كشفت التحقيقات الأولية للنيابة العامة ولجنة تقصي الحقائق عن تورّط رموز من النظام السابق في تدبير أحداث بورسعيد، إضافة إلى 600 بلطجي، إستقدمهم رجل الأعمال جمال عمر المقرّب من جمال مبارك، فيما نفى عمر، الذي يقيم في أميركا، تلك الإتهامات، قائلاً إنه يعالج من مرض خطر.


المباراة التي أشعلت المأساة

القاهرة: ألقت اللجان الشعبية في بورسعيد على أحد المشتبه فيهم في الأحداث، واعترف في تسجيل فيديو، بثه أحد أعضاء اللجنة على موقع يوتيوب، أن أحدث بورسعيد تم التخطيط لها مسبقاً من قبل رجال نافذين في النظام السابق، على رأسهم رجل الأعمال الهارب إلى أميركا جمال عمر، الصديق المقرّب من جمال مبارك، نجل الرئيس السابق.

وقال المشتبه، ويدعى محمود السيد، من سكان حي السيدة خديجة في بورسعيد، إن عمر وبعض أعضاء الحزب الوطني المنحلّ جلبوا 600 بلطجيًا من خارج بورسعيد، لتنفيذ المذبحة.

صديق جمال مبارك ينفي

من جانبه، نفى رجل الأعمال جمال عمر، الصديق المقرّبمن جمال مبارك نجل الرئيس السابق حسني مبارك، الإتهامات الموجّهة إليه.

وقال في رسالة على صفحته في فايسبوك: quot;سرت فى الساعات الأخيرة أقوال كاذبة وشائعات مغرضة، تزعم بالباطل علاقتي بالحادث الأليم، الذي وقع أخيرًا في إستاد بورسعيد، وأنا أعلن أمام الله عز وجل وهو على كل شيء شهيد، وأمام جميع أهلي وإخواني في بورسعيد الحبيبة، ومصرنا العزيزة، أنه لا صلة لي على الإطلاق من قريب أو من بعيد بهذه الأحداث المؤلمة.

وأضاف عمر أنه يعالج في أميركا، مؤكداً أنه quot;في هذه اللحظات، ومنذ 15 نيسان/أبريل 2011 طريح الفراش، وما زلت فى الولايات المتحدة، عافاكم الله، وأعالج فيها حتى الآن، وقد غادرت مصر منذ هذا التاريخ، ولم أعد، وقد بلغني ما جرى في بورسعيد من أحداث دامية عقب إفاقتي من غيبوبة ألمّت بيquot;.

تواطؤ الشرطة

توصلت لجنة تقصي الحقائق، التي أوفدتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إلى إدانة الشرطة بالتقصير المتعمد في إيقاف الأحداث، ومنع قتل مشجّعي النادي الأهلي، وأورد تقرير للمبادرة لقاءات مسجلة بالفيديو مع بعض شهود العيان.

ووفقاً لتقرير اللجنة، فإن الشرطة كانت تعلم بالحادث قبل وقوعه بساعات، ونقلت عن شاهد عيان قوله quot;كنت في الطريق من بورسعيد إلى المنصورة الساعة 03:30، وكان معنا ضابط شرطة في السيارة، ترك الخدمة قبل المباراة بساعات، قائلاً: أنا هخلع على بلدي عشان فيه ناس هتموت النهاردهquot;.

فيما أفاد شهود عيان من الجماهير بأن quot;ضباط الشرطة منعوا العساكر من التصدي لأعمال البلطجة، ولم يستجب ضباط المباحث لنداءات المشجعين، التي طالبت باستدعاء سيارات الإسعافquot;.

وأضافوا أيضاً quot;اعتدنا على تفتيش دائم في مثل هذا النوع من المباريات، ومنع دخول زجاجات المياه والولاعات، وهذا ما لم يحدثquot;.

أسلحة في أيدي المشجعين

في السياق عينه، قال شهود عيان من مشجّعي النادي المصري quot;شاهدنا تسيّبًا وتساهلاً من الأمن، لم نر له مثيل، فالبوابة الغربية في الإستاد تركت مفتوحة منذ منتصف الشوط الثاني، وشاهدنا أسلحة بيضاء كثيرة في المدرجات أثناء المباراةquot;.

