مشهد من أمام وزارة الداخلية

تتوالى الأحداث في مصر مسببة وقوع مئات القتلى والجرحى، أتى آخرها على خلفية اتهام الأمن بالتقصير في أحداث استاد بور سعيد، ويحاصر نحو 50 ألف متظاهر مبنى وزارة الداخلية. كما حذرت السفارة الأميركية في القاهرة رعاياها من التجول في وسط القاهرة أو ميدان التحرير.


القاهرة: يبدو أن ليالي مصر الساخنة والعنيفة لن تنتهي، تلك الليالي التي بدأت مع أول ليلة من عام 2011، بتفجيرات كنيسة القديسين في الإسكندرية، مروراً بأحداث الثورة، منذ 25 يناير 2011،وليلة جمعة الغضب 28 يناير، و موقعة الجمل في 2 فبراير، ثم أحداث أطفيح في مارس، أحداث أمبابة في يونيو، أحداث السفارة الإسرائيلية في 9 سبتمبر، وأحداث ماسبيرو في 9 أكتوبر، وليالي محمد محمود في 18 نوفمبر، وليالي مجلس الوزراء في 18 ديسمبر، وانتهاء بليلة إستاد بورسعيد أمس التي راح ضحيتها 75 قتيلاً و470 مصاباً. وهاهي مصر تعيش ليلة دموية جديدة، حيث اندلعت إشتباكات بين الآلاف من المتظاهرين وقوات الأمن أمام وزارة الداخلية وسط القاهرة، على خلفية اتهام الأمن بالتقصير والتواطؤ في أحداث إستاد بورسعيد الليلة الماضية 1 شباط (فبراير) الجاري.

قتيلان في السويس

وأكد مصدر طبي وشهود أن محتجين اثنين على الأقل قُتلا عندما أطلقت الشرطة المصرية الرصاص الحي لتفريق حشد كان يحاول اقتحام مديرية الأمن في مدينة السويس في الساعات الأولى من اليوم الجمعة. وقال طبيب إنه تم نقل الجثتين الى المستشفى ووضعهما في المشرحة، مضيفاً أن الوفاة ناتجة من طلق ناري حيّ، نقلاً عن وكالة رويترز.

وأفاد شاهد عيان بأن المحتجين كانوا يحاولون اقتحام مديرية الأمن في السويس، وردّت قوات الشرطة باستخدام قنابل مسيلة للدموع ثم الرصاص الحيّ.

849 مصاباً أمام الداخلية

وجرت إشتباكات عنيفة بين الآلاف من المحتجين على خلفية مقتل 75 شخصاً، وإصابة المئات في إستاد بورسعيد، وبين قوات الشرطة أمام وزارة الداخلية المصرية، بالقرب من ميدان التحرير في وسط القاهرة، وتستخدم الشرطة الغازات المسيلة للدموع لفض التجمعات، ودحض محاولاتهم اقتحام مقر الوزارة، فيما يردّ المحتجون برشق القوات بالحجارة وزجاجات المولوتوف. وأصيب في الأحداث 849 حالة إصابة، حيث تم نقل 303 مصابين إلى المستشفيات، فى حين تم إسعاف 546 مصاباً في موقع الأحداث من خلال الفرق الطبية المنتشرة والمرافقة لسيارات الإسعاف والعيادات المتنقلة حسبما أعلنت وزارة الصحة في تقرير لها.

فيما قال الدكتور عبد الله إمام طبيب في مستشفى ميداني في ميدان التحرير إن عدد المصابين يصل إلى نحو 1500 مصاب، مشيراً إلى أن أغلبية الإصابات كانت بالإختناق نتيجة استنشاق الغازات المسيلة للدموع، أو كدمات أو جروح في الرأس نتيجة الرشق بالحجارة، والتدافع. وأشار إمام إلى أن هناك ستة مستشفيات ميدانية يعمل فيها أطباء متطوعون في منطقة وسط القاهرة في ميدان التحرير وميدان طلعت حرب وشارع محمد محمود ومسجد عمر مكرم، بالإضافة إلى سيارة الإسعاف التابعة لوزارة الصحة.

فيما حاول المئات من المحتجين إحراق سيارة تابعة للشرطة في ميدان طلعت حرب، القريب من وزارة الداخلية، وفي داخلها نحو سبعة جنود، بعد أن رشقوها بالحجارة وحطموا نوافذها. وتدخل المئات وأحاطوا بالسيارة التي تعطلت أثناء مرورها بالميدان في الطريق لمقر الوزارة، وصنعوا درعاً بشرياً حولها، حتى تم إصلاح العطل ورحيلها، وإنقاذ الجنود الذين كانوا غير مسلحين.

