أقر إعلاميون سوريون عملوا في الإعلام الرسمي أن دورهم كان بمثابة quot;القتل بالكلمةquot; مؤكدين أنه لا يمكن مواصلة ارتداء القناع طوال الوقت.
باريس: لمى الخضرا تختصر العمل الذي كانت تقوم به في اذاعة دمشق الرسمية بهذه العبارة quot;مهمتنا كانت القتل بالكلمة !quot;، وهي مع اثنين من زملائها من العاملين في هذه الاذاعة اعلنوا الجمعة من باريس انشقاقهم عن النظام والانضمام الى المعارضة المناهضة للرئيس السوري بشار الاسد.
وقالت لمى بعدما تلت quot;اعلان الانشقاقquot; داخل احدى المكتبات في وسط باريس: quot;من الصعب ارتداء قناع طوال الوقت، كان علينا الكلام مثل رجال النظام والتفكير مثلهمquot;.
خلال عملها اليومي كمسؤولة برامج في اذاعة دمشق الرسمية كان على لمى اختيار كلماتها بعناية. تقول: quot;لم يكن يحق لنا سوى استخدام اخبار وكالة الانباء الرسمية (سانا) والتشهير بالمعارضين، ولم يكن الامر سهلاً علينا. كان علينا أن نقول quot;جماعات مسلحةquot; بدلاً من quot;متظاهرينquot; وquot;مؤامرةquot; بدلاً من quot;احتجاجquot;quot;.
وروت حالة الرعب التي كانت تسود في مكاتب التحرير، حيث لم يكن أحد يجرؤ على مشاهدة أي قناة تلفزيونية غير القنوات الرسمية. وتقول: quot;كان من المجازفة بمكان مشاهدة قناة الجزيرةquot; المعروفة بمعاداتها لنظام الاسد. وتختصر الوضع بالقول: quot;في قاعات التحرير التابعة للاعلام الرسمي كان الكثير من الصحافيين يعيشون عذابات الشعبquot;.
من جهته، قال كمال جمال بيك مدير البرامج في الاذاعة والمشرف على موقع الاذاعة والتلفزيون الرسميين على الانترنت: quot;لقد استدعت اجهزة الاستخبارات عددًا منا للتحقيقquot;، موضحاً أنه استجوب ثلاث مرات.
اما بدور عبد الكريم المسؤولة السابقة عن القسم الثقافي في الاذاعة الرسمية، وهي ثالثة المنشقين، فقالت quot;إن العمل في وسيلة اعلام رسمية في سوريا يوازي العمل في سجن غير مرئي. لم نكن صحافيين. البعض منا كان يوالي النظام ولا يخفي ذلك، والبعض الآخر كان يواصل العمل، فقط لأن لا مجال له لغير ذلكquot;.
يروي كمال جمال بيك دور quot;الخبراء الايرانيينquot;. يقول: quot;داخل الاذاعة تم انشاء قسم يعمل فيه خبراء ايرانيون في الاعلام يتكلمون العربية بطلاقةquot;، حيث كان الصحافيون الاكثر ولاء للنظام يتلقون التدريب على ايديهم، أو يرسلون الى بيروت للتدرب في تلفزيون المنار التابع لحزب الله اللبناني.
بعدما تعرّض زميلهم محمد السعيد للقتل على ايدي مجموعة جهادية في تموز/يوليو الماضي قرر الثلاثة مغادرة سوريا. وهكذا انتقلوا من سوريا الى لبنان قبل أن يصلوا الى باريس قبل ايام بمساعدة السلطات الفرنسية.
وقالوا في اعلانهم إن المغادرة كانت صعبة، الا أنهم قرروا الرحيل، بعدما اعتبروا أن ما كانوا يذيعونه كان يوازي اطلاق النار على المعارضة. وهم يعيشون اليوم في احدى ضواحي باريس ويحلمون بانشاء اذاعة جديدة quot;تكون نواة الاذاعة الرسمية لما بعد سقوط الاسدquot;. واعتبرت بدور عبد الكريم أن هناك quot;فجوة بين المعارضين المقيمين في الخارج والثوار على الارضquot;.
واكد الثلاثة أنهم بالتعاون مع الائتلاف السوري المعارض يريدون انشاء اذاعة quot;تترجم نبض الثورة السورية لتعزيز الوحدة الوطنية بين السوريينquot;. ومنذ بدء الحركة الاحتجاجية في سوريا التي تحولت الى ما يشبه الحرب الاهلية انشق عشرات الصحافيين عن النظام، وغادرت غالبيتهم بشكل سري الى تركيا أو الاردن أو لبنان.
ويخشى الصحافيون، الذين لا يزالون يعملون في مقر الاذاعة والتلفزيون في ساحة الامويين، الخطف أو الاغتيال على ايدي الثوار. وقتل حتى الآن في سوريا 17 صحافيًا من الاجانب والسوريين يضاف اليهم 44 quot;مواطنًا صحافيًاquot;، أي من المواطنين الذين عملوا كصحافيين لنقل الاخبار الميدانية من مناطق يصعب على الصحافيين المحترفين الوصول اليها.
التعليقات