انتخابات اليمن بروفة لمراحل تنافسية قادمة

توجه اليمنيون اليوم إلى صناديق الاقتراع، لينتخبوا مرشحهم الوحيد عبد ربه منصور هادي لاستبدال رئاسة علي عبد الله صالح التي دامت لثلاثة عقود. الانتخابات اعتبرها المحللون تمهيدا يستفيد منه اليمنيين إلى أن يحين موعد الاستفتاء، وأيدتها الولايات المتحدة الأميركية.


لندن: توجه اليمنيون اليوم الى صناديق الاقتراع لانتخاب بديل من الرئيس علي عبد الله صالح وبذلك اسدال الستار رسميا على حكمه الذي دام اكثر من ثلاثة عقود.

ويدخل الناخبون مراكز الاقتراع ليجدوا اسما واحدا على قائمة المرشحين هو عبد ربه منصور هادي نائب صالح ترافقه خريطة اليمن وعلم الدولة. ولكن المراقبين الدوليين واليمنيين لا يرون في ذلك مشكلة بل خطوة لأزمة لتنحية صالح سلميا وبدء عملية الانتقال. كما ستكون مشاركة اليمنيين في الانتخابات وقدرة الحكومة اليمنية على توفير الأمن لهم بمثابة مؤشر الى التحديات التي تنتظر البلاد بعدما أصبحت جبهة مهمة في الحرب ضد تنظيم القاعدة.

ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن الباحث غرانت كيبن من المعهد الدولي للنظم الانتخابية ان انتخابات 21 شباط (فبراير) في اليمن ليست النهاية بل هي مرحلة في عملية أطول امدا بكثير وفي هذا السياق يتعين النظر الى اقتراع اليوم. واعتبر كيبن انتخابات اليوم quot;فرصة كبيرة في غياب المنافسة المرتبطة عادة بالانتخابات للتمرين على الخطوات الاجرائية والمتطلبات اللوجستية ثم المضي قدما وعندما يحين موعد الاستفتاء سيكون اليمنيون مسلحين بخبرة انتخابات اليوم.

وكان صالح وافق على التنحي في اطار المبادرة التي قدمتها دول التعاون الخليجي في تشرين الثاني (نوفمبر الماضي). وسيعيد اليمنيون بموجب هذا الاتفاق كتابة الدستور واجراء استفتاء تمهيدا لانتخابات تنافسية في غضون عامين.
ولكن هناك حتى بين مؤيدي المبادرة الخليجية قدرا من الاحباط إزاء استخدام الانتخابات لتسليم مقاليد السلطة الى هادي.

وكان الأمين العام لحزب الحق حسن زيد احد الموقعين على الاتفاق وهو يؤيد ترشيح هادي رئيسا جديدا لليمن، ولكنه يقول ان استخدام الانتخابات لمنحه السلطة يهدد بدفع اليمنيين الى اليأس من جدوى العملية الانتخابية. واضاف حسن quot;إذا قالوا ان الانتخابات نوع من التحشيد للمبادرة الخليجية فان كثيرين سيدعمونها ولكن لا تقولوا للناس انها انتخاباتquot;. ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن حسن قوله quot;ان ما يحدث الآن انتهاك لشرعيتنا الدستورية وسخرية من العملية الانتخابيةquot;.

ورغم هذا التذمر قال حسن انه سيصوت اليوم تعبيرا عن تأييده لترشيح نائب الرئيس هادي.

وكانت الولايات المتحدة اعلنت دعمها لترشيح هادي في رسالة رسمية من الرئيس باراك اوباما قال فيها انه يتطلع الى التعاون معه. وإزاء تهديد القاعدة الذي ما زال كبيرا في اليمن حيث تنفذ الولايات المتحدة عمليات منتظمة بطائرات بدون طيار فان العلاقات مع الرئيس اليمني الجديد ستكون بالغة الأهمية.

وقال السفير الأميركي في اليمن جيرالد فايرستين quot;ان انتخابات اليوم انتخابات فريدة من نوعها، ولكنها ستبدأ ما نأمل بأن يكون عملية تغيير جوهري في المجتمع خلال العامين المقبلين يتكلل في شباط (فبراير) 2014 بما نتوقع ان تكون انتخابات ديمقراطية حرة نزيهة كاملةquot;.

وبعد عام على الأزمة في اليمن فإن التحديات الكبرى التي تواجه القيادة الجديدة قد تتعدى العملية الانتقالية الجارية الآن. ويلفت مراقبون الى ان القضايا ذاتها التي اسهمت في تفجير الانتفاضة مثل البطالة وتردي الوضع الاقتصادي تبقى ماثلة وليس من شأن الأزمة السياسية والعنف إلا مفاقمتها في كثير من الحالات.

ويبلغ متوسط عمر المواطن اليمني 18 سنة ويشكل من هم في الرابعة عشرة أو اصغر 43 في المئة من السكان. وبين من هم في الرابعة والعشرين أو اصغر تبقى البطالة مشكلة كبيرة. وتبلغ نسبة البطالة طبقا لتقديرات متعددة 50 في المئة بين هذه الفئة العمرية.
وقالت هيذر ثرين مديرة المعهد الديمقراطي الوطني في صنعاء ان قضايا محدَّدة مثل الحوار الوطني والاصلاح الدستوري، لا تعني الكثير من حيث الأساس إذا لم تتوفر للشباب فرص عمل، وإذا كان نظام التعليم فاشلا والنظام الصحي لا يقدم الخدمات المتوقعة منه. واضافت quot;ان هذه القضايا التي تتعلق بحياة المواطن اليومية هي المطلوب ان تُعالج الى جانب الحوارات بشأن العملية السياسية والقضايا السياسيةquot;.

يضاف الى هذه التحديات، ان تنظيم القاعدة تمكن من تحقيق مكاسب في اليمن خلال العام الماضي، وما زال التوتر حادا بين صنعاء والجنوب حيث للحراك الجنوبي الانفصالي قوة لا يُستهان بها. ودعا الحراك الجنوبي الى عصيان مدني لتعطيل انتخابات اليوم فيما اتخذت السلطات اجراءات امنية مشددة تحسبا لاستهداف مراكز الاقتراع.

وما زال خطر الحرب الأهلية مبعث قلق الكثير من اليمنيين إذا لم تعالج الحكومة الجديدة هذه المعضلات معالجة جذرية. ولكن بعد تنحية صالح شاعت أجواء من التفاؤل بأن تجد الحكومة الجديدة لزاما عليها ان تتحرك بشأن هذه القضايا التي ظلت مهملة في العهد السابق.

وقال عبد الغني الارياني زعيم حركة الصحوة الديمقراطية انه لو لم يكن هذا التحدي قائما لأبدت المؤسسة السياسية ممانعة في مواجهة المطالب الجماهيرية كانت ستُبقي هذه المظالم تتفاقم فترة اطول بكثير. واضاف ان انتخابات اليوم فرصة لبناء نظام سياسي أنسب وأصلح.