في منزل مستأجر خارج الحدود السورية، حيث يعمل أحد المنشقين، يتواصل واضعو الخطط بوساطة الانترنت عبر quot;سكايبquot; مع مقاتلين على الأرض في سوريا، في حين أن الآخرين يقومون بجمع المال، وتأمين الدعم المادي من المنفيين لشراء الأسلحة.


عناصر من الجيش السوري الحر في الزبداني

لميس فرحات: هذا المنزل يشكل لمحة عن الجيش السوري الحر، وهو مجموعة من المنشقين عن الجيش وغيرهم من الذين يستخدمون القوة من أجل الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.

برز الجيش السوري الحر باعتباره أملاً كبيرًا لكثير من السوريين، الذين تخلوا عن المقاومة السلمية ضد الحكومة، التي تستخدم الدبابات والقناصة لشنّ حملة قتل ضد المتظاهرين لقمعهم. لكن هذه المجموعة اللا مركزية مشتتة للغاية، وهي عبارة عن فصيل واحد فقط في المعارضة السورية، التي تعاني انقسامات عميقة، والمنقسم على نفسه في الوقت عينه.

وفي الوقت الذي تدرس فيه الدول الغربية والعربية احتمال تقديم الدعم المباشر لمعارضي الأسد، هناك تساؤلات خطرة حول ما إذا كانت أي جماعة من المعارضة السورية مستعدة لتوجيه دفة الحكم بعد أكثر من 40 سنة تحت حكم عائلة الأسد.

في هذا السياق، اعتبر موقع quot;هافينغتون بوستquot; الأميركي أن أعظمنقطة قوةللأسد هي ضعف المعارضة وانقسامها، وعدم وجود وحدة وطنية بين القوى المتباينة المعارضة له.

فمنذ اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد الأسد في شهر آذار/ مارس الماضي، ارتفعت جوقة من الأصوات ضد النظام. وإضافة إلى المقاتلين، هناك مجموعة من المنفيين البارزين، الذين يتمتعون بنفوذ لا بأس به في وطنهم، وبعض المنشقين، الذين قضوا سنوات في السجون السورية، جنباً إلى جنب مع الشباب اليائسين، إنما البارعون في أمور التكنولوجيا للتخلص من الدكتاتورية الخانقة.

تضم صفوف المعارضة الأيديولوجيات المختلفة والدوافع، من القوى العلمانية إلى المحافظين المتدينين إلى الراديكاليين. وهناك مخاوف من أن تنظيم القاعدة سوف يستفيد من حالة الفوضى من أجل السعي إلى زيادة نفوذه وتنفيذ هجمات على نظام الأسد.

سمح الجيش السوري الحر لوكالة أنباء quot;أسوشيتد برسquot; بزيارة واحدة إلى البيوت الآمنة خارج سوريا، مع الحرص عن عدم الكشف عن الموقع لتجنب المشاكل مع البلد المضيف.

يضم المنزل المستأجر الصغير نحو 50 منشقاً، يتواصلون مع بعض القادة في الميدان عبر quot;سكايبquot;، فيما يقوم البعض الآخر بتنسيق عمليات تهريب الإمدادات الطبية والمقاتلين عبر الحدود.

وقال المنشقون إنهم يعملون على وضع الخطط وتقديم المشورة للمقاتلين، أحياناً بعد التشاور مع النشطاء في الأردن، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة، والكويت والمملكة العربية السعودية. لكن حتى الآن، لم يتلقوا أي دعم مادي من الحكومات الأخرى.

وقال المنشق المعروف باسم quot;الطبيبquot;، وهو الاسم المستعار، الذي حصل عليه، بعدما عمل على علاج الجرحى قبل فراره من سوريا، quot;نحن جماعة يتيمة، تملك فائضاً من المقاتلين، لكننا نعاني عجزًا كبيرًا في الذخيرة والأسلحة والأموال لتمويل عملياتنا العسكرية ضد جيش الأسدquot;.

وأشار quot;الطبيبquot; إلى أن المقاتلين يملكون بعض الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، التي سرقت من الجيش، أو تم شراؤها من السوق السوداء - أو حتى من الأفراد الفاسدين من جيش الأسد.

من جهته، قال محمد جبوري (40 عاماً)، وهو سوري منفي يعيش في أوسلو ndash; النروج، إن التمويل يأتي من المنفيين في الخارج، مشيراً إلى أنه استطاع جمع مبلغ 20.000 دولار في الأسبوع الماضي من المغتربين السوريين في أوروبا والشرق الأوسط.

وقف أحد رجال المجموعة الصغيرة، التي تختبئ في البيت السرّي، وقام بإعطاء التعليمات لثلاثة شباب: quot;مزقوا صور الأسد أينما وجدت، أطرقوا على الأبواب، وتحدثوا إلى الناس لحشد الدعم، واصرخوا، وذكّروا الناس بأن جيش الأسد يقوم بقتل وتعذيب النساء والأطفالquot;. وأضاف: quot;قبل كل شيء، كونوا دائماً بالمرصاد للقناصة على أسطح المنازلquot;.

أما حمزة الحريري (30 عاماً)، وهو ميكانيكي دراجات نارية من درعا، تم تهريبه عبر الحدود السورية في الأسبوع الماضي، فيقول: quot;أنا لست خائفاً. كل الشعب السوري مستعد للموت من أجل التخلص من الطاغية بشار الأسدquot;.

على عكس مجلس الوطني الانتقالي في ليبيا، والذي استطاع جمع معظم الفصائل المتحاربة ضد نظام معمّر القذافي تحت مظلة واحدة، وسرعان ما تم الاعتراف به من قبل المجتمع الدولي، تبقى المعارضة السورية مشتتة، وليست لديها قيادة على الأرض.

يتكون المجلس الوطني السوري بشكل رئيس من مجموعة من السوريين المنفيين في الخارج. هذه المجموعة التي قدمت إلى الانتفاضة باعتبارها حركة سلمية ضد الأسد، تبدو اليوم منقسمة حول مدى تبني قوة مسلحة، لا تحمي المحتجين فقط، بل تنفذ أيضاً هجمات ضد النظام.

وفي الوقت نفسه، يبدو الجيش السوري الحر قلقاً من المجموعات الأخرى. فالمتحدث باسم المجموعة، محمد الشامي، قال quot;هناك بعض الأحزاب المعارضة، ولن أذكر أسماءهم، عرضت تمويل عملياتنا، لكن بشرط واحد، وهو أن نتبع جدول أعمالهم. ونحن رفضنا العرضquot;.

خلال عطلة نهاية الأسبوع، أعلن الجيش السوري الحر أنه توحد مع مجموعة أصغر من المنشقين، يسمّون أنفسهم quot;حركة الضباط الأحرارquot;، في محاولة لتنظيم صفوفهم تحت هيئة مجتمعة سمّيت بـ quot;المجلس الثوري العسكري الأعلى لتحرير سورياquot;.

وأعلنت هذه المجموعة عن مسؤوليتها عن هجمات على جنود النظام وقوات الأمن، ونصب الكمائن للقوافل في كثير من الأحيان أو نقاط التفتيش، مما أسفر عن مقتل العشرات من الجنود. وفي الوقت نفسه، فإنها تحاول إقناع المزيد من الجنود بالإنشقاق عن الجيش، والانضمام إلى صفوفها.

من المستحيل تحديد عدد المقاتلين المنضمين إلى الجيش السوري الحر. وقدًر دبلوماسي غربي، يتخذ من الأردن مقراً، ويراقب التطورات في سوريا، أن المجموعة تضم في صفوفها نحو 20000 شخصاً، أي ثلث العدد الذي تدّعيه.

وختمت الصحيفة بالقول: يدخل الصراع الآن مرحلة دولية، إذ تسعى الدول الغربية والعربية إلى مساعدة المعارضة، الأمر الذي قد يدفع الثورة إلى منحى أكثر طائفية، فالدول ذات الغالبية السنية، مثل تركيا والمملكة العربية السعودية، وممالك وإمارات الخليج، تصطف وراء المعارضة في معظمها. بينما تقف روسيا والصين إلى جانب الأسد، إضافة إلى دولة إيران الشيعية.