قد يصب انقلاب النخبة الحاكمة في إيران على الرئيس محمود أحمدي نجاد في صالح علي لاريجاني، وهو واحد من خمسة أشقاء، تولوا جميعًا مناصب رسمية رفيعة.


إعداد عبد الاله مجيد: في حين أن لاريجاني لم يعلن ترشيحه للرئاسة حتى الآن، فإن القوة التي تتمتع بها أسرته ترتكزعلى الولاء الثابت لمرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

ونقل موقع بلومبرغ عن الباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن كريم سجادبور أن عائلة لاريجاني quot;هي بلا شك واحدة من العائلات السياسية القليلة ذات السطوة في الجمهورية الإسلامية. وهي أقرب ما في الجمهورية الإسلامية إلى الطبقة الارستقراطيةquot;.

وكانت مجلة تايم وصفت عائلة لاريجاني في عام 2009 بأنها quot;النسخة الإيرانية من آل كينديquot;. ويعمل ابنها علي لاريجاني على تصعيد منافسته مع أحمدي نجاد في وقت تخوض إيران مواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن برنامجها النووي، وتتآكل قيمة عملتها بسبب العقوبات الدولية. واشتدت حدة الصراع في الأشهر الأخيرة بنزاع مكشوف بين الرئيس وصادق لاريجاني رئيس السلطة القضائية الإيرانية.

وقالت كبيرة المحللين في المجموعة الاستشارية للسيطرة على المخاطر في لندن غالا رياني إن عائلة لاريجاني أتقنت التقرب من المرشد الأعلى ومعرفة الاتجاه الذي تهب فيه الرياح السياسية. واضافت أن علي لاريجاني quot;من أكبر منتقدي احمدي نجاد، ويتكفل في الوقت نفسه بتوجيه عمل البرلمان حسب رغبات المرشد الأعلىquot;.

وفي حين أن ولاية احمدي نجاد الثانية اتسمت بفتور العلاقة مع خامنئي، فان المرشد الأعلى تدخل لتخفيف الهجمات التي شنها خصوم الرئيس، البالغ من العمر 56 عامًا، متهمين اياه بالمسؤولية عن سوء ادارة الاقتصاد منذ تسلمه مقاليد السلطة عام 2005.

وفي تشرين الأول/اكتوبر، دعا خامنئي اقطاب النظام الى الكفّ عن المماحكات. وفي 21 تشرين الثاني/نوفمبر أبلغ نواب البرلمان بأن يصرفوا النظر عن فكرة استدعاء احمدي نجاد للاستجواب بشأن أخطائه المفترضة، قائلا إن هذا quot;هو ما يريده العدوquot;. وجاء تدخل المرشد الأعلى بعد النزاع الذي نشب بين صادق لاريجاني واحمدي نجاد عندما منع القضاء الرئيس الايراني من زيارة احد سجون طهران. ورد علي لاريجاني في اليوم نفسه قائلاً إن تنفيذ مطلب خامنئي quot;موضع اعتزازquot; النواب.

على النقيض من احمدي نجاد، الذي كان والده حدادًا، فإن الأخوة لاريجاني هم أبناء المرجع الديني الراحل آية الله ميرزا هاشمي امولي. وتنحدر العائلة في أصولها من اقليم مازندران المتاخم لبحر قزوين شمالي ايران. وللأشقاء الخمسة جميعهم خلفية من الدراسات الدينية، وتولوا مناصب رفيعة في صرح السلطة منذ قيام الثورة الاسلامية عام 1979.

لم يعلن أي من رموز الصراع على السلطة رسميًا نيته في الترشيح للانتخابات الرئاسية، ولكن المعروف أن المنافسة ستكون بين مرشحين ينتمون الى توجهات دينية واحدة، وسيكون الخلاف بينهم اقرب الى الفئوية منه الى الايديولوجيا. ويمنع الدستور الايراني احمدي نجاد من الترشيح لولاية ثالثة في انتخابات 14 حزيران/يونيو المقبل.

ونقل موقع بلومبرغ عن المحللة رياني أن علي لاريجاني quot;لن يبتعد عن الايديولوجيا المركزية للجمهورية الاسلامية، وهو من حيث الأساس يعتنق المبادئ نفسها التي يتمسك بها احمدي نجادquot;. ولكنه رغم ذلك quot;سيكون مرشحًا يمكن أن تبدو إيران معه ذات موقف أكثر برغماتيةquot;.

وأحال المكتب الصحافي للبرلمان الإيراني كل الاتصالات التي طلبت تعليق علي لاريجاني على هذه الآراء الى وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي التي لم ترد.

وكان تقرير على موقع رئيس البرلمان الايراني نقل عن المرشد الأعلى قوله إن علي لاريجاني (54 عامًا) يتمتع بمهارات متعددة في مجال المعرفة والعمل. وقال خامنئي بحسب التقرير إن لاريجاني quot;مفكر جيد وثاقب النظرة ومتقد الذهن، وهو من اشقائنا في الايمان والدينquot;.