68 مصاباً من الشرطة

الاشتباكات في مصر تؤدي إلى إصابة المئات

وفي السياق ذاته، قال مصدر أمني لـquot;إيلافquot; إن الأوضاع في محيط وزارة الداخلية لا تبشر بالخير، مشيراً إلى أن الآلاف يحاصرون الوزارة، ويرشقونها بالحجارة والزجاجات الحارقة، وأضاف أن الجنود والضباط يلتزمون أقصى درجات ضبط النفس، ويستخدمون قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين، معلناً أنه لن يتم السماح لهم تحت أي ظرف من الظروف باقتحام الوزارة. ولفت إلى أن لدى الوزارة معلومات مؤكدة أن هناك مخططات لاقتحامها وإحراقها، وهذا المخطط قائم منذ اندلاع الثورة في 25 يناير 2011. وأوضح المصدر أن هناك نحو 68 مصاباً في صفوف جنود وضباط الشرطة، مشيراً إلى أن الإصابات تتنوع ما بين الإختناق أو الكدمات أو جروح بالرأس نتيجة قذفهم بالحجارة أو حروق نتيجة إلقاء زجاجات المولوتوف عليهم.

فيما قال اللواء إبراهيم يوسف وزير الداخلية إن لديه معلومات تؤكد أن هناك محاولات لاقتحامها وإحراقها، مشيراً إلى أن القانون يمنحه الحق في الدفاع عن الوزارة، وأضاف في تصريحات تلفزيونية أنه أخطر النائب العام لمتابعة الواقعة على الطبيعة، حتى لا تلصق بهم تهما فيما بعد. ولفت إلى أن عدة آلاف من المتظاهرين، يقفون على بعد أمتار من الوزارة حاليا، وأنه يتم التعامل معهم باستخدام الغاز لإبعادهم عنها.

50 ألف يحاصرون الداخلية

ويحاصر نحو 50 ألف متظاهر غالبيتهم من التراس الأهلي مبنى وزارة الداخلية حاملين الطبول والدفوف، ويرددون هتافات quot;يا نجيب حقهم يا نموت زيهمquot;، quot;الشعب يريد إسقاط المشيرquot;، quot;ارحل ارحل ماتورطش الجيشquot;، quot;أنا مش جبان.. مش جبان.. ميت ميت في الميدانquot;، quot;يسقط حكم العسكرquot;، ويطالبون برحيل المشير حسين طنطاوي و إقالة وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، وعززت الوزارة من إجراءاتها الأمنية في محيط الوزارة، واستقدمت نحو 25 سيارة مدرعة، وعشرات حاملات الجنود من مقرات قوات الأمن المركزي. وأطفأت الأنوار في مبنى الوزارة، لا سيما في الأدوار التي تضم مكاتب الوزير وكبار قياداتها، الذين لا يزالون يمارسون عملهم في الداخل.

إشتباكات في السويس

واندلعت إشتباكات مماثلة أمام مديرية أمن السويس بين محتجين على أحداث إستاد بورسعيد، الذين نظموا مسيرة إلى مقر المديرية، ورددوا هتافات ضد الشرطة، تتهمها بالخيانة، والعمل على تدمير مصر، وأطلقوا الشماريخ عليها، فيما ردت قوات الأمن بإطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع، وأصيب نحو 34 شخصاً باختناقات نتيجة استنشاق الغاز.

قتلى بورسعيد من دون رصاص

وفي السياق ذاته، إنتهت معاينات النيابة العامة لاستاد بورسعيد إلى أن القتلى لم يسقطوا باستخدام الرصاص، ولكن ماتوا نتيجة الإصابة بكسور في الرأس، ووفقاً للتقرير المبدئي للنيابة فإن جميع بوابات المدرجات الخاصة بالنادي المصري محطمة تمامًا نتيجة الدفع من الداخل للخارج، بسبب محاولات جماهير الأهلي الهروب من الإستاد، وأشار التقرير إلى أن جميع بوابات مدرجات الأهلي محطمة من الخارج للداخل، بسبب الإعتداءات التي تعرضوا لها، بالإضافة إلى وجود مئات الشماريخ والألعاب النارية في تلك المدرجات. وأضاف تقرير النيابة أنه بعد معاينة الجثث وعدد كبير من المصابين، اتضح أن جميع حالات الوفاة والإصابات، ليست نتيجة طلقات نارية، مؤكداً أن غالبية الإصابات نتيجة كسور مضاعفة في أنحاء متفرقة من الجسد، خاصة في مناطق الجمجمة والرأس.

وأصدر النائب العام المصري قراراً بالتحفظ على غرفة التحكم في استاد بورسعيد بعد أن كشفت معاينة فريق النيابة لها عن احتوائها على 12 شاشة عرض تتحكم بـ 32 كاميرا تصوير، ما بين ثابتة ومتحركة سجلت جميع وقائع المباراة بدقة منذ بدايتها وحتى صباح اليوم التالي.

وقرر وضعها تحت حراسة أمنية مشددة، إلى حين الانتهاء من تفريغ كل محتوياتها، لا سيما التسجيلات المصورة.

السفارة الأميركية تحذر

إلى ذلك، حذرت السفارة الأميركية في القاهرة رعاياها من التجول في وسط القاهرة أو ميدان التحرير، وقالت في بيان لها: يجب على المواطنين الأميركيين الذين يعيشون أو يعملون في منطقة وسط القاهرة، الابتعاد عنها تماما، وتجنب منطقة ميدان التحرير والمناطق المحيطة به والابتعاد عن منطقة دار الأوبرا، حيث يقع مقر إتحاد كرة القدم المصري، والنادي الأهلي. وتوقعت السفارة إستمرار التظاهرات، إحتجاجاً على أحداث بورسعيد حتى نهاية الأسبوع.