اختلطت فوضى مياه الامطار التي تواصلت في مدن العراق بالفوضى السياسية التي تطوق البلاد منذ أشهر، فتسببت بتعطل حركة السير والخدمات ومحاصرة مناطق داخل برك المياه.
بغداد: هطلت الأمطار بغزارة على مدن العراق طوال يوم وليلة الثلاثاء بشكل متواصل فتسببت بفيضانات في الشوارع والطرقات وطالت أعداداً كبيرة من المنازل.
وطغت شدة المياه التي لم تشهدها مدينة بغداد وبقية المحافظات منذ نحو 30 عاماً على أخبار السياسة التي تعصف بالعراقيين من خلال الأزمات المتواصلة بين الكتل السياسية.
نسبة الأمطار الهاطلة فاقت حجم مئة سم كل ساعة. وبلغت المشكلة في العاصمة بغداد أشدها بسبب ازدحامها بعدد السكان حين تستوعب طاقتها العمرانية مليوني ساكن، فيما يقطنها اليوم اكثر من ستة ملايين. وشكلت الحكومة لجنة لمعالجة الفيضانات برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي.
الدوائر الخدمية أعلنت حالة الانذار القصوى بين منتسبيها طوال يوم وليلة الثلاثاء وصباح الأربعاء، لسحب ما يمكن من مياه الامطار والمساعدة في تنظيم حركة المرور، حيث تسبب تسرب المياه إلى محركات السيارات بتعطيل الكثير منها وسط الشوارع، فيما اضطر ركاب الحافلات للسير داخل برك المياه التي انتشرت في الشوارع والساحات للوصول إلى منازلهم التي تضرر عدد منها.
الامانة العامة لمجلس الوزراء أعلنت اليوم الأربعاء عطلة رسمية بسبب فيضانات الامطار. للسيطرة على الفوضى العارمة التي اجتاحت المدن والقرى بسبب تواصل هطول الأمطار.
إيلاف جالت على عدد من مناطق بغداد خلال فترة ما بعد الظهر فكانت مناطق جانب الرصافة الاكثر تضرراً بسبب تهالك شبكة المجاري وعدم الانتهاء من المشاريع الجديدة، ففاضت مناطق الكرادة وبغداد الجديدة والقناة والغدير والكمالية والعبيدي، وشارع فلسطين ومدينة الصدر والنهضة والأعظمية، حيث شلت الامطار جميع مشاريع إصلاح الطرقات التي سيكون عليها الانتظار نحو أسبوعين حتى تسحب المياه وتجف الاراضي التي أصبحت هشة ليعاد تعميرها من جديد.
وحمّل عدد من سكان بغداد الدوائر البلدية والمقاولين مسؤولية التأخر في إنجاز المشاريع الخدمية، لأسباب عزوها للفساد الاداري والاهمال.
فيما فسر بعض منهم هذه الكمية من الأمطار المتواصلة بأنها دعوات مستجابة من قبل السياسيين، لينشغل المواطنون بكيفية معالجة ما تسببت به فوضى الامطار عن الفوضى السياسية التي لما تزل تتواصل فصولها مناكفات بين الكتل السياسية حتى نيسان المقبل حيث موعد انتخابات مجالس المحافظات.
أما في المحافظات ففوضى الامطار كانت أشد قسوة على السكان بسبب قلة الخدمات وازدياد الكميات المتساقطة عليها، اذ يتوقع الخبراء أن المناطق الجنوبية quot;ستصاب بفيضانات جراء تزايد سقوط الامطار، إذا لم تتخذ السلطات المحلية السبل الكفيلة لمعالجة ارتفاع مناسيب المياه وفتح مصاريفها باتجاه الأهوار والبحيرات الاصطناعيةquot;.
ويتوقع الخبراء أن تكون كميات الأمطار هذه السنة فوق المعتاد.
