أن تصل للثوار إلى إحدى الجماعات الجهادية.
وتم الكشف عن هذا التصنيف يوم أمس في السجل الفيدرالي، قبل اجتماع دبلوماسي هام مقرر يوم غد الأربعاء في المغرب بخصوص الانتقال السياسي في حال أفلحت الجهود الرامية للإطاحة بالرئيس الأسد من السلطة. وأوضح الإشعار المدرج في السجل أن جبهة النصرة تعتبر واحدة من الأسماء المستعارة للقاعدة في العراق.
ومن الناحية العملية، تسبب هذا التصنيف في عدم تمكين الأميركيين من الناحية القانونية من إبرام تعاملات مالية مع المجموعة. ومن المفروض أن يتم فرض عقوبات مشابهة من جانب بلدان أخرى، وأن تتم مواجهة المخاوف المتعلقة بجماعة قد تزيد من حالة عدم الاستقرار التي تعانيها سوريا وتضر بالمصالح الغربية.
ونقلت في هذا الصدد صحيفة النيويورك تايمز الأميركية عن روبرت فورد، السفير الأميركي لدى سوريا، قوله :quot; تمثل جماعات مثل جبهة النصرة مشكلة، وهذه عقبة أمام مساعي العثور على الحل السياسي الذي ستكون سوريا بحاجة إليه مستقبلاًquot;.
هذا ويرى كثير من المقاتلين أن جبهة النصرة حليف هام نظراً لشجاعة مقاتليها وإمداداتها الموثوق بها من المال والسلاح. ولم يسبق لها أن عملت تحت راية الجيش السوري الحر، ورفضت الحصول على المساعدات الغربية والإسهامات التي سعت للحصول عليها باقي الجماعات، لكنها تنسق عن قرب مع كثيرين ممن يقومون بذلك.
وما زاد من تعقيد الموقف، وفقاً لما ذكرته النيويورك تايمز في السياق نفسه، هو أن بعض الجماعات التي تعمل تحت راية الجيش السوري الحر تحظى بنفس الأيديولوجيات، وتتبع التفسير السلفي الصارم للإسلام، ومن بين أعضائها مقاتلون ممن انضموا لأعمال التمرد في العراق، رغم أنه من غير المعروف عنهم أنهم يتقاسمون الاتصالات التنظيمية المباشرة لجبهة النصرة مع تنظيم القاعدة في العراق.
إلى ذلك، أشارت صحيفة التلغراف البريطانية إلى قيام 29 جماعة معارضة، من ضمنهم الكتائب المقاتلة واللجان المدنية، بالتوقيع على عريضة تدعو للقيام بتظاهرات حاشدة لدعم جبهة النصرة، التي يرى البيت الأبيض أنها تابعة للقاعدة في العراق.
وتروج تلك العريضة لشعار quot;لا للتدخل الأميركي .. كلنا جبهة النصرةquot;، وتحث الأنصار على quot;رفع راية جبهة النصرةquot;. وورد ببيان تم ترويجه بشكل كبير على صفحات المعارضة السورية على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك quot;يعمل هؤلاء الأشخاص لصالح الشعب السوري، وهؤلاء هم الأبطال الذين ينتمون إلينا في الدين والدم والثورةquot;.
هذا وقد عبر أبرز نشطاء المعارضة عن غضبهم مما أسموه محاولة أميركا الأخيرة للاستقواء على ثورتهم. وقال ملهم الجندي الذي يعمل مع جمعية quot;وطن سورياquot; الخيرية المنتمية للمعارضة :quot; إنه توقيت رهيب من جانب الولايات المتحدة. فبوصفها جبهة النصرة أنها جماعة إرهابية، فإنها تسعى بذلك لإضفاء صفة الشرعية على العمليات التي يقوم من خلالها النظام السوري بقصف مدن مثل حلب. وسيكون بمقدور الحكومة في تلك الحالة أن تقول إنها تقوم بمهاجمة إرهابيينquot;.
وجاء صعود جبهة النصرة ليشكل أسوأ المخاوف بالنسبة للأميركيين، الذين رفضوا في بداية الصراع أن يسلحوا الثوار حتى لا تقع الأسلحة في النهاية في أيدي الجهاديين.
وفي الإطار عينه، ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن إدارة الرئيس باراك أوباما تخوض مخاطرة محسوبة من منطلق أن احتضانها قادة مختارين من ثوار سوريا المنقسمين سوف يعمل على تسريع انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد، حيث تعتزم الاعتراف هذا الأسبوع بقائمة من شخصيات المعارضة ترى واشنطن أنها غير قادرة على تنفيذ تعهداتهم المتعلقة بنشر الديمقراطية في البلاد خلال الفترة المقبلة.
ومن المتوقع، وفقاً للصحيفة، أن تعلن الإدارة اعترافها بجبهة معارضة سورية جديدة نسبياً، حين يجتمع دبلوماسيون عرب وأوروبيون وأميركيون مع قادتها في المغرب يوم غد.
وأوضحت الصحيفة أن هذا الإجراء ما هو إلا جزء من جهود دبلوماسية سريعة ترمي إلى التصدي للفوضى والانهيار في سوريا إذا نجح الثوار في طرد أو قتل الرئيس الأسد.
هذا وقد بدأت تتكثف الجهود الدولية الرامية لدعم المعتدلين ليخلفوا الأسد في الوقت الذي بدأ يعزز فيه الثوار من انتصاراتهم الفعلية على أرض الواقع من الناحية العسكرية. ونوّهت الصحيفة كذلك لسعي الخارجية الأميركية اعتبار جبهة النصرة جماعة إرهابية. وهما الخطوتان اللتان ترميان إلى تكوين تحالف أكبر وأكثر اعتدالاً لمرحلة ما بعد الأسد.
وقدّر مسؤولو الجيش السوري الحر أن مقاتلي جبهة النصرة يشكلون الآن نسبة تتراوح ما بين 7.5 إلى 9 % من إجمالي قوات الثوار، فيما قال مسؤولو الإدارة الأميركية إن الجبهة تتألف في الأساس من مقاتلين سوريين انضموا لتنظيم القاعدة في العراق قبل بضعة أعوام وعادوا لبلادهم إلى جانب عراقيين إضافيين وأجانب آخرين.