الثورة السورية يسعى الى اختطافها إسلاميون متشددون |
تزداد الدلائل مع دخول الثورة السورية عامها الثاني، على أن متطرفين إسلاميين ينتمون إلى حركات جهادية عالمية يسعون الى اختطاف الانتفاضة التي بدأت بطريقة سلمية وتحولت فيما بعد الى اقتتال يودي بحياة العشرات يوميا.
لندن: مع دخول الثورة السورية عامها الثاني، دون علائم تذكر بأن خطة المبعوث الدولي كوفي أنان ستنهي سفك الدماء، تزداد الدلائل على أن متطرفين إسلاميين يسعون الى خطف ما بدأت انتفاضة سلمية هدفها ضمان الحرية السياسية، كما أفادت صحيفة واشنطن بوست في تقرير من المنطقة يوم الاثنين. ونقلت الصحيفة عن ناشطين وجنود منشقين من داخل سوريا، أن عددا صغيرا ولكنه متزايد من المتطرفين الاسلاميين الذين ينتمون الى حركات جهادية عالمية أخذوا يتوافدون على معاقل المعارضة خلال الأسابيع الأخيرة ويحاولون تحشيد الدعم بين السكان الناقمين.
ويقول دبلوماسيون غربيون إنهم رصدوا تدفقا مطردا من الجهاديين على سوريا من العراق، وإن السلطات الاردنية اعتقلت اربعة على الأقل من المتطرفين الاسلاميين الاردنيين بتهمة محاولة التسلل الى سوريا للانضمام الى الثوار.
واعلنت جماعة لم تكن معروفة من قبل تطلق على نفسها اسم جبهة النصرة مسؤوليتها عن عمليات تفجير شهدتها دمشق وحلب مستخدمة لغة ومواد مصورة تعيد الى الاذهان بيانات تنظيم القاعدة في العراق واشرطة الفيديو التي يبثها عن عملياته.
ويرى ناشطون سوريون ومسؤولون غربيون أن المتطرفين على ما يبدو لا يحققون تقدما يُعتد به في تعبئة التأييد في صفوف حركة الاحتجاج، التي ما زالت علمانية في الأساس يوحّدها هدف إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. ولكنّ ناشطين ومحللين يحذرون من ان فشل خطة انان في انهاء حملة البطش الدموي التي يواصلها النظام وتخلف الغرب والعرب عن تنفيذ وعودهم بدعم الجيش السوري الحر سيدفع المحبطين من أعضاء المعارضة الى أحضان التطرف وبذلك اضافة بُعد خطير الى ثورة تهدد بزعزعة الاستقرار في قوس واسع يمتد عبر الشرق الأوسط.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن الملازم عبد الله العوادي الذي يقود وحدة تابعة للجيش السوري quot;ان العالم الذي لا يحرك ساكنا يفتح الباب للجهاديينquot;. وقال إنه رفض عدة عروض بالمساعدة من مجموعات متطرفة، أبدت استعدادها لمدّه بالمال والسلاح ولكنه أعرب عن خوفه من quot;تنامي نفوذ المتطرفينquot;. وأضاف العوادي quot;ان هذا ليس سببا لسكوت المجتمع الدولي عمّا يجري في سوريا بل ينبغي أن يكون سببا لتحركهquot;.
تقارير عن تدفق جهاديين
وقال مسؤولون أميركيون ودبلوماسيون غربيون تحدثوا طالبين عدم ذكر أسمائهم إنهم اطلعوا على مؤشرات عديدة إلى أن جماعات من نمط تنظيم القاعدة تحاول الاندساس في صفوف الثورة السورية رغم تشديدهم على أن تأثير المتطرفين الاسلاميين ما زال محدودا. وكان زعيم القاعدة ايمن الظواهري حثّ الجهاديين على التوجه الى سوريا وتقديم العون الى الثوار. وأعرب دبلوماسيون غربيون عن اقتناعهم بأن عناصر القاعدة كانوا وراء التفجيرات التي وقعت في دمشق وحلب بين كانون الأول(ديسمبر) وآذار (مارس).
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن الدبلوماسيين إن عشرات الجهاديين عبروا الحدود من العراق الى سوريا، بعضهم سوريون تطوعوا للقتال في العراق والبعض الآخر عراقيون. ولعلّ بينهم أجانب عادوا بالاتجاه المعاكس بعد سنوات على دخول العراق للقتال ضد الأميركيين قبل رحيلهم.
وظل النظام السوري طيلة سنوات يعمل على تيسير تدفق المقاتلين الى العراق وثمة شكوك واسعة بأنه يعيد في السر تفعيل بعض هذه الشبكات للنيل من سمعة الثوار وتثبيط المجتمع الدولي عن دعم المعارضة، واشاعة ظروف تبدو