يستعيدبرلمان العراق حقبة ولادته قبل نحو قرن من خلال معرض تذكاري يجسد الدورة الاولى لمجلس النواب العراقي، لكن بالمقارنة بين الواقع الحالي وسابقه يتبين أن البرلمان الأول كان أكثر انسجاما مما هو عليه الحال الآن.


بغداد: بعد مرور نحو قرن على انعقاد أولى جلساته، بدا مجلس النواب العراقي لدى ولادته عام 1925 اكثر انسجاما مما هو عليه اليوم، رغم انه كان آنذاك يمارس عمله في ظل الاحتلال البريطاني.
واقيم على مدى يومين معرض تذكاري في بغداد يجسد الدورة الاولى لمجلس النواب العراقي الذي كان حينها الثاني من نوعه في المنطقة العربية بعد مصر.
ورغم قلة المقتنيات التي عرضتها دائرة البحوث التابعة للمجلس في مبنى البرلمان في وسط بغداد، الا ان عددا من الصحف والكتب والبحوث التي عرضت اعادت الى الذاكرة تاريخ هذا المجلس وبينها صورتان لانعقاد جلسة برلمانية.
وتشكل المجلس النيابي الذي كان يطلق عليه انذاك اسم مجلس الامة العراقي في كانون الاول/ديسمبر عام 1925 بدورته الاولى وبقي لثلاث سنوات، وضم 88 مقعدا حصل اكراد العراق على 18 بالمئة منها.
ومثل هذا المجلس نواة الحياة الديمقراطية في العراق، علما انه خلا نهائيا من تمثيل المرأة التي منعت من الانتخاب والترشح.
ويقول فراس الجابري احد المسؤولين عن المعرض لوكالة فرانس برس ان هذا الحدث quot;يأتي لاستلهام الماضي في الحياة الديمقراطية العراقيةquot;.
ويضيف quot;بدأنا جمع الوثائق والصور منذ ثلاثة اشهر وعدنا الى دائرة الوثائق العراقية ومحافظة بغداد للبحث عن كل ما يتعلق بهذه المرحلة من الزمنquot;.
واكد الجابري عدم تمكن المعرض من الحصول على صور لجلسات البرلمان باستثناء صورتين وذلك بسبب ضياع معظم الوثائق والصور اثر الحرائق والحروب التي مرّت على البلاد خلال القرن الماضي.
وتزعم اول برلمان عراقي رجل الدين الشيعي محمد الصدر.
ويقول القيمون على المعرض انهم طلبوا مساعدة السفارة البريطانية في الكشف عن وثائق معينة، الا انهم لم يحصلوا على ذلك.
ويشار الى ان الفترة التي انتخب بها البرلمان الاول كانت تخضع خلالها البلاد للاحتلال البريطاني الذي فرض العملة الهندية الروبية في التعاملات التجارية بدلا من العملة العثمانية انذاك.
وبلغت اول موازنة صادق عليها البرلمان العراقي 53 مليونا و920 الفا و665 روبية، وتعادل اليوم حوالى مليون دولار.
ومن المقتنيات التي عرضت ايضا، اول عدد لصحيفة quot;الوقائعquot; العراقية الحكومية والصادرة في العام 1922، واول نسخ من صحيفة quot;الزوراءquot; التي صدرت في عام 1925 وكانت اول صحيفة عراقية مستقلة.
وتعاقد القيمون على المعرض مع دور نشر قامت بعرض مطبوعات تجسد هذه الحقبة التي كانت تعد اكثر انسجاما بين طوائف العراق ومكوناته، على العكس من الفترة الحالية التي تشهد تناحرا طائفيا واتنيا غير مسبوق بعد حوالى مئة عام على بداية العمل السياسي في البلاد.
وفي هذا السياق، يقول النائب والوزير السابق وائل عبد اللطيف ان quot;ما سجله العراق في تاريخه كان شيئا رائعا وشاهدا على تطور كبير حيث اسس دولة مستقرة وقوة اقتصادية على الرغم من قلة الموارد النفطية في ذلك الوقتquot;.
ويضيف quot;لكن مع الاسف العملية السياسية الحالية صعبة بسبب ارتفاع الهوة بين ابناء الشعب وتمزقهم على المسائل الطائفية التي غذتها الدول المحيطة بالعراق في المنطقةquot;.
وعاش الدستور الذي اقره اول برلمان، اطول فترة في تاريخ العراق السياسي حيث استمر منذ عام 1925 وحتى الانقلاب العسكري الذي نفذه عبد الكريم قاسم في العام 1958.
وبهذا الصدد، قال عبد اللطيف ان quot;كل دساتيرنا تنتهي بالقوة وليس بالارادة الوطنية او السلمية، لكن الدستور الذي اقر بعد العام 2003 يؤسس الى وضع جديد ودائمquot;.
واوضح ان quot;الدولة من الان فصاعدا مرشحة ان تلعب دورا محوريا لكن الدول الاقليمية لا تريد لهذه الدولة ان تقوم، وتتدخل بشكل طائفي فيها، وبضغط اقتصادي او تعطيل الاستثمارquot;.
وتابع quot;نتمنى ان يعي السياسيون هنا هذه المؤامرات وان ينسوا خلافاتهم وينطلقوا في بناء بلدهمquot;.