أياً كان الرئيس الإيراني المقبل، فإنه سيحتاج مثل هذه المواهب والقدرات لمعالجة انحدار الاقتصاد الإيراني، الذي شهد هبوط قيمة العملة بنحو 43 في المئة مقابل الدولار منذ آب/أغسطس، وعزا أحمدي نجاد هذا الهبوط إلى العقوبات الغربية المفروضة على إيران. وارتفعت نسبة التضخم إلى 25 في المئة خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر، بحسب البنك المركزي الإيراني، وهي نسبة تزيد أكثر من مرتين على نسبة التضخم قبل عامين.

وفي 30 تشرين الثاني/نوفمبر قررت الولايات المتحدة فرض عقوبات مالية جديدة على الشركات والبنوك الأجنبية التي تتعامل مع صناعات ايرانية، مثل الطاقة والموانئ وبناء السفن وتجارة المعادن. وفُرضت العقوبات الجديدة، اضافة الى قرار الاتحاد الاوروبي منع استيراد النفط الايراني ابتداء من 1 تموز/يوليو.

وكان علي لاريجاني في السابق كبير المفاوضين بشأن الملف النووي الايراني، وتولى منصب وزير الثقافة ومدير الاذاعة الايرانية فيما كان شقيقه صادق عضو مجلس صيانة الدستور الذي له سلطة نقض القوانين.

وتولى الأشقاء الثلاثة الآخرون ايضا مناصب رفيعة. فان محمد جواد لاريجاني رئيس لجنة حقوق الانسان في القضاء الايراني واحد مستشاري خامنئي عمل نائبًا لوزير الخارجية، وباقر لاريجاني خدم نائبًا لوزير الصحة، وفاضل لاريجاني كان دبلوماسياً في كندا.

ونقل موقع quot;خبر اونلاينquot; عن علي لاريجاني وصفه الأشقاء بأنهم quot;ابناء الحوزة الذين ضلوا طريقهم، فانتهى بهم المآل مصادفة الى أدوار تنفيذيةquot;.

تكمن جذور عدم ثقتهم بأحمدي نجاد في اختلاف مكانتهم الاجتماعية، بحسب الباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي كريم سجادبور. كما يعود بعض التوتر الى خصومات شخصية. واستقال علي لاريجاني في عام 2007 من منصب كبير المفاوضين النوويين بسبب خلافات مع الرئيس احمدي نجاد. وفي انتخابات 2005 رشح ضد احمدي نجاد، لكنه لم يتمكن من جمع اصوات كثيرة. ولم يرشح في انتخابات 2009.

ويتعين ان ينال جميع المرشحين موافقة مجلس صيانة الدستور باعتماد معايير، بينها التزامهم بتعاليم الدين كما يفهمونها. وتعني الحملة الانتخابية التي تستمر اسبوعين في ايران أن المرشحين لا يقدمون أنفسهم وبرامجهم إلا قبل فترة قصيرة من يوم الاقتراع.

بخلاف احمدي نجاد فإن علي لاريجاني ليس لديه quot;توجّه جماهيريquot;، وان ترشحه في السباق الرئاسي المقبل يتوقف على من سيدخل حلبة السباق معه، كما قالت فريدة فارهي الاستاذة في جامعة هاواي. وقالت فارهي إن من المبكر اطلاق تنبؤات، ولكن من المستبعد ان يرشح لاريجاني للرئاسة إذا رشح عمدة طهران محمد باقر قاليباف أو مستشار خامنئي لشؤون السياسة الخارجية علي اكبر ولايتي quot;لأنه سيتنافس معهما على اصوات دوائر متماثلة من الناخبينquot;.

وكان احمد نجاد الذي تولى هو نفسه منصب عمدة طهران هزم الرئيس السابق علي اكبر هاشمي رفسنجاني في حزيران/يونيو 2005 بحشد المؤيدين مستخدمًا الجوامع والدعوة الى إعادة توزيع الثروة لمصلحة المستضعفين. واستثمر احمدي نجاد اصوله العمالية وعقيدته الدينية.

وفي انتخابات 2009 كان دعم خامنئي هو الذي ضمن فوز احمدي نجاد بولاية ثانية في مواجهة احتجاجات شعبية واسعة طعنت بنتيجة الانتخابات.

وقال الباحث سجادبور quot;ان أهم صوت في الانتخابات الرئاسية الايرانية هو صوت آية الله خامنئي. والسؤال هو ما إذا كان خامنئي سيثق بأن يكون علي لاريجان تابعًا وفيًا أو تساوره الشكوك بأن لديه طموحات كبيرة، كما أثبت احمدي نجادquot;.