عقد وزراء خارجية ما يعرف بأصدقاء سوريا الخميس الماضي لقاء في باريس لممارسة المزيد من الضغط على النظام السوري للالتزام باحترام خطة أنان، فيما يذهب بعض القراءات إلى اعتبار الأصدقاء يتصرفون وفق فوضى غير خلاقة طالما أن الرضى الروسي ما زال بعيد المنال.
رئيس بعثة مراقبي الامم المتحدة في سوريا العقيد المغربي احمد حميش (وسط) في جولة في دمشق في 18 نيسان/ابريل 2012 |
باريس: قال الصحافي والمحلل السياسي سمير التويني في حديث لـ(إيلاف) إن اجتماع الخميس لدول ما يعرف بأصدقاء سوريا يسعى quot;لممارسة الضغط على النظام السوري بهدف تطبيق خطة أنان لا أكثر ولا أقل. التأكيد على دور المراقبين الدوليين وتدارس كيفية التعاطي معه في حالة عدم تجاوبه الإيجابي مع الخطةquot;.
وإن كانت باريس من خلال هذا الاجتماع تصر على أن تحتفظ بدور مهم في هذه الأزمة السورية حتى ما بعد الانتخابات الرئاسية بحسب التويني، فإنّ فرنسا لها دور مهم الآن في الأزمة السورية، والظرفية الانتخابية لا تسمح بتنظيم لقاء كبير كما حصل مثلا في تونس أو اسطنبولquot;.
وفسر الاجتماع الذي عقد على بعد ثلاثة أيام من الرئاسيات على أنه رسالة من باريس إلى أصدقاء سوريا والشعب السوري، على أن فرنسا مصرة على دعمها للتغيير من خلال مجلس الأمن إلا أن روسيا و الصين لم تسايرا باريس في رؤيتها للأشياء.
ويربط محدثنا حصول تقدم في الوضع السوري بوجوب وقف لإطلاق النار، quot;وما دام هذا لم يحصل فأي حل يبقى مستبعدا وقد يزج بسوريا في حرب أهليةquot;.
العيسى: quot;أصدقاء سورياquot; تتصرف في فوضى غير خلاقة
ينظر المعارض السوري بشار العيسى إلى اجتماع الخميس لمجموعة دول أصدقاء سوريا على أنه quot;أتى استكمالا لما أقر في اسطنبول في صيغة لجنة متابعة لتنفيذ مقررات مؤتمر اصدقاء سوريا الذي تبنى خطة كوفي أنان التي أقرها مجلس الامن بالإجماع بناء على التفسير الروسي للمبادرة كنوع من طعم غربي للانسحاب الروسي للإجماع الأممي الهادف الى حماية الشعب السوري وحماية ثورتهquot;.
يضيف العيسى في تصريحه لإيلاف: quot; خطة أنان غير قابلة للتنفيذ من قبل السلطة السورية لأن تنفيذ أي بند من بنودها سيؤدي الى سقوطه الحتمي ،ولم يبق أمام السلطة السوريةومن خلفها التورط الروسي سوى النفاذ من الثغرات التي يمكن التسويف بها لعدم تنفيذ الخطةquot;.
يقول ضيفنا إن quot;مجموعة اصدقاء سوريا تتصرف في فوضى غير خلاقة طالما انها غير قادرة على تنفيذ المطلوب منها بغير الرضى الروسي، خاصة وأن حصان عربتهم الفرنسي ،إدارة الرئيس ساركوزي، تأخرت كثيرا عن تنفيذ وعودها بحكم العجز مثلما حدث لخصمه اردوغان الذي ذهبت كل بلاغته أدراج رياح عجزينquot;.
ويقسم هذان quot;العجزانquot; إلى عجز quot;اقتصادي يصطدم بجدار قاعدة حزبه من رجال الاعمال وجل استثماراتهم رهينة سلطة الأسد ونظامه فضلا عن افتراق موقفه عن حقيقة موقف مؤسسته العسكرية الذي نراه يركض باتجاه تفعيل المادة الرابعة لميثاق الناتوquot;.
يخلص العيسى إلى القول بخصوص هذا الاجتماع quot;إننا نرى ساركوزي وهو يتهيأ لوداع الاليزيه الذي توحي به كل استطلاعات الرأي، وكأن الوزير جوبيه أراد من خلال هذا اللقاء ومؤتمره الصحافي حفظ ماء وجهه ورئيسه علّ وعسى ينقل بعض الماء الى طاحونة الانتخابات لصالح ساركوزيquot;.
كما فسّر هذا الاجتماع على أنه يأتي على مرمى حجر من الرئاسيات لأنه quot;رسالة من الوزير آلان جوبيه الذي وقف موقفا مشرّفا من الثورة السورية وعمل جاهدا على أن يقف العالم بشجاعة الى جانب الشعب السوري، لكن موقف جوبيه هذا، وحتى موقف رئيسه لا أجد له طريقا الى التحقيقquot;.
ويشرح quot;قناعته هذهquot; ليس بعناد الفيتو الروسي الصيني فحسب، بل إنهم عرفوا جيدا أن الفيتو غير الرسمي الاسرائيلي الذي يحمي سلطة بشار الأسد، يحول دون تحقيق أي اختراق في الوسط الغربي وتردد النظام العربي السائد عن تحمل مسؤولياته بشجاعة أخلاقية وكرم مالي، جعل من مشجب تشتت (المعارضة السورية) كعب اخيلواسرى سهام سلطة الاسد القاتلةquot;.
ويتابع في السياق ذاته: quot;هذا فضلا عن التبنّي الاعمى من إدارة ساركوزي للمجلس الوطني السوري ومحاولات إصلاحه وتفعيله والعمل من خلاله علىجعلهم اسرى صدى الصوت التركي القطري، مثلما خضع المجلس هذا الى عجزه وتشتته ولهاثه خلف ارضاء كل ذوي النفوذ، ما جعل من الثورة السورية وقواها الشبابية أسيرة عجز يعوضونه من لحمهم الحي ومن سيل الدماء بانتظار اللحظة المناسبة لتفعيل قواهم الذاتيةquot;.
ويخلص العيسى إلى أن quot;مبادرة أنان ونقاطه الست رغم الخلل الشيطاني في الصياغة، يمكن لها ان تصبح أرضية صالحة لدعم الثورة السورية وسحب البساط من تحت اقدام السلطة والموقفين الروسي والصيني، اذا توفرت الشرعية الدولية على ارادة حازمة مدعمة بقوة عسكرية ومال عربي لإنجاز عملية التغيير من الاستبداد الى الديمقراطية، بما يقطع الطريق على كل محاولات السلطة الاستفراد بالشعب او الذهاب الى حرب اهلية او صراع اقليمي نحن جميعا بغنى عنهquot;.
تقوية دور المراقبين الدوليين
كانت باريس احتضنت الخميس لقاء موسعا لأصدقاء سوريا حضرته رئيسة الدبلوماسية الأميركية هيلاري كلينتون وعدد من ممثلي الدبلوماسية العربية وعلى رأسها المغرب البلد العربي الوحيد في مجلس الأمن فيما اعتذرت روسيا عن الحضور إلى جانب الصين وهو ما دفع وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه إلى مواصلة انتقاد الدور الروسي في هذه الأزمة.
و كانت الخارجية الفرنسية وجهت تحذيرات لروسيا من رفضها المشاركة في هذا الاجتماع لأنه سيزيد من عزلتها، إذ صرح جوبيه quot;يؤسفني أن تستمر روسيا في التقيد برؤية تعزلها اكثر فأكثر ليس عن العالم العربي فحسب بل عن المجتمع الدوليquot; بعدما أكد أنه دعا شخصيا وزير الخارجية الروسي لافروف.
وخلص اللقاء الذي حضره 14 بلدا إلى الدعوة إلى تقوية وجود المراقبين الدوليين في سوريا من حيث العدد والإمكانيات، برفع مجموع المراقبين العاملين على الأرض الى حوالى 400 مراقب لمتابعة وقف إطلاق النار الهش خصوصا بعد تسجيل الخارجية الفرنسية على لسان وزيرها quot;لعدم احترام نظام الأسد لهquot;.
كما تحدث المجتمعون في هذا اللقاء عن إمكانية اللجوء إلى خيارات أخرى في حالة عدم التعاطي الإيجابي للنظام السوري مع خطة أنان بما فيها حظر بيع الأسلحة إليه ومنع رموزه من السفر كما جاء في تصريح لرئيسة الدبلوماسية الأميركية هيلاري كلينتون.
و كان الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون صرح أنه سيعمل على نشر 300 مراقب دولي غير مسلح لمدة تصل إلى ثلاثة اشهر، مؤكدا على أهمية التزام نظام الأسد بالخطة. ومن المقرر أن ينتشر هؤلاء المراقبون طيلة الأسابيع المقبلة في عشر مناطق من سوريا لمراقبة وقف إطلاق النار الذي شرع العمل به وفقا لنفس الخطة في 12 نيسان أبريل.
التعليقات