حذر نائب الرئيس العراقي المتهم بالإرهاب طارق الهاشمي من معلومات مضللة ساقتها أجهزة أمنية في خطاب إلى رئيس الوزراء نوري المالكي، وحصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه، تدّعي محاولته إسقاط الحكومة، وعقده اجتماعات أخيرًا مع إرهابيين من القاعدة والبعث، وقال إنها ستقود إلى فتنة طائفية جديدة. فيما ردت داخلية إقليم كردستان على وزارة الداخلية العراقية بأنها لا تملك معلومات عن محاولة الهاشمي الهرب من الإقليم إلى خارج العراق، كما قالت الوزارة في وقت سابق اليوم.


المالكي خلال اجتماع سابق مع الهاشمي

أسامة مهدي: جاء تحذير الهاشمي في بيان صحفي صادر من مكتبه المؤقت في إقليم كردستان اليوم تعليقًا على خطاب رسمي صادر من قيادة عمليات بغداد في 18 من الشهر الماضي إلى القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي، يشير إلى أن الهاشمي قد التقى قبيل هذا التاريخ بأيام قليلة بمجموعة إرهابية quot;متنكرًا بملابس عربية، وبعجلات تعود إلى إحدى الشركات السياحية، وقد أشرف بنفسه، وعلى ضوء المعلومات الواردة، على الخطة التي يراد منها القيام بأعمال إرهابية في أماكن متعددة بغية إسقاط الحكومةquot;.

ويشير خطاب قيادة عمليات بغداد،الذي حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه، وهو موجّه إلى مكتب المالكي تحت عنوان (سري وشخصي)، إلى أن هناك تحركات لعناصر تتعاون مع الهاشمي، وتنتمي إلى القاعدة، وإلى أجهزة أمن النظام السابق، تتحرك في محافظات ديالى والأنبار وصلاح الدين والموصل، للقيام بعمليات تخريب ومهاجمة سجون لإطلاق سراح معتقلين. ويضيف الخطاب أنه إضافة إلى هؤلاء هناك 90 عنصرًا إرهابيًا آخر، معظمهم من أجهزة أمن نظام صدام حسين السابقة، ومعهم 20 امرأة، ينسقون مع الهاشمي أيضًا لتنفيذ عمليات انتحارية وتفجيرات في 21 شباط/فبراير الماضي.

وقد رد الهاشمي على ذلك قائلاً إن الرئيس جلال طالباني ورئاسة وحكومة الإقليم quot;على دراية ويقين بأن الهاشمي لم يغادر كردستان إطلاقًا منذ وصوله إليها بتاريخ 17/12/2011، وهذه المعلومة بحد ذاتها تجرح دقة وصحة المعلومات التي وردت، والتي نعتبرها مفبركة وكاذبة جملة وتفصيلاًquot;، إذ إنه quot;ليس لم يغادر أرض كردستان فقط، بل لم يلتقِ بأي فرد من القائمة، التي وردت في خطاب قيادة عمليات بغداد، بل لا معرفة له بهم من قريب أو بعيد، إلا بالبعض الذي يتقلد الوظيفة العامة، وبالتأكيد لدى الأجهزة الأمنية في كردستان سجل بالزيارات التي تحققت، وبالإمكان الرجوع إليها، وتدقيق هذه المسألة من خلال ذلكquot;.

وأضاف أنه quot;من الملفت للنظر الخلط بين عاملين في أجهزة النظام السابق، حيث كما هو معروف للجميع أن النائب لم يكن له أدنى علاقة بالنظام السابق، بل كان أحد ضحاياه، وبين أعضاء في الحزب الإسلامي، حيث غادره في العام 2009، وانقطعت صلته به منذ ذلك التاريخ، فضلاً عن ربط هذا التنظيم بالقاعدة، التي تكفّر الهاشمي قبل أي سياسي آخرquot;.

