رغم نفيهم لتهم التشدد واللجوء للعنف التي تلاحقهم، بات المجتمع المغربي ينظر بريبة إلى السلفيين العائدين بقوة إلى الفضاء السياسي والمجتمعيّ. هذا التيار استغلّ تفرّغ الحكم لملاحقة حركة 20 فبراير الاحتجاجية ليقوّي صفوفه ويعود بعنف.


أيمن بن التهامي من الرباط: تزداد يومًا بعد آخر صورة السلفيين سوادًا في نظر المجتمع المغربي، رغم المحاولات الجاهدة للدعاة المعتدلين لـquot;إطفاء نار التشددquot;، التي تعبث برؤوس بعض الأسماء المغمورة في الساحة.

سقط القناع

يرجع سبب ذلك، على حد تعبير مراقبين، إلى بعض الوقائع التي نزعت quot;القناعquot; وكشفت الوجه الحقيقي للمنتمين لهذا التيار، التي كانت آخرها هجوم 100 سلفي على القوات العمومية في طنجة (شمال المغرب)، خلال مسيرة نظموها في اتجاه مقر ولاية الأمن، للمطالبة بإطلاق سراح مفتّش عنه محسوب على هذا التيار، للاشتباه في تورطه في قضية إرهابية وجرائم أخرى.

غير أن المنتمين للتيار المذكور قدموا رواية أخرى بخصوص ما يتعرضون له، إذ أنهم يرون أن هناك جهات تحاول quot;تشويه صورةquot; السلفيين من خلال تضخيم بعض الوقائع التي يمكن أن تحدث في مختلف المجتمعات.

مشاكل اجتماعية لا دينية

يقول حسن الكتاني، أحد شيوخ السلفية الجهادية المفرج عنهم، إن quot;أي مسألة كان فيها طرف متدين تعطى صبغة دينية وهذا خطأquot;، مشيراً إلى أنه quot;يجب التعامل مع الناس على القدر نفسه من المساواة، بغض النظر عن خلفيات الأشخاصquot;.

وأكد حسن الكتاني في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;المشاكل لم تحدث من أجل الدين، بل من أجل مشاكل اجتماعيةquot;.

وأضاف quot;أنا اتحدث باسم الإسلام كله، والذي أراه أن هناك تضخيماً لبعض الأمور، إذ أن هناك وقائع معينة لا علاقة لها بالدين، بل بمشاكل اجتماعية موجودة في أي مجتمع من المجتمعات وتعطى صبغة دينيةquot;، مشيرًا إلى أنه quot;يجب التعامل معها على أنها مسائل اجتماعية لا غيرquot;.

مراقبة quot;20 فبرايرquot; عوضًا عن السلفيين

قال عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، إن المغرب خضع خلال السنتين الماضيتين، لاختراق جديد لتيار السلفية، الذي بات اليوم يحمل اسم (أنصار الشريعة) التي هي مزيج من شباب الهوامش الحضرية، الذي كان متدينًا بطريقة معتدلة وانتقل إلى التشدد مع أحداث الربيع العربي، وآخرين quot;رضعواquot; السلفية من أفراد عائلاتهم الذين عاشوا الاعتقال بعد أحداث 16 أيار/مايو الإرهابية في سنة 2003.

وذكر عبد الرحيم المنار اسليمي لـ quot;إيلافquot;، أن الدولة انشغلت، خلال السنتين الماضيتين، بمراقبة ظاهرة احتجاج quot;حركة 20 فبرايرquot;، ما سمح بعودة السلفيين إلى تنظيم أنفسهم من جديد، مستغلين المناخ الذي أحدثته هزات الربيع العربي.

السلفيون الجدد

أكد رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، أن تقارير تشير إلى أن شمال المغرب وحده يضم حوالي 17 ألف سلفي مابين معتدل ومتشدد، مبرزًا أنه، quot;خلال موجة الاحتجاجات، خرج (السلفيون الجدد) إلى الشارع للمرة الاولىفي المغرب، وبدأوا يعيدون بناء تنظيماتهم من جديد، ويخترقون المجالات غير المراقبة من طرف الدولة، كمجالات التجارة الحرة غير المنظمة في شوارع وأزقة بعض المدن، بل إنهم دخلوا في صراعات عنيفة للحفاظ على هذه الفضاءات غير المراقبة من طرف الدولة لما حاولت إعادة مراقبتها، ما يعني أننا أمام سلفيات متشددة بدأت تقود مواجهات (اختبارية) مع السلطة أو مع باقي مكونات الساحة العمومية في الأحياء والأسواقquot;.

quot;أنصار الشريعةquot; تتغوّل

وذكر أنها quot;باتت ترسم لها مواقع جغرافية تستعصي على الاختراق الأمني (سلفيو بني مكادة بطنجة ndash;الشيشان بالقنيطرة ndash; سلفيو سيدي يوسف بنعلي وحربيل بمراكش ndash; سلفيو سيد الطيبي ...)، لكن الظاهرة الخطيرة هي أن هذا النوع من السلفية بدأ ينجح تدريجياً في الانتقال من ظاهرة حضرية إلى ظاهرة قروية، ومن المتوقع أن يتقوى هذا التيار الجديد المسمى بـ (انصار الشريعة) نتيجة الإفراج عن دفعة من (الجهاديين المفترضين) من السجون سنة 2013 بعد قضائهم لمدة عشر سنوات (حوالي 90 سجيناً) كانوا قد اعتقلوا بعد أحداث 16 مايو، والتقائهم بالجيل الجديد من السلفيين، في مرحلة تشير العديد من المعلومات إلى أن السلفيين الجدد أو انصار الشريعة هم تنظيم للقاعدة في ثوب جديد لمرحلة ما بعد الربيع العربيquot;.

وقال عبد الرحيم المنار اسليمي إن السلفية الجهادية مرشحة للتوسع والالتقاء أكثر مع السلفية الجديدة المسماة بـ quot;أنصار الشريعةquot; بحكم أن لهما منطقًا واحدًا.

وكان حماد القباج، المنسق العام للتنسيقية المغربية لجمعيات دور القرآن، انتقد، خلال ندوة صحافية، ما سماه بـquot;حملات التشويهquot; من أجل quot;بث روح الكراهية ضد السلفيين في المغربquot;.