تباينت آراء العراقيين في ما ستؤول إليه قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي المتهم بالإرهاب بعد سفره إلى قطر ورفضها تلبية طلب بغداد بتسليمه إلى سلطاتها، لاسيما أنها المرة الأولى التي يغادر فيها العراق بعد إصدار مذكرة اعتقاله، وحيث ينتظر القضاء يوم الثالث من الشهر المقبل الذي تم تحديده لمحاكمة الهاشمي غيابيًا إن لم يسلم نفسه.


الهاشمي خلال اجتماعه في الدوحة بأمير قطر

عبد الجبار العتابي من بغداد: قال العديد من العراقيين الذين استطلعت quot;إيلافquot; آراءهم في الموضوع إن الحيرة تختلج في نفوسهم إزاء المتغيّرات التي حدثت، والتي أدت بالهاشمي إلى مغادرة العراق في جولة نحو عدد من الدول العربية، فلم يعرف الكثيرون لمن سيكون القرار الفصل في القضية للقضاء، أو للحكومة أم للتوافقات السياسية؟.

فقد وضع العديد علامات استغراب واضحة، مشيرين إلى أن العملية معقدة جدًا، بل أن البعض خاف على نفسه من أن يعطي رأيه صريحًا، وكان يتوخى الحذر في الإجابة، لأنه لا يدري إلى أي جهة ينظر، وقد التبست عليه الخيوط، فيما اعتذر كتاب وصحافيون عن الإجابة لأنهم يرون أنفسهم إزاء قضية شائكة.

مع ذلك يقول المحلل السياسي والكاتب الدكتور محمد بديوي الشمري: quot;إن قضيةالهاشمي قضائية، فهناك ملف جنائي فيه تهم وأدلة وشهود، وهناك ضحايا كثر، لكن الحكومة العراقية ألقت عليه هالات كثيفة من الشك منذ اللحظة الأولى من خلال مجموعة من الأخطاء المقصودة أو غير المقصودة، منها مثلاً تبني السلطة التنفيذية ومن أعلى هرمها الإعلان عن قضية الهاشمي، ووصل الأمر إلى أن يعقد رئيس الوزراء بنفسه مؤتمرًا صحافيًا لتوضيح ملابسات القضية، بدلاً من أن يقوم بهذه المهمة، طبقًا للمنطق والبروتوكول، رئيس مجلس القضاء الأعلى أو مسؤول في الداخليةquot;.

ويتابع: quot;يضاف الى ذلك اختيار الحكومة توقيتًا غير مناسب لإطلاق هذه القضية، التي يقول رئيس الوزراء إن عمرها أكثر من ثلاث سنوات، فهناك إتمام القوات الأجنبية انسحابها من العراق، الذي كان يفترض أن يصبح مناسبة للإجماع الوطني، وكذلك هناك اتساع نطاق الخلافات مع إقليم كردستان، وملفات سياسية كثيرة ما زالت مفتوحة جعلت ملف الهاشمي يتحول إلى ملف سياسي بامتيازquot;.

ويضيف: quot;على أية حال إذا كان ملفالهاشمي سياسيًا بالأساس، فأنا أعتقد أنه سيحل في النهاية سياسيًا مثلما تم حل ملف اجتثاث صالح المطلك وظافر العاني، الذي قيل إنه ملف سياسي، ولكن عندما احتاج الائتلاف الحاكم التجديد للمالكي تحول المطلك بقدرة قادر من بعثي خطر ومجتث إلى نائب رئيس الوزراء. إن نظام التوافقات الذي أفرغ التجربة الديمقراطية من محتواها وصادر إرادة الشعب وعطل القوانين سينتج المخرج الذي ربما يجعل الهاشمي بطلاً جديدًا على الساحة العراقيةquot;.

أما المواطن حازم عبد الرحمن فقال: quot;أنا أعتقد أن ما يحدث الآن هو مجرد لعبة، ولكنني لا أعرف من يديرها وإلى أين تتجه بالشعب، القضية أكثر من محيرة، ولا أرى لها رأسًا ولا ذيلاً، الهاشمي يحكي شيئًا، والحكومة تقول شيئًا آخر، والأكراد لديهم رأي ثالث، ومن ثم يسافر الرجل إلى خارج العراق، من أنا؟، سأقول إنني لا أعرف، ولكنني أقول: الله هو الستارquot;.

