الثورة التي انطلقت سلمية في سوريا، سعيًا لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، تخلت عن سلميتها، وصار العمل العسكري هو السمة الأبرز، ردًا على وحشية قوات النظام التي جرّت البلاد إلى حرب شاملة.

دمشق: بعد عشرين شهرًا على انطلاق حركة احتجاج شعبية تقمع بالقوة وتحولت الى ثورة مسلحة، باتت وعود الربيع العربي بعيدة كل البعد في سوريا.
وان لم تنطفئ شرارة الثورة، تحولت الحركة الشعبية والسلمية ضد نظام بشار الاسد شيئاً فشيئًا الى حرب دامية، ردًا على وحشية القوات الحكومية.
وحارب مقاتلو المعارضة الذين يحظون بدعم الغالبية السنية، ببنادق مهربة أو تم شراؤها من ضباط فاسدين.
وباتوا اليوم يسيطرون على قسم كبير من المناطق الريفية وبعض المدن بحسب مراسل فرانس برس. وفي شمال غرب البلاد اصبحوا على وشك السيطرة على منطقة شاسعة تمتد من حلب (شمال)، حيث تدور حرب شوارع لم تحسم بعد، حتى الحدود التركية.
وامتدت حركة الاحتجاج الى شرق البلاد لكن المعارك اقتربت خصوصًا من دمشق، حيث يشن الجيش النظامي عمليات واسعة ضد quot;الارهابيينquot;، التسمية التي يطلقها النظام على مقاتلي المعارضة.
وبات الشيخ توفيق زعيم الحزب الاسلامي النافذ في حلب، مقتنعًا بأن quot;النظام يضعف اكثر واكثر يومًا بعد يومquot;. ويرى أنها quot;بداية النهايةquot;.
والنظام الذي عجز عن استعادة المناطق التي خسرها، تخلى عن الارياف وكثّف الدفاع عن العاصمة والمدن الكبرى والمحاور الاستراتيجية وتقوية المنطقة العلوية على ضفاف البحر الابيض المتوسط.
وتقصف القوات الحكومية القرى والاحياء المتمردة غير آبهة بالضحايا المدنيين.
وامام مراسل فرانس برس قضى اكثر من اربعين شخصاً بينهم 22 طفلاً في 18 تشرين الاول/اكتوبر في معرة النعمان تحت انقاض مبنى ألقت عليه طائرة ميغ قنبلة.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، قضى 42 الف شخص معظمهم من المدنيين منذ اندلاع حركة الاحتجاج في سوريا في اذار/مارس 2011.
وفر مئات آلاف السوريين من بلادهم، وفي بلدة اطمة ينتظرون وسط اشجار الزيتون قرب الاسلاك الشائكة عند الحدود التركية لعبورها.
وفقدت الاسرة الدولية الامل في ايجاد حل تفاوضي لوقف اعمال العنف في سوريا وتعلم دمشق جيدًا أنه يمكنها الاعتماد على دعم حليفيها الروسي والايراني.
ولا يزال الجيش السوري المتفوق بعتاده وعديده، قادرًا على تنفيذ عمليات على نطاق واسع.
الا أن سلاح الجو السوري قد يخسر تفوقه بسبب استخدام مقاتلي المعارضة صواريخ مضادة للطائرات. وفي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر شهد مراسل فرانس برس لحظة تاريخية عندما اسقط الثوار مقاتلتين سوريتين خلال 24 ساعة في شمال غرب البلاد بصواريخ ارض-جو quot;ضبطت من العدوquot;، على حد قولهم.
واصبحت لمقاتلي المعارضة اسلحة خفيفة وذخائر لكنهم لا يزالون يفتقرون الى المعدات الاكثر تطوراً.
واختارت المعارضة استراتيجية تقضي بقطع خطوط التموين وتضييق الخناق على المدن الكبرى ومحاصرة الثكنات المعزولة.
ونظم مقاتلو المعارضة انفسهم بشكل افضل وشكلوا وحدات مدعومة بمئات المتطوعين الاجانب، لمحاربة العسكريين والشبيحة وعناصر المخابرات.
لكن الاشهر الستة الاخيرة شهدت تصاعد النزعة الاسلامية في صفوف المعارضة وبروز جبهة النصرة المتهمة بأنها فرع تنظيم القاعدة في سوريا.
وقد تفرض منظمة جبهة النصرة نفسها على كافة خطوط الجبهة.
ففي العاشر من كانون الاول/ديسمبر استولى جهاديو جبهة النصرة ومجموعات مرتبطة بها على قاعدة الشيخ سليمان آخر معاقل الجيش في غرب حلب.
وقبل يوم شاهد صحافي علم الاسلاميين يرفرف فوق احد المباني.
وقال عضو في الجيش السوري الحر إن quot;الاسلاميين باغتوا مقاتلي الجيش السوري الحر وهاجموا مساء السبت الثكنةquot;.
ويثير مقاتلو جبهة النصرة المنظمون جيدًا، اعجاب العديد من السوريين الذين باتوا يعتبرون أن كتائب الجيش السوري الحر quot;فاسدةquot;.
وجذبت جبهة النصرة التي تضم سوريين اساساً، العناصر المتشددة في المعارضة بينهم جهاديون اجانب.
وينذر حقدهم quot;للكفارquot; وتطرف النظام السوري الذي يستخدم الأداة الطائفية، بـ quot;لبننةquot; النزاع في سوريا.