وأشار المكتب إلى أنه قد quot;تأكد من خلال الخطاب أن أجهزة ودوائر تابعة ومحيطة بمكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي - ولأسباب مجهولة لا بد من التحرّي عنها - هي التي تفبرك هذه المعلومات الكاذبة، من أجل أن تُبقيه يعيش في خيال مرعب كاذب، والدليل ما ورد في الخطاب بأن غرض الأعمال الإرهابية المفترضة هو (إسقاط الحكومة). وقال إنه من أجل تأكيد مخاوفه والإيغال في التضليل اعتادت هذه الجهات أن تُصنف المعلومات والمصدر، كما ورد في مستهل الأعمام بأنها (معلومات مؤكدة من مصادر موثوقة).

ودعا الهاشمي المالكي quot;حرصاً على الاستقرار والأمن إلى أن لا ينساق وراء أية معلومة تصل إليه، وربما غرضها تخويفه من تهديدات زائفة من دون تمحيصها وتدقيقها، كالمعلومة التي وردت في خطاب عمليات بغدادquot;.

وعبّر الهاشمي عن استغرابه من أن يعلق المالكي على الخطاب قائلاً: quot;يؤخذ التقرير مأخذ الجدquot;، وقال إن هذا أمر يدعو إلى العجب، خصوصاً أن مضمون الخطاب فيه تناقضات كثيرة وواضحةquot;. مضيفاً:quot;لا شك في أن مثل هذه التقارير الكاذبة ذات أثر هدّام، لأنها سوف تُبقي حالة عدم الاستقرار قائمة، باعتبارها تزرع مخاوف وهمية، وتزعزع الثقة بين أطراف العملية السياسية، لذا فإن التصدي لها واجب وطني لا ينبغي التراخي في أدائه، خصوصاً أن ما تنبأ به الخطاب لم يحصل، رغم أن تفجيرات إجرامية حصلت، ولكن في غير الأماكن والتوقيتات التي وردت فيهquot;.

وتساءل الهاشمي قائلاً: quot;إذا كانت المعلومة والتوقيتات حول تفجيرات إجرامية موجودة لدى عمليات بغداد قبل حدوثها، إذن، لماذا لم تبادر هذه الأجهزة بالضربة الاستباقية من أجل إجهاضها قبل وقوعها؟.. ألا يستدعي ذلك تشكيل لجنة تحقيقية من أجل محاسبة المقصرين من الأجهزة الأمنية؟quot;.

وأشار إلى quot;أنه من الملفت للنظر رسالة التحريض الطائفي ضد محافظات بعينها واضحة في الأعمام، وهذا يتزامن مع تصريحات مؤسفة صدرت من وزير التعليم العالي، اتهم فيها المحافظات نفسها ظلماً بأنها كانت حاضنة (للإرهاب والبعث)، وهو ما يدفع إلى تدهور الأمور واتجاهها نحو فتنة طائفية جديدةquot;.

وشدد الهاشمي على أنه وحراسه كانوا quot;ضحية مثل هذه المعلومات الكاذبة، التي دفعت وحرّضت على استهدافه سياسياً، وهذا دليل جديد ومهم، نسوّقه للرأي العام في هذا المجال، وهو يؤكد أن الاتهامات عادة ما تكون مفبركة، لأنها تُبنى في العادة على معلومات وتقارير مضللة وكاذبةquot;.

وفي وقت سابق اليوم دعت وزارة الداخلية العراقية نظيرتها في إقليم كردستان إلى إلقاء القبض على الهاشمي وتسليمه إليها. وقالت وزارة الداخلية العراقية إنه quot;بناء على طلب الهيئة القضائية تسليم المتهم طارق أحمد بكر الهاشمي، ولتحديد موعد المحاكمة، فقد طلبت وزارة الداخلية من وزارة داخلية حكومة إقليم كردستان تنفيذ أمر القبض الصادر بحقه، وتسليمه إلى الجهات القضائيةquot;. وأضافت في بيان صحفي تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه أن معلومات مؤكدة وردت إليها تفيد quot;بنية هروب المتهم المذكور اسمه أعلاه من الإقليم إلى خارج العراقquot;.

خطاب قيادة عمليات بغداد السري إلى المالكي

وقد علمت quot;إيلافquot; أن الهاشمي ينوي مغادرة إقليم كردستان إلى تركيا لاجئًا سياسيًا، نظرًا إلى العلاقات القوية التي تربطه مع قادتها، لكن القادة الأكراد أبلغوه بأن توجّهه إلى هناك يجب أن لا يكون عبر حدود الإقليم مع تركيا، وإنما من مناطق أخرى خارجه، لعدم إحراجهم أمام السلطات في بغداد، التي ستعتبر الأمر بأنه تسهيل لهروب متهم مطلوب للقضاء العراقي.

وجاء طلب بغداد من كردستان بتسليمها الهاشمي بعد أسبوع من لقاء عقده النواب الثمانية لكتلة تجديد البرلمانية، التي يترأسها الهاشمي، مع رئيس الوزراء نوري المالكي، وبحثوا معه قضية الهاشمي، حيث دعوه إلى فتح صفحة جديدة من التعاون.

داخلية كردستان لا معلومات لديها عن محاولة هروب الهاشمي
وقد أكدت وزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان العراق عدم امتلاكها معلومات بشأن محاولة الهاشمي الهروب إلى خارج الإقليم، فيما أشارت إلى أن أمر تسليم الهاشمي إلى المحاكم مرتبط بقرار من رئاسة وحكومة الإقليم.

وقال وكيل الوزارة جلال كريم في تصريح نقلته quot;السومرية نيوزquot; إنه quot;لا توجد معلومات لدى وزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان بشأن الأنباء التي تشير إلى محاولة نائب رئيس جمهورية العراق الفرار من الإقليمquot;. وأكد أن quot;أمر تسليم الهاشمي إلى المحاكم مرتبط بقرار من رئاسة الإقليم وحكومتهquot;.

وكان الهاشمي قد لجأ إلى إقليم كردستان وحلّ ضيفًا على الرئيس العراقي جلال طالباني، عقب اتهامه من قبل السلطات بالإرهاب في التاسع عشر من كانون الأول (ديسمبر) الماضي. فيما أعلنت الهيئة التحقيقية بشأن القضية في الأسبوع الماضي تحديد الثالث من أيار (مايو) المقبل موعدًا لمحاكمة الهاشمي وصهره غيابيًا عن ثلاث جرائم إرهابية انتهى التحقيق فيها. وأشارت إلى أن الدعاوى الثلاثالمتهم بها الهاشمي، والتي تتعلق باغتيال محامية وضابط، وتفجير سيارة مفخخة، قد تم حسمها،مشيرة إلى وجود دعاوى أخرى تتعلق بنائب الرئيس، لم تحسمها الهيئة التحقيقية بعد.

يذكر أن العراق يعيش أزمة سياسية كبيرة هي الأولى بعد الانسحاب الأميركي في أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، على خلفية إصدار مذكرة قبض ضد نائب رئيس الجمهورية القيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي بعد اتهامه بدعم الإرهاب، وذلك في 19 من الشهر نفسه، وقيام رئيس الوزراء نوري المالكي بتقديم طلب إلى مجلس النواب بسحب الثقة عن نائبه صالح المطلك القيادي في القائمة العراقية أيضاً بعد وصف الأخير للمالكي بأنه quot;ديكتاتور لا يبنيquot;، الأمر الذي دفع العراقية إلى تعليق عضويتها في مجلسي الوزراء والنواب، والى تقديمها طلباً إلى البرلمان بحجب الثقة عن المالكي، قبل أن تقرر في 29 من الشهر الماضي العودة إلى جلسات مجلس النواب، ثم لتعود في السادس من الشهر الحالي وتقرر إنهاء مقاطعة مجلس الوزراء، وعودة جميع وزرائها إلى حضور جلسات المجلس.