من جانبه، قال الكاتب والصحافي نبيل وادي: quot;إن التوافقات السياسية ستكون الفيصل في موضوع الهاشمي، على الرغم من الحديث عن هذا الموضوع بوصفه قضية جنائية وليست سياسية، إلا أن الأطراف تعرف أن المستهدفين في عمليات الهاشمي أو العمليات المشوبة الى حمايات الهاشمي، إنما كانت تستهدف طرفًا محددًا، وهو الطرف الذي لا يريد الأميركيون أن يكون له ثقل في المشهد السياسي العراقي، وبالتالي فإن توافقات ستحدث إن لم يكن الآن فإنها ستحدث في المقبل من الأيام أو السنوات، ومن الممكن، بل من السهل، التعمية على الاعترافات، والقول إنها تمت تحت الضغط وغيرها، خصوصًا وأن المواطن لم يتعود الصدق في التصريحات الرسمية، خاصة في القضايا الجوهرية. أما الحديث عن نزاهة القضاء فنحن نعلم أنه ليس لدينا قضاء نزيه، بدليل ما نراه ونسمعه من ضغوط تمارس من قبل كل الأطراف، فيخرج إلى الهواء الطلق مجرمون عتاة، ويزج بأبرياء في السجونquot;.

وأضاف: quot;هذه المشكلة اشعر بها بحكم تعدد البيئات السياسية التي انتقل اليها بوصفي الإعلامي والاجتماعي، اذ اجد أن كل بيئة ترتب الأدلة بما يناسب قناعاتها الطائفية السياسية، فالهاشمي بريء في المناطق السنية، وهو مذنب في المناطق الشيعية، والسبب في كل ذلك هو عدم بناء قضاء يحظى بالاحترام الشعبي وبالاحترام العام، ما يجعله الفيصل، وبدا هذا الشك منذ الانتخابات الماضية، وتحديدًا منذ قرار المحكمة الاتحادية بشأن الكتلة التي تشكل الحكومة، هل هي الكتلة الفائزة بالانتخابات أو الكتلة التي تتشكل في داخل البرلمان؟quot;.

وكانت هناك ثمة شبهة في الأمر القضائي أو الدستوري، وهو ما جعل المواطن لا يؤمن بصدقية القرار القضائي، وإن كان هذا القرار أو الرأي صادقاً وصحيحًا لأن الاساس هو الثقة في ما يقال وما يتخذ، فالجهاز القضائي في مراحل كثيرة من تاريخ الدولة العراقية كان تحت هيمنة السياسة خصوصًا في أزمات الصراع بين القوى السياسية، على الرغم من أن هذا القضاء كان قضاء صارمًا وحازمًا وعادلاً في مجالات لاعلاقة لها بالسياسة، ولا بد من الاشارة الى أن العديد من المحللين، الذين لهم دراية بأساليب تفجير الأزمات لتشتيت الانتباه عن قضايا حساسة ربما يتم تمريرها في ظل انشغال الجمهور بقضايا أخرى، يعتقدون أن قضية الهاشمي على الرغم من اهميتها الا أنها تبدو هامشية ازاء قضايا أخرى.

أما الكاتب كريم سيد عباس فقال: quot;أشعر بأننا كعراقيين وقعنا في الفخ، لا اعرف اجابة محددة، لأن الامور اصبحت فوق مستوى فهمنا وقدرتنا على اعطاء رأي، المسألة كما اراها مجرد خلافات سياسية بين الكبار، ولكن الصغار من أبناء الشعب يدفعون ضريبتها دمًا، احياناً أجد نفسي مقتنعًا تمامًا بأن الهاشمي متهم، ولكن حينما أعود الى الأحداث ورفض الأكراد تسليمه، والقضاء الذي ما زال ساكتًا، تتغيّر قناعاتي، فتعال قل لي هل نحن نعيش في بلد فيه قانون أم بلد غوار الطوشة (كل من ايدو الو)، أعطِني أحدًا أصدقه، لا اعرف، لذلك المتهم بريء الى أن تثبت إدانته، وانا ليست لديّ فكرة عما يحدث الى أن أفهم ما يحدث بشكل صحيحquot;.

