نقابة عمالية مستقلة تؤيد الإضراب |
يحيي المصريون في 11 فبراير الذكرى الأولى لرحيل الرئيس السابق حسني مبارك، وسط دعوات للاضراب العام، وإجبار المجلس العسكري على تسليم السلطة لرئيس مدني. وتبنت الأحزاب الليبرالية واليسارية الدعوة في حين رفضتها القوى الاسلامية واعتبرتها محرضة على تعطيل البلاد.
القاهرة: في أجواء تشبه تلك التي كانت تسود مصر قبل إحياء الذكرى الأولى لثورة 25 يناير، يحيي المصريون الذكرى الأولى لإزاحة الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم. وتسيطر حالة من القلق الأقرب إلى الرعب على المصريين، لا سيما في ظل انتشار الدعوات للإضراب العام في ذلك اليوم، وحتى إجبار المجلس العسكري على تسليم السلطة لرئيس مدني منتخب. وكالعادة اختلفت القوى السياسية في ما بينها حول الدعوة للإضراب، ففي الوقت الذي تبنت فيه الأحزاب الليبرالية واليسارية والقوى الثورية الدعوة، رفضتها الأحزاب والقوى الإسلامية، معتبرة إياها بمثابة دعوات للتخريب، وتدمير الإقتصاد، بينما وقف الجيش على أهبّة الإستعداد، تحسباً لوقوع أعمال عنف أو حرق أو تخريب للمنشآت العامة، ووضعت خططاً ليقوم الجنود بسدّ أي عجز في المرافق الحيوية في حالة تنفيذ الإضراب فيها.
الإضراب حتى رحيل العسكر
تبنى نحو 143 حركة وحزبا سياسيا الدعوة للإضراب في الذكرى الأولى لرحيل الرئيس المصري السابق حسني مبارك، بهدف إجبار المجلس العسكري على الرحيل أيضاً عن السلطة، وتسليمها إلى مجلس رئاسي مدني أو إلى مجلس الشعب أو رئيس منتخب، وكانت حركة 6 أبريل في المقدمة، وقال محمود عفيفي عضو الحركة إن الإضراب لم يكن سوى الوسيلة الأخيرة ضمن وسائل الإحتجاج السليم على حكم العسكر، مشيراً إلى أن الثورة منذ 11 فبراير الماضي، خاضت جميع وسائل الإحتجاج السلمي من أجل تسليم السلطة إلى رئيس مدني منتخب، ولم تجد نفعاً، منها الوقفات الصامتة، والإعتصامات والتظاهرات والمسيرات.
وأضاف عفيفي لـquot;إيلافquot; أن الإضراب سيكون سلمياً، لافتاً إلى أن أحداً لم يتبن أية دعوات للعنف أو التخريب أو إحراق المنشآت العامة، معتبراً أن الهدف الأساسي من الإضراب الذي سيكون مفتوحاً هو إجبار المجلس العسكري على تسليم السلطة، والتحقيق بجدية في كافة حوادث العنف التي ارتكبت ضد المتظاهرين السلميين، منذ أحداث ماسبيرو، مروراً بأحداث محمد محمود ثم مجلس الوزراء، وأحداث بورسعيد، وانتهاء بأحداث وزارة الداخلية التي استمرت لمدة خمسة أيام بدأت بالتزامن مع الذكرى الأولى لموقعة الجمل في 1 فبراير الجاري.
الإمتناع عن تسديد الفواتير
أعلنت العديد من المؤسسات العامة المشاركة في الإضراب، ومنها نقابات عمالية وإتحادات طلابية، وعقدت 40 منظمة وحركة ونقابة إجتماعاً في مقر حزب غد الثورة برئاسة الدكتور أيمن نور رئيس الحزب، للتنسيق في فعاليات الإضراب، وقرر المجتمعون تنظيم مسيرات باتجاه مقر المجلس العسكري في وزارة الدفاع من ميدان التحرير وشتى الميادين في المحافظات باتجاه مقرّات قيادات المناطق العسكرية. ويشارك طلاب الجامعات في الإضراب من خلال الإمتناع عن الدراسة، وتنظيم وقفات ومسيرات إحتجاجية داخل أسوار الجامعات.
