ضيّقت القوى الشعبية العراقية الخناق على نوري المالكي وحذرت من ثورة شعبية بسبب انفراده بالقرارات السياسية المتعلقة بادارة الدولة، داعية إلى الاصلاح وتحقيق الوحدة الوطنية.


لندن: في تطور خطير حذرت كبرى القوى الشيعية العراقية ومعها شخصيات مستقلة منضوية في الائتلاف الوطني، باستثناء تنظيم رئيس الوزراء، من ثورة شعبية في أنحاء البلاد بسبب الانفراد في القرارات السياسية المتعلقة بإدارة الدولة، وفقدان الخدمات في خطوة يبدو أنها تضيّق الخناق على المالكي الذي يواجه أصلا تظاهرات احتجاج واسعة من أجل تغيير سياساته أو إسقاط حكومته .

تحذير من انتفاضة شعبية

حذر الائتلاف الوطني العراقي من انتفاضة جماهيرية مليونية، تجتاح معظم المحافظات بسبب غياب الخدمات والأداء السياسي السيئ للقوى التي شكلت الحكومة بشكل لم يرتق إلى المستوى المطلوب. ويضم الائتلاف كلاً من المجلس الأعلى الاسلامي بزعامة عمار الحكيم، وتيار الإصلاح برئاسة ابراهيم الجعفري زعيم الائتلاف الشيعي، رئيس الوزراء السابق والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، وأحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي، وحزب الفضيلة ومنظمة بدر إضافة إلى شخصيات مستقلة.

وقال الائتلاف إن العراق يشهد موجة من التراجع الواضح في سلّم الأولويات التي وضعتها الحكومة والقادة السياسيون العراقيون، في مواجهة مجمل التحديات التي يعيشها البلد والمحيط العربي ودول الجوار، وإزاء ذلك فإنه يشعر أن الأداء السياسي للقوى التي تشكل الحكومة، لم يرتق إلى المستوى الذي ينسجم والاستجابة الموضوعية للتحدي، والقيام بالمسؤوليات التاريخية الراهنة. وأكد أنquot;الازمة الراهنة بحاجة إلى شراكة حقيقية في تحمل المسؤولية وتهدئة من كل الأطراف التي تشكل عنوان الأزمة الحاليةquot;.

ورفض الائتلاف الوطني في بيان صحافي اليوم الجمعة حول التطورات الخطيرة التي تشهدها الساحة العراقية حالياً، ما أسماها quot;التخرصات الطائفية التي انطلقت من هنا وهناك هذه الأيام، ويدين بشدة أي فريق ومن أي موقع أو مكان تصدر منهquot;. ودعا إلى مزيد من بذل الجهود لتحقيق الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات التي تواجه الوطن والمواطن، وإلى إطلاق سراح الأبرياء الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء العراقيين، واحترام استقلالية القضاء وإبعاده عن ضغوط سياسية تستهدف التأثير على قراراتهquot;.

وطالب الائتلاف العراقيين بمواجهة quot;التطورات العنيفة وتصاعد وتيرة القسوة في طرح الشعارات المرفقة والمطالب المشخصنة، بالمزيد من الوعي الوطني، والتماسك الشعبي والتلاحم الاجتماعي لتفويت الفرصة على المتربصين بالعراق وأهله ونظامه الديمقراطيquot;. وأكد quot;أن الوحدة الوطنية مطلب مصيري مبني على قاعدة أن الشعب العراقي وحدة اجتماعية وسياسية وبشرية واحدةquot;.
وأضاف أن الشراكة الوطنية لم تعد مطلب تشكيل حكومة، بقدر ما هي خيار استراتيجي يتماسك الجميع تحت رايته درءًا للأخطار وحماية البلد من السقوط في مستنقع الفتنةquot;.

وتشهد العاصمة بغداد حاليًا إجراءات مشددة تمثلت بانتشار كثيف للقوات الحكومية التي قطعت الشوارع والطرق الرئيسة وهو ما أدّى إلى اختناقات مرورية غير مسبوقة. وانتشر الآلاف من عناصر الجيش والشرطة الحكوميين بالإضافة إلى عناصر تابعة لقوات خاصة في الشوارع والتقاطعات الرئيسة في مختلف مناطق بغداد، مشكلين نقاط تفتيش ثابتة ومتحركة.

واليوم قال المالكي في كلمة له في مؤتمر المصالحة الوطنية إنه مستعد لتحمل مسؤولية جميع الاخفاقات في عمل الحكومة، لكنه استدرك قائلاً quot;إن الحكومة تضامنية، والبرلمان تضامني بين مختلف الشركاء السياسيينquot; محذرا من فتنة طائفية تعيد الاقتتال الطائفي بين العراقيين، في إشارة إلى التظاهرات الواسعة التي تشهدها حالياً محافظة الأنبار بمشاركة آلاف المحتجين من محافظات أخرى.

ومن جهته، دعا الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمداً المرجع الشيعي الأعلى في البلاد آية الله السيد علي السيستاني خلال خطبة الجمعة في كربلاء (110 كم جنوب بغداد) إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية، وعدم تسييس القضاء، وشدّد على ضرورة تشكيل خلية أزمة من قبل أمانة العاصمة والوزارات لتخفيف معاناة المواطنين، جراء دخول المياه إلى منازلهم، بفعل الأمطار الغزيرة وبشكل غير مسبوق أمس الاول. وأكد ضرورة العمل على حل الأزمات التي تشهدها البلاد حالياً وعدم تركها تتفاقم وبشكل يؤذي المواطنين.