من جهتها، قالت الصحافية اسماء عبيد: quot;لا أعلم متى سيجلس ساسة العراق الحاليون على طاولة حوار حقيقية لحل مشاكلهم من دون تطرّف لجهة على حساب أخرى ومن دون نشر الغسيل ومسك الذلة بملفات من طرف ضد الطرف الآخر بالتناوب. وأتمنى أن تنتهي سلسلة الاتهامات بين السياسيين، فالكل متهمون أمام العراقيين ما لم يثبتوا العكس.

واضافت: quot;الوضع السياسي حاليًا في العراق يتطلب لمّ شمل الأسرة السياسية بمختلف اتجاهاتها وعدم تشتيت هذا الشمل باتهام فلان وعلان من أجل إقصائه سياسيًا بسبب اختلاف في وجهات النظر أو الاستحواذ على حيز سياسي أوسع. ندعو السياسيين إلى لملمة هذا الموضوع، ويكفي الشارع العراقي معاناة وقهرًا بسبب تلك الخلافات التي تنعكس على الشارع، ونأمل أن يكون القضاء مستقلاً تمامًا ليحق الحق، وكل قاضٍ مسؤول أمام الله في ما يقضي من أمورquot;.

وقالت: quot;أعتقد أن الكلمة الفصل ستكون للعراقيين، فإن لم تكن لنا كلمة مع طارق الهاشمي بعدما هُرِّب الى خارج العراق، وانا أقول هُرِّب بضم الهاء، أي تم تهريبه، إن لم تكن لنا كلمة مع طارق الهاشمي، فالعراقيون لهم كلمة مع النظام القطري، الذي كما يبدو هو الذي يقف وراء كل ما فعله الهاشمي بحق العراقيين، انا اعتقد أن استقبال امير قطر له هو لكي يقول له الهاشمي أنا أديت ما طلبتموه مني وعليكم إنقاذي، والأحلى أن قناة الشرقية تقول (ناقشا العلاقات الثنائية) حلوة هذه العلاقات الثنائيةquot;.

وعبّر حسن الخفاجي عن اعتقاده بأن الحكومة الآن اكثر قدرة من السابق، وهي التي بيدها الأمر، ولكنني ألوم الأكراد على ما يحدث فهم ينظرون بعين الى القائمة العراقية، وبعين أخرى الى التحالف الوطني، يريدون من هذا شيئًا ومن ذلك شيئًا آخر، بمعنى أن مصلحتهم فوق كل اعتبار، الأكراد يتحمّلون المسؤولية الكاملة أمام الله والوطن والناس، ولا اعتقد أن الناس ينتظرون أن تنتهي القضية، وكل شخص ينال جزاءه العادل، انا ضد أن يسمحوا له بالسفر والمماطلة في قضيته الى أجل غير معلوم، انا حزين جدًا بسبب تدخل دولة صغيرة مثل قطر في شؤون العراق العظيم، ولكن حسبي الله ونعم الوكيل، وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبونquot;.

وقال المواطن عمر عبد الرزاق: quot;إن القضية مسيسة مثل ما تفضل البارزاني، لأن المالكي هدفه تصفية العراقية، لذلك اقول إن النهاية لهذه القضية ستكون بالتوافقات السياسية لأن الضغوطات على المالكي ستكون اكبر ويخضع لهاquot;. اما ابراهيم كامل فقال: quot;صحيح أننا نختلف مع المالكي، ولكن علينا أن نجمع كلمة العراقيين على أساس المواطنة ونبذ الطائفية، انا مقتنع بأن الهاشمي متهم من خلال اعترافات افراد حمايته ومع عدم حضوره امام القضاء وهو نائب رئيس الجمهورية الذي يقف خلفه ملايين من الناس والاعلام والقضاة والمحامين، فلو كان الرجل بريئًا لجاء في يومه وساعته وقال ها انذا. أما الآن، وما يقال من تصريحات من الاخوة الاكراد، فمع الأسف هي من أجل مكاسبهم، ونحن نعرف أن اخوتنا الاكراد يقولون دائماً هل من المزيدquot;.

ورفض المواطن محمد عبد الكعبي الإفصاح عن رأيه في قضية الهاشمي قائلاً: quot;بصراحة، لا استطيع أن اعطيك رأيي الآن في كلمة الفصل، فدع الهاشمي يعود الى العراق من قطر، ومن ثم سأخبرك، على الرغم من أنني متيقن من أن أشياء حدثت خلف كواليس القمة هي التي مهدت للهاشمي مغادرة العراقquot;.