وقال الدكتور أيمن نور إنّ فعاليات الإضراب تتضمن عدة أشكال احتجاجية منها: الإمتناع عن الذهاب إلى العمل في القطاعين العام والخاص، باستثناء الأعمال الضرورية والحالات الإنسانية الطارئة، والامتناع عن تسديد الضرائب وفواتير الخدمات العامة كوسيلة سلمية للعصيان المدني، وأَضاف لـquot;إيلافquot; أن الإضراب لن يشمل المستشفيات لا سيما أٌقسام الطوارئ، مشيراً إلى أنه سيتم إنشاء غرفة عمليات لمتابعة فعاليات الإضراب، ورصد الإنتهاكات التي قد يتعرض لها المضربون عن العمل سواء في الجامعات أو في أية مؤسسة، وتقديم الدعم اللازم لهم.
وأكد أن الإضراب سيكون سلمياً، من أجل حزمة من المطالب على رأسها تسليم السلطة، وإجراء انتخابات الرئاسة أولاً، وعدم وضع الدستور في ظل سيطرة العسكر على السلطة، والتحقيق بشفافية في كل حوادث العنف التي تعرض لها المتظاهرون السلميون، واستكمال أهداف الثورة، وإعادة هيكلة وزارة الداخلية وتطهيرها من القيادات الموالية للنظام السابق الذين يقودون الثورة المضادة.
عصيان مدني
من شعارات 11 فبراير |
وقالت 40 حركة وحزبا وائتلافا ثوريا إن الإضراب يوم 11 فبراير مجرد خطوة أولى نحو الإضراب الشامل والعصيان المدني، وأضافت في بيان لها: الإضراب بمثابة إعلان من المصريين جميعاً رفضهم استمرار المجلس العسكري في السلطة أو إجراء انتخابات الرئاسة أو كتابة الدستور في ظل وجوده، وذلك بعد أن ارتكب هذا المجلس من الجرائم في حق شعبنا العظيم، ما يجعل من خروجه من السلطة دون محاسبة خيانة لدماء شهدائنا الأبرارquot;، ووصفت الحركات المجلس العسكري وحلفاءه بأنهم quot;يمثلون نظاماً سياسياً معادياً بطبيعته لمصالح وحقوق المصريين ومنحازاً بطبيعته أيضاً لرجال الأعمال الفاسدين الذين شاركوا مبارك ومن بعده هذا المجلس في نهب ثروات الوطن، وحرمان المصريين من أبسط حقوقهم في التعليم والصحة والسكن والأجر العادلquot;.
ورفعت القوى الموقعة على البيان حزمة من المطالب من بينها: عودة الجيش إلى ثكناته فوراً، وإقرار قانون لمحاكمة كل المتورطين في قتل الثوار منذ قيام الثورة وحتى مذبحة بورسعيد سواء كانوا من الجيش أو الشرطة وأياً كانت مناصبهم. تشكيل حكومة إنقاذ وطني ثورية تدير المرحلة الانتقالية منذ فتح باب الترشيح لانتخابات الرئاسة وحتى انتهاء الانتخابات، مع إقرار قانون جديد لانتخابات الرئاسة بعيداً عن الإعلان الدستوري غير الشرعي. إقرار قانون لتحديد الحدين الأقصى والأدنى للأجور والحد الأدنى للمعاشات. تثبيت العمالة الموقتة وضمان حقوقهم في عمل مستقر وضمانات اجتماعية ملائمة. ضم أموال الصناديق الخاصة إلى الموازنة العامة للدولة. إقرار قانون بإعادة هيكلة وزارة الداخلية والإعلام.
3 ملايين مضرب
توقع القيادي العمالي كمال خليل مؤسس حزب العمال أن يشارك في الإضراب في أول أيامه نحو 3 ملايين شخص، مشيراً إلى أنه قد يصل إلى جميع المصريين في حالة الإصرار على الإستمرار فيه، كما توقع أن تكون المشاركة الأكبر من عمال الغزل والنسيج في مدن المحلة الكبرى وكفر الدوار وشبين الكوم. وضرب مثالا بإضراب فرنسا العام 1968، الذي شارك فيه 12% من الفرنسيين في اليوم الأول، ثم ارتفعت النسبة تدريجياً، حتى أطاحت بالجنرال شارل ديغول. وقال إن الهدف هو إنهاء حكم العسكر وتحقيق العدالة الاجتماعية.