ضرورة إصلاح الدولة

وأكد الائتلاف الوطني في بيانه، ضرورة تفعيل مشروع إصلاح الدولة بقوة من خلال تطبيق الدستور وفصل السلطات، واحترام القضاء وعدم التفرد بأي قرار يتعلق بإدارة الدولة العراقية والشؤون السيادية انطلاقاً من حماية المصالح الوطنية، والعمل بمبدأ التوافق الوطني وتحكيم الدستور في حل الإشكاليات القائمةquot;.

وقال إنquot; مسؤولية التصدي لتحقيق أهداف شعبنا المشروعة، ومواجهة التحديات التي تحيط بمسيرته تتطلب تظافر الجهود الخيرة لكافة القوى السياسية وفي كل أجهزة الحكومة بعيداً عن المحاصصة والتمييز وعدم تحكيم معايير الكفاءة والنزاهةquot;.

الخدمات الغائبة

وشدد الائتلاف على ضرورة إعادة النظرة الحقيقية بموضوع الخدمات الغائبة quot;تحاشياً لحصول انتفاضة جماهيرية مليونية، قد تجتاح جميع محافظات العراق، كما اجتاحت الأمطار الأحياء والمدن والشوارع دون وجود بنية تحتية لمواجهة هذه الخروقات البيئية، بسبب سوء الخدمات رغم أن الميزانية العراقية صرفت المليارات على تأهيل هذه المنشآت الحيوية دون أثر ملموس ما يعكس ضعف التخطيط والتنفيذquot;.

توسع الاحتجاجات واستعدادات لأخرى وسط بغداد

ومنذ أيام ترتفع الدعوات في محافظة الأنبار الغربية ضد سياسات المالكي، سرعان ما توسعت لتشمل محافظات جنوبية وشمالية انضمت إلى المتظاهرين، وسط مخاوف من أن تقود هذه الأوضاع إلى الانفصال في اقليم خاص أسوة بإقليم كردستان، خاصة وأن الدستور العراقي يقر إنشاء الفيدراليات .
واندلعت الاحتجاجات الأسبوع الماضي بعدما اعتقلت قوات تابعة لمكتب المالكي في القيادة العامة للقوات المسلحة حراس وزير المالية القيادي في العراقية رافع العيساوي.

ويغلق آلاف المحتجين حاليا الطريق السريع الرئيس في الرمادي التي تبعد 100 كيلومتر إلى الغرب من بغداد، والذي يربط العراق بسوريا والأردن وذلك لليوم الخامس على التوالي معطلين نقل إمدادات حكومية على طريق تجاري رئيس من وإلى الأردن وسوريا، لكن المحتجين يسمحون بمرور أغلب الشاحنات التي تحمل بضائع تخص القطاع الخاص من طريق آخر عبر الرمادي.

وهدد الشيخ علي حاتم سليمان، شيخ عشيرة الدليمي التي تهيمن على الرمادي ومحافظة الأنبار أكبر محافظات البلاد مساحة، قائلاً إنه إذا لم تتعامل الحكومة بجدية مع مطالب الشعب فسوف ينقل المحتجون معركتهم إلى بوابات بغداد. وحذر من أنهم قد يلجأون إلى العنف مذكراً بالدور الذي لعبته عشائر الأنبار في البداية في محاربة الاحتلال الأميركي، ثم بعد ذلك عندما تحالفت مع القوات الأميركية وحكومة بغداد لاحتواء مقاتلي القاعدة في المنطقة وشدد بالقول quot;إنهم سيقاتلون الحكومة في بغداد مثلما حاربوا القاعدة والأميركيينquot;.

ومن جهتها، تستعد quot;حركة شباب التغيير من أجل الحريةquot; لتنظيم احتجاجات وسط بغداد في الخامس والعشرين من الشهر المقبل تحت شعار quot;جمعة الغضب العراقي الثانيةquot; وذلك في الذكرى الثانية لانطلاق احتجاجات المدن العراقية ضد الفساد وفقدان الخدمات والتي واجهتها السلطات بالقمع والاعتقالات.

وقالت الحركة في بيان تسلمته quot;إيلافquot; إن المحتجين لن يحملوا السلاح، ودعت الجيش وقوى الأمن إلى حماية التظاهرات والاحتجاجات التي يضمنها الدستور، وطالبت وسائل الاعلام العراقية والعربية والأجنبية بتغطية هذه الاحتجاجات بمهنية ودون انحياز .

وقالت الحركة quot; لا نعادي ايران ولا السعودية كما لا نعادي بريطانيا ولا أميركا: نحن حركة تغيير وطنية تريد بناء وطن مستقل، له علاقات متوازنة مع الجميع ولتحقيق مصالح العراق أولاً.. لا خروج عن القانون ولا عن الدستور لسحب البساط من تحت الذين يبررون القمع والاعتقال والقتل، بأنهم يطبقون الدستور، ولن نوجه أي إهانة لأي مسؤول، لكننا لا نثق بهم وندعوهم إلى التوبة عما فعلوه عمدا أو عن غير عمد والانضمام إلى التغيير .. الكل يتهم الكل بالفساد وكلهم يجب أن يرحلوا عن سدة الحكم والبرلمان.. القضاء متهم بالفساد والحكومة متهمة بالفساد والبرلمانquot;.

وأشارت الحركة إلى أن العراقيين يطالبون quot;بحل الحكومة والبرلمان، وإجراء انتخابات حرة نزيهة بإشراف دولي محايد وان تجري الانتخابات فردية، وتشكيل حكومة تصريف أعمال إلى ما بعد الانتخابات وحرمان كل الذين شاركوا في العملية السياسية لأنهم فاسدون وأفسدوا الديمقراطية، والذين دعموا الإرهاب وأجرموا بحق الشعب العراقي من الانتخابات، فالبعثيون لا يحق لهم الترشيح ورجال امن صدام والعسكريون لا يحق لهم الترشح ورجال الدين لا يحق لهم الترشحquot;.