بقاء محافظة حلب، العاصمة الإقتصادية السوريةفي مأمن من التظاهرات التي اجتاحت البلاد، رغم التفجيرات التي هزتها مؤخراً، أحبط أمال المعارضة التي انتقدت بشدة موقف المدينة.


التفجيرات التي هزب حلب اوائل الشهر الحالي

القاهرة: تعلقت آمال المواطنين السوريين، الذين كانوا يأملون بالتخلص بشكل سريع من الرئيس بشار الأسد في الأيام الأولى للثورة السورية، بمدينة حلب التي كانت بوصفها واحدة من أكبر المدن السورية، من محاور الاحتجاج على الرئيس حافظ الأسد في بداية ثمانينات القرن الماضي، وكانت ثاني المدن بعد حماة من حيث عدد المواطنين الذين اختفوا على يد القوات الأمنية التي لطالما كانت مصدراً للخوف والذعر.

لكن مع مرور الأشهر، وفشل المدينة في لعب دور فعال بالانتفاضة، تحولت مشاعر السوريين تجاهها من توقع وترقب إلى خيبة أمل وإحباط.، ما دفع مجلة quot;فورين بوليسيquot; الأميركية لتتساءل: لما كانت حلب في مأمن من التظاهرات التي اجتاحت سوريا ؟

وتابعت المجلة بقولها إن الصمت الذي يخيم على المدينة، فيما عدا تلك التظاهرات التي يتم تنظيمها في جامعتها وبعض المسيرات الاحتجاجية القليلة المتفرقة التي تتم في يوم الجمعة، جعلها مادة خصبة للنكات بين السوريين الثوريين، لدرجة أن البعض طاف بلافتات كانت من أشهرها quot;حلب لن تنهض وتنتفض حتى وإن تناولت فياغراquot;.

ومع هذا، فإن السمعة الكئيبة التي تحظى بها المدينة بين صفوف الثوار تتغير الآن على نحو بطيء، خاصة في ظل الصعوبات التي يواجهها المواطنون وإستمرار النظام بفرض هيمنته على المدينة.

لكن أيام الجُمَع الأخيرة بدأت تشهد احتجاجات ضخمة، وبدأ يخرج إلى الشارع بانتظام سكان الأحياء ذات الدخل الضئيل مثل الفردوس والمرجة والصخور. كما أضحت المدينة عنيفة على نحو متزايد.

فوفقاً لما ذكره ناشطون محليون، فإن قوات الأسد الأمنية قد قتلت رمياً بالرصاص 13 شخصاً في المدينة يوم الجمعة الماضي، بالتزامن ارتفاع مع عدد الخسائر البشرية في أماكن أخرى ساخنة.

وفي العاشر من الشهر الجاري، أسفر هجوم بسيارتين مفخختين على مكتب المخابرات العسكرية في حلب عن مقتل 28 شخصاً. ونوهت المجلة إلى أن التواجد المتزايد لجيش سوريا الحر في المناطق المحيطة بالمدينة جعلها تشارك.

ورغم ذلك، فإن حلب مازال أمامها طريق طويل كي تشارك بدور فعال في الثورة بما يتناسب مع حجمها ونفوذها التاريخي. وقال في هذا الصدد براء السراج، وهو سجين سياسي سابق في سجن تدمر العسكري سيئ السمع :quot; بدون انضمام حلب ودمشق للثورة، فإننا سنكون بحاجة للتدخل الأجنبيquot;. ومن بين الأسباب التي مضت المجلة لتبرز أنها ربما وقفت وراء حالة الصمت النسبي التي التزمتها حلب حيال الانتفاضة هو الازدهار الذي كانت تنعم به المدينة في ظل حكم الرئيس بشار الأسد.

وباعتبارها العاصمة الاقتصادية لسوريا، كانت حلب مهيأة للاستفادة من المحاولات التي تقوم بها الحكومة لفتح الأسواق.

كما ساهمت حرب العراق على ما يبدو في إنعاش الاقتصاد هناك، وقال أحد رجال الأعمال إن عدة تجار من حلب تلقوا مدفوعات على عقود تقدر قيمتها بملايين الدولارات لم يكن لهم أن يوفون بها بعد انهيار نظام صدام حسين. وأضاف رجل الأعمال هذا أن تدفق اللاجئين العراقيين تسبب أيضاً في حدوث زيادة بأسعار الأراضي والإيجارات، موضحاً quot; لقد زاد إيجار مكتبي بنسبة 30 %. وزادت كذلك قيمة إيجارات المنازل بالأحياء الفقيرة ثلاثة أضعافquot;.

كما لفتت المجلة إلى أن عدداً متزايداً من أفراد النخبة في حلب مدينون بالرخاء الذي تعيشه المدينة إلى أجواء الاستقرار التي نجح في توفيرها نظام الأسد. فضلاً عن حالة الازدهار التي شعرت بها الطبقة الفقيرة كذلك في حلب على مدار العقد الماضي، وذلك نتيجة لتوافر المهن اليدوية والأخرى التي تتطلب مهارات وقدرات محدودة.

وأشارت quot;فورين بوليسيquot; أيضاً إلى أن الدعاية الحكومية والمعلومات المغلوطة التي تم بثها بشأن الثورة قد لعبت دوراً كبيراً أيضاً في رفض الطبقة العاملة غير المتعلمة المشاركة بأي دور فيما كانوا ينظرون إليها على أنها مؤامرة وليست ثورة. وهنا، عاود رجل الأعمال، الذي لم تفصح المجلة عن هويته، ليقول :quot; جاءت تلك الثورة في الوقت الخطأ بالنسبة لحلب. فمن الجدير ذكره أن الأعوام العشرة الأخيرة كانت جيدة بالنسبة للمدينة.

واستفاد كثير من الحلبيين من الاستثمارات التي تمت في مطلع العقد الماضيquot;. ثم لفتت المجلة إلى عائق آخر ربما كان من بين الأسباب التي أدت لتأخر انضمام حلب للثورة، وهو المتعلق بالتنوع الديني في المدينة.

فالأقلية المسيحية التي تتواجد بأعداد كبيرة هناك إما أنها مؤيد للنظام أو ملتزمة الصمت، كما أن باقي الأقليات مثل الأكراد والتركمان مازالوا حتى اللحظة على الحياد. هذا بالإضافة إلى السبب الأكثر أهمية المتعلق بعنف النظام في المدينة الهادئة نسبياً.