مصائب قوم عند قوم فوائد
لكن هجوم الأمطار على مدن العراق تحول إلى فرح واستبشار لدى الفلاحين في محافظة البصرة، الذين يرون أن الامطار التي هطلت ستتجمع في الأنهر المتفرعة داخل البساتين للاستفادة منها في إرواء الأراضي والخضروات، التي كان الفلاحون قد عزفوا عن زراعتها منذ أعوام طويلة بسبب عدم وصول المياه العذبة من فروع شط العرب.
من جانب آخر، أخلت إدارات عدد من المدارس الطينية مبانيها المتهالكة من جميع طلابها في وقت مبكر خوفاً عليهم من تهدم سقوفها، بعد أن بدأت الامطار تتسرب بغزارة عبرها، وفق ما أوردته شبكة الاعلام العراقي، وتوجد في مدينة البصرة نحو 700 مدرسة طينية.
كذلك حالت مياه الامطار دون مواصلة الزوار الشيعة المتوجهين سيراً نحو كربلاء لأداء زيارة مرقد الامام الحسين الذي تصادف ذكرى الزيارة الاربعينية له يوم الخميس المقبل. واحتمى هؤلاء الزوار في المخيمات المقامة على جوانب الطرقات الخارجية، لكن استمرار هطول الأمطار حاصرها وتسبب بزوال بعض منها.
وسهر عناصر الحواجز الامنية حتى الصباح متخوفين من استغلال الارهابيين للفوضى التي تسببت بها الامطار، للتسلل إلى بعض المناطق وتنفيذ هجمات إرهابية عادة ما تتواءم مع الخلافات السياسية.
وصباح اليوم الأربعاء، واصلت فرق الخدمات أعمالها، مستفيدة من حركة الريح القوية وسطوع الشمس التي ستساعد على سرعة جفاف الطرق.
وتتوقع التنبؤات الجوية هطول كميات من الأمطار مشابهة وربما تزيد عما هطل يوم وليلة الثلاثاء 25 ديسمبر 2012 الذي تزامن مع عيد الميلاد المجيد لدى المسيحيين الذين كانوا يخططون أصلاً لتقليص احتفالاتهم لكونها الذكرى الحزينة لأربعينية الامام الحسين بن علي بن أبي طالب.
أزمات السياسة
لكن ازمات الكتل السياسية لم تتوقف واستمر التناكف بين قادتها وأعضائها غير مكترثين بمعاناة السكان المحاصرين بمياه الأمطار.
فقد استمر التحالف الشيعي بمطالبته بشطب عضوية النائب أحمد العلواني quot;السنيquot; الذي يتهمه التحالف بشتم الشيعة ووصف قادتهم بعملاء ايران وشبههم بالقردة والخنازير. فيما ينفي العلواني ذلك ويقول إن المطالبة بشطب عضويته بنيت على كذبة.
وقال العلواني لـوكالة انباء quot;السومرية نيوزquot;، إن quot;التصريح الذي نسب لي بأنني تلفظت بكلمات مقززة عن أهلي الشيعة في العراق عار عن الصحة، خاصة وأن عشيرتي تمثل خليطاً من السنة والشيعةquot;، مهدداً quot;بمقاضاة الجهة التي نسبت له ذلكquot;.
لكن أعضاء في إئتلاف دولة القانون صرحوا بأن لديهم دليلاً مسجلاً على شريط فيديو لتصريحات العلواني كانت نقلتها مباشرة فضائية بغداد التابعة للحزب الاسلامي.
وضمن السياق نفسهتتواصل أزمة توقيف عناصر من حماية وزير المالية العراقي رافع العيساوي بتهم إرهابية، حيث يقطع أنصار العيساوي في محافظة الانبار الخط السريع الواصل نحو الادرن وسورية مطالبين بإطلاق سراح الموقوفين، فيما يرى مجلس القضاء أن الموقوفين ينتظرون محاكمتهم ولا يمكن اطلاقهم.
التعليقات