بدا الرئيس الفرنسي كمن يفقأ عينه بأصبعه عندما وافق على مشروع تمثال لزوجته، يكلّف دافع الضرائب عشرات آلاف اليوروهات في هذا الزمن الصعب. وبينما وصفه الاشتراكيون بالإساءة، انتقده بعض أنصار حزبه نفسه، قائلين إنه خدعة سياسية رخيصة.
كارلا بروني في بعض أزيائها البعيدة عن متناول الطبقات العاملة |
صلاح أحمد: لو كان نيكولا ساركوزي بلا متاعب، ولا يواجه احتمال أسوأ خسارة انتخابية ستكلفه الرئاسة وحياته السياسية بكاملها، لقيل إن إقامة تمثال لعقيلته الموديل السابقة والمغنية كارلا بروني قد يثير ضجيجًا وسط نقاده، لا يلبث أن يهدأ وسط غيره من الأحداث. لكن المشروع يأتي بمثابة ضربة موجعة أخرى لجسده المثخن بالجراح أصلاً.
التمثال، المقرر له أن يكون من البرونز، وبارتفاع مترين، من بنات أفكار عمدة عضو في حزب laquo;الاتحاد من أجل حركة شعبيةraquo; الذي يتزعمه ساركوزي. لكن الفكرة والإعلان عنها جاءا في أسوأ وقت بالنسبة إلى الرئيس الفرنسي، الذي يقف الآن شبه يائس إزاء إقناع شعبه بتجديد ولايته الرئاسية في الانتخابات الحاسمة بعد شهرين.
فالفكرة تبدو غريبة وتبديدًا لجهود ساركوزي الرامية إلى إعطاء الطبقات العاملة شعورًا بأنه يحسّ بآلامهم وتطلعاتهم في هذا الوقت الاقتصادي العصيب تحديدًا. ذلك أن تكاليف التمثال، الذي سينصب في ضاحية نوجون - سور - مارن الباريسية الشرقية ستبلغ 81 ألف يورو، تدفع نصفها شركة للإنشاء. لكن نصفها الآخر (أو أكثر قليلاً، وهو 41 ألف يورو) سيدفعها مجلس الضاحية البلدي، أي دافع الضرائب بعبارة أخرى.
ويقول البعض إن الغرض من مشروع التمثال نفسه مثل رشّ الملح على الجرح. فهو سيصوّر الموديل السابقة - المغنية، المعروفة بثرائها وظهورها بآخر صيحات الموضة (شانيل تحديدًا)، مرتدية زي عمّال المصانع laquo;الأوفرولraquo;. ونقلت الصحافة عن جان مارتان، عمدة الضاحية الواقف وراء المشروع، قوله إن الفكرة هي laquo;تخليد النساء- الإيطاليات بشكل رئيس - العاملات في مصنع لمعالجة الريش، الذي تستخدمه مختلف قطاعات الصناعات الفرنسية. وكارلا بروني أفضل تشخيص لهذا الأمر كله... على الأقل بسبب أصلها الإيطاليraquo;.
وقال فيليام غيب، وهو عضو المجلس البلدي نفسه عن الحزب الاشتراكي، إن المشروع برمته laquo;لا محل له مطلقًا في هذا الجو الذي تعيش فيه البلادraquo;. ومضى إلى حد وصف اختيار يروني (44 عامًا) المصنفة في طبقة أثرى أثرياء البلاد، بأنه laquo;إساءة إلى عاملات المصانع الإيطاليات... هذا هو الرأي السائد بيننا. لا شيء شخصيًا ضد بروني، وإنما مجرد الحقيقة القائلة إنها بعيدة إلى أبعد الحدود عن العلاقة بالكادحاتraquo;.
حتى أنصار ساركوزي لم يمتنعوا عن انتقاد مشروع التمثال، المقرر أن يُزاح ستاره في 20 مايو/أيار المقبل بعيد جولة الانتخابات الرئاسية الثانية. فقد وصفه ميشيل جيل، وهو من حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، بأنه laquo;خدعة ذات غرض سياسي رخيصraquo;.
ومع تنامي هذا الاتجاه الناقد من اليمين واليسار، سعت بروني من جهتها إلى النأي بنفسها عن المسألة كلها. وقالت متحدثة بلسانها: laquo;جاءت موافقة السيدة بروني - ساركوزي جزءًا من مهنتها السابقة كموديل. فكثيرًا ما يُطلب إليها أن تصبح الوجه لهذا المشروع أو ذاك، وهي تستجيب متى سمحت لها الظروف بذلك وبدون أجر مقابل. ومن المخجل أن يحاول البعض كسب معركة دعائية وهمية على ظهر الأمر كلهraquo;.
التعليقات