تريفور فيليبس |
من المحتم لبعض قضايا العصر أن تتصادم مع التعاليم الدينية. ولذا فعندما سعت الكنيسة الكاثوليكية البريطانية إلى إعفائها من بعض القوانين الوضعية، ردت المحكمة العليا بالنفي. ومن جهتها شبّهت جهة نافذة مطلبها بسعي الإسلاميين إلى إقامة حدود الشريعة.
laquo;المسيحيون (البريطانيون) الذين يجادلون بالقول إن تعاليم البلاد الدينية تعلو على القوانين الوضعية في حال خالفتها، لا يختلفون في شيء عن المسلمين (البريطانيين) الذين يريدون فرض أحكام الشريعة، على الأقل وسط جالياتهمraquo;.
هذا التشبيه هو ما خرج به تريفور فيليبس، رئيس laquo;لجنة المساواة وحقوق الإنسانraquo; وهو يخاطب منتدى عقد في لندن عن laquo;المجتمع المتعددraquo;.
فقال إن شرائع الأديان laquo;يجب أن تنتهيعلى أبواب الكنائس والمساجد والمعابد، وأن تنحسر بالكامل أمام القوانين التي يشرّعها برلمان البلاد لسائر المواطنين، ما إن خرج المرء من دار عبادتهraquo;.
وكان فيليبس يرد بهذا على رفض وكالات الكنيسة الكاثوليكية البريطانية المعنية بتبنّي الأطفال بشكل تام، ومن حيث المبدأ لقبول حقائق واقعة مثل التعامل مع laquo;عوائل المثليينraquo;.
وقاد هذا الوضع إلى قرار الكنيسة إغلاق كل وكالاتها العاملة في هذا المجال في انكلترا، باعتبار وصول القوانين الوضعية والسماوية إلى موضع لا يتسع لوجودهما معًا.
وفي العام الماضي، وفي أعقاب حكم صادر من المحكمة العليا، أصدرت laquo;لجنة التبنّيraquo; الحكومية قرارًا ينقض إعفاء وكالة كاثوليكية للتبني في مدينة ليدز الانكليزية من قوانين اللجنة، التي تحظر أن يكون التبني رهنًا بالعقيدة أو العرق أو الميول الجنسية أو كل ما من شأنه الدخول في باب التمييز.
وخلال الأسبوع ما قبل الماضي أصدر قاض في المحكمة العليا أيضًا حكمًا يقضي بمنع المجالس البلدية قانونيًا من إقامة الصلوات المسيحية في بدء اجتماعات طواقمها. وكان القاضي يحكم بذلك لمصلحة دعوى تقدم بها كلايف بون، وهو عضو ملحد في مجلس بلدية بيديفورد في جنوب غرب انكلترا. وقال بون إن في فرض الصلاة عليه خلال الاجتماعات تعدياً على حرية معتقدات، واتفقت معه المحكمة على ذلك.
وقال رئيس laquo;لجنة المساواة وحقوق الإنسانraquo; إن علىكل المؤسسات الدينية التي تقدم خدماتها إلى المجتمع الاختيار بين أمرين لا ثالث لهما، وهما احترام قوانين البلاد المستنّة للجميع بغضّ النظر عن اختلافاتهم، أو انتهاك هذا القانون في حال قررت أنها - أو بعضًا منها - تخالف تعاليم ديانتها.
جادل فيليبس بالقول إن سعي الكنيسة إلى إعفائها من الالتزام بقوانين البلاد عندما تتعارض مع تعاليمها الدينية أشبه شيء بسعي الإسلاميين إلى فرض أحكام الشريعة في المناطق التي تتكاثر فيها جالياتهم.
وقال إنه يحق لمرتادي الكنائس والمساجد والمعابد أداء شعائرهم كما يرون داخل هذه الدور. ولكن ما إن يتعلق الأمر بتطبيق التعاليم الدينية خارجها - مثل إقامة وكالات للتبني أو محاكم للشريعة تمسّ الجمهور ككل بشكل مباشر - فعليهم التقيّد بقوانين البلاد الوضعية، أو تُعتبر مارقة عليهم ويعاقبون على ذلك بالتالي.
وكما هو متوقع فقد أثار تصريحات فيليبس انتقادات الزعماء الدينيين من مختلف العقائد باعتبارها laquo;دكتاتوريةraquo;، بينما رحّبت بها في المقابل الجماعات العلمانية، باعتبارها laquo;السبيل الوحيد للتعايش السلمي بين أتباع الأديان المختلفة واللادينيين أيضًاraquo;.
وقال اللورد كيري، كبير أساقفة كنيسة كانتربري سابقًا، إن تشبيه المسيحيين في هذه الحالة بالمسلمين الساعين إلى فرض الشريعة laquo;أمر سخيفraquo;. ودعا النواب إلى النظر بعين خاصة إلى ما يرد في التعاليم السماوية لدى ممارستهم حقهم البرلماني في تشريع القوانين الوضعية.
من جهته قال كيث بورتيوس وود، من laquo;الجمعية العقلانية القوميةraquo;، إن فيليبس laquo;محق في كل ما أوردهraquo;. وأضاف قوله: laquo;لا مكان لشيء مثل المساواة الجزئية. فكل مرة تُعفى فيها جهة من سيادة قوانين البلاد، يكون هذا على حساب الحقوق التي تكفلها هذه القوانين نفسها لجهة أخرىraquo;.
التعليقات