أصداء دولية
واتخذ الإضراب بعداً دولياً، لا سيما بعد أن أعلنت منظمة العفو الدولية تنظيم تظاهرات في 15 دولة، بالتزامن مع فعاليات الإضراب في مصر، وقالت المنظمة في بيان لها، إن الآلاف من مؤيديها وأعضاء اتحادات العمال وغيرها من الجمعيات سيشاركون في التظاهرة يوم السبت 11، شباط (فبراير) الجاري، تعبيرًا عن تأييدهم للمتظاهرين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشيرة إلى أن التظاهرات سوف تتم في دول: النمسا وبلجيكا وألمانيا وفنلندا وفرنسا وأيسلندا ولوكسمبورج والمغرب وهولندا ونيبال والنرويج وبارغواي وإسبانيا وسويسرا وبريطانيا.
الإسلاميون يرفضون
وفي المقابل، وفي الوقت الذي تبنت الحركات الثورية و العمالية التي يسيطر عليها الليبراليون واليساريون الإضراب، رفضته العديد من القوى الإسلامية والنقابات المهنية التي يسيطر عليها الإسلاميون، بالإضافة إلى حزب الوفد الليبرالي، ومنها جماعة الإخوان المسلمين، وقال الدكتور محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة، في تصريح صحافي، إن الحزب يرفض دعوات الإضراب والعصيان المدني، الذي يتزامن مع ذكرى تنحّي الرئيس المخلوع حسني مبارك، مشيراً إلى أن مصر لا تحتمل مزيدًا من تعطيل الأوضاع والإضرابات. ودعا المجلس العسكري إلى الالتزام بالجدول الزمني لنقل السلطة، وتحمُّل المسؤولية كاملةً تجاه أمن الوطن ومواطنيه. ووصف الدكتور محمود غزلان المتحدث باسم الجماعة أن الإضراب يهدف إلى نشر الفوضى في مصر وتعطيل حركة الإنتاج، وقال لـquot;إيلافquot; إن هناك خريطة طريق واضحة للمرحلة الإنتقالية، كما أن موعد الإنتخابات الرئاسية تم تحديده، بالتالي فليست هناك حاجة للإضراب، مشيراً إلى أن تلك الدعوات تصب في صالح تفكيك الدولة، ونشر الفوضى، وليس إجبار المجلس العسكري على الرحيل عن السلطة، لأنه بالفعل سوف يرحل في 30 حزيران (يونيو) المقبل.
الجيش مستعد
من ملصقات وشعارات الاضراب |
من جانبها، كثفت قوات الجيش تواجدها في محيط المنشآت الحيوية في البلاد مثل مقرات قناة السويس في مدن السويس والإسماعيلية، ومبنى الإذاعة والتلفزيون ووزارة الخارجية والسفارة الأميركية ومقر الحكومة، ووضعت الأسلاك الشائكة بكثافة في الطرق المؤدية إلى وزارة الدفاع مقر المجلس العسكري، المطارات، لاسيما مطار القاهرة الدولي، ومقرات المناطق العسكرية والجيشين الثاني والثالث في الإسماعيلية والسويس. وعادت المركبات العسكرية التي تحمل شعارات مثل: quot;حماية الشعبquot;، quot;الجيش والشعب إيد واحدةquot;، quot; لا لتخريب مصرquot;، لتطوف الشوارع في المدن الكبرى، لتعيد للأذهان الأيام التالية على جمعة الغضب في 28 يناير 2011، حيث كانت البلاد تعاني إنفلاتا أمنيا. ووضع خططاً بديلة للعمل في المؤسسات الحيوية في حالة الإضراب، تتضمن تعويض النقص من خلال جنود وضباط القوات المسلحة.
المصريون قلقون
وشعبياً، وبعيداً عن السياسية، تسيطر حالة من القلق على المصريين، لا سيما البسطاء خشية وقوع أعمال عنف واسعة، أو إحراق المنشآت العامة وأقسام الشرطة واقتحام السجون وعودة حالة الإنفلات الأمني مرة أخرى. وأصابت حمى الشراء المصريين الذين توافدوا على المحال التجارية لشراء الأغذية والمواد القابلة للتخزين، فيما كثفت البنوك والمولات التجارية الكبرى من إجراءاتها الأمنية، وسلحت رجال الأمن بأسلحة نارية. وقررت عدم ضخ أية أموال في ماكينات الصرف الآلي، تحسباً لوقوع أعمال عنف وتكسيرها والإستيلاء على ما بها من أموال. وقررت مكاتب البريد عدم وضع أية أموال في المكاتب بها، وأصدرت تعليمات إلى موظفيها بتوريد جميع الأموال إلى الفروع الرئيسة ومنها إلى البنوك في موعد أقصاه الثانية عشرة الخميس 9 فبراير الجاري، وهو ما تم بالفعل.
التعليقات