وتابع الشهود quot;تم فصل الإضاءة في الإستاد فور انتهاء المباراة، وكذلك تعرّضت التذاكر للسرقة قبل موعد المباراة بيومين، وتركت الأبواب الرئيسة للإستاد مفتوحة بدون تأمينquot;.

وأكدوا أنهم اعتادوا على quot;قيام الأمن بتأمين هذه النوع من المباريات قبل الإستاد بمسافة تتراوح من 2 إلى 3 كيلو مترquot;.

وقال شاهد عيان آخر، يدعى المهندس محمد مصلح، من مشجّعي النادي المصري في إفادته للجنة تقصي الحقائق، quot;لم يتم تفتيشنا أثناء الدخول على غير العادة، وفوجئنا بتواجد لمسلحين بيننا. كانت هناك فوضى في التنظيم والتأمين، رغم توقعات كثيرة بحدوث شغب، كما إن مجموعات بعينها لوّحت بالعنف، والأمن تعامل معها بتساهل وسط دهشتنا، وأطفأت إدارة الإستاد الأنوار، وسط الهجوم على مشجّعي الأهلي بشكل مريبquot;.

أحداث بورسعيد

66 ساعة فيديو

وكشف مصدر قضائي لـquot;إيلافquot; أن النيابة إستمعت إلى نحو 82 إفادة لشهود العيان. وأضاف أن بعض البلطجية، الذين ألقت الشرطة والأهالي القبض عليهم أثناء عمليات العنف، إدّعوا أنهم مموّلون من قبل قيادات سابقة في الحزب الوطني المنحلّ.

وأشار إلى أن هؤلاء ذكروا أربعة أسماء لنواب سابقين في مجلس الشعب وقيادات في الحزب المنحل، لكن ليست هناك أدلة كافية تدعم تلك الإدعاءات.

ولفت إلى أن اللجنة عاينت موقع الأحداث، وتوصلت إلى وجود أسلحة بيضاء بكثافة بحيازة الجماهير أثناء المباراة في مخالفة للقانون، منبهاً إلى أن النيابة شاهدت نحو 66 ساعة مسجلة لأحداث المباراة، نقلتها الكاميرات الخاصة بالإستاد، وعددها 33 كاميرا، سجلت كل واحدة منها نحو ساعتين من زوايا مختلفة.

وأكد أن هذه الكاميرات كشفت عن الكثيرين من المتورّطين في الأحداث، مبيّناً أن النيابة طلبت من الشرطة ضبط وإحضار نحو 192 من المشجّعين، الذين أظهرتهم الكاميرات، وبحيازتهم أسلحة بيضاء وquot;شماريخquot;، ونزلوا إلى أرض الملعب فور إنتهاء المباراة، وبدأوا في الإعتداء على لاعبي النادي الأهلي ومشجّعيه.

وبيّن المصدر أن الكاميرات كشفت أن الإعتداءات لم تشمل لاعبي ومشجّعي النادي الأهلي فقط، بل طالت أيضاً مشجّعي النادي المصري، مشيراً إلى أن ذلك يثير الكثير من علامات الإستفهام حول وجود تدبير مسبق للحادث.

12 قتيلاً جديداً

وتتواصل الإشتباكات بين قوات الشرطة والمحتجّين في محيط وزارة الداخلية، لليوم الثالث على التوالي، وارتفع عدد القتلىإلى 7 حالات منذ بدء الإشتباكات قبل ثلاثة أيام، إضافة إلى خمس حالات قتل في مدينة السويس، ليصل العدد إلى 12 قتيلاً.

وقالت وزارة الصحة في بيان لها إن الاشتباكات فى محيط وزارة الداخلية اليوم أسفرت عن وقوع 5 حالات وفاة، من بينهم 4 حالات في مستشفى القصر العيني، وحالة واحدة في مستشفى أحمد ماهر التعليمي.

أما حالتا الوفاة في أحداث أمس، فإحداهما في مستشفى شبرا العام، والأخرى في مستشفى القصر العيني.

وأضافت أن إجمالي المصابين اليوم السبت 4 شباط/فبراير الجاري بلغ 275 مصابًا، وتتراوح إصاباتهم ما بين كدمات وجروح وكسور وإصابات بطلقات الخرطوش.