خاض رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير حرب العراق على أساس خاطئ وهو امتلاك صدام حسين أسلحة الدمار الشامل حدت به تداعياتهللتفكير في الاستقالة.

بلير ندم على مغامرته العراقية مع صديقه بوش

لندن: كان بين تداعيات غزو العراق في بريطانيا انتحار عالم الأسلحة البيولوجية الدكتور ديفيد كيلي الذي كان ضمن فريق البحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق. وكان لهذا بدوره تداعيات أخرى انطلقت من الظروف الغامضة التي احاطت بانتحاره فقيل إنه لم ينتحر وإنما قُتل على يد وكالة الاستخبارات البريطانية الداخلية laquo;إم آي 5raquo;.

وانطلقت تلك التكهنات من أن كيلي كان قد سرّب للصحافة أن وزارة الدفاع البريطانية وأليستر كامبل، مدير الاتصالات في 10 داونينغ ستريت، زوّرا تقارير تقول بامتلاك صدام حسين أسلحة الدمار الشامل رغم أن لجنة التفتيش لم تعثر على أي دليل لهذا. وواجه كيلي ضغوطا في شكل استجوابات برلمانية قيل إنها أصابته بالاكتئاب ودفعت به الى الانتحار وفقا للرواية الرسمية.

ومهما يكن من أمر فقد كانت تلك الحادثة جزءا من مسرح يشهد أحداثا جساما كلها يتعلق بالحرج الهائل الذي أغرق الإدارتين الأميركية والبريطانية. والآن ينشر فيليب غولد، الذي كان مستشارا لتوني بلير في الشؤون الاستراتيجية مقتطفات من مذكراته على صفحات laquo;تايمزraquo; ويشرح فيها أن رئيس الوزراء السابق كان بقف على عتبة الاستقالة بسبب مغامرته العراقية.

وأتى في المذكرات أن بلير قلّب النظر في هذا القرار في أعقاب نشر تقرير لجنة تحقيق (سُمّي laquo;تقرير هاتونraquo; نسبة الى رئيس اللجنة اللورد هاتون) في مقتل الدكتور كيلي. وجاء فيها ايضا أن أليستر كامبل نفسه أُثني بعد جهود كبيرة من تقديم استقالته هو ايضا إثر سماعه نبأ انتحار العالم البيولوجي.

الدكتور ديفيد كيلي

ويقول غولد إن بلير استشاره في مطالع 2004 عما إن كان عليه تقديم استقالته بعدما ثبت أن السبب الذي جر به بريطانيا الى غزو العراق (أسلحة الدمار الشامل) كان باطلا وأيضا بعد العواقب الوخيمة التي فرضت نفسها ومن ضمنها الفوضى الي انزلق اليها العراق وتعذيب الأسري من أبنائه ووفاة الدكتور كيلي.

ويذكر أن كل هذه الأحداث أدت الى انخفاض هائل في شعبية حزب العمال كان هو الأول من نوعه منذ تسلم بلير الحكم لولايتين متتاليتين بأغلبية برلمانية ضخمة. وقال غولد إن بلير سأله بعد نشر استطلاع أوضح ذلك الانخفاض غير المسبوق: laquo;أين أنا من كل هذا؟ ماذا يقول الناس عنّي؟ أيقولون إنني السبب في كل هذاraquo;؟

ويقول غولد إن بلير كان مصرا على أن هذا الوضع لن يُصحح إلا في حال دفع الشخص المسؤول عنه رأسه ثمنا له. وطبيعي أنه كان يعتقد أنه هو هذا المسؤول ولهذا فيتعين عليه تقديم استقالته لأنها السبيل الوحيد لإنقاذ الحزب من غضب الجماهير.

ويسهب غولد في وصف مشاعر رئيس الوزراء السابق عندما كان يتصفح الجرائد في طائرة كانت تقله من اسكتلندا الى لندن. ويقول: كانت الصفحات الأولى تحمل صور الدم على الضحايا العراقيين أو صور أسراهم في المعتقلات. ولم يكن صعبا على المرء أن يرى نوع الألم الذي كان يعتمل داخله وينعكس على تعابير وجهه. كان هذا أيضا سببا آخر يضيف الى شعوره بأن عليه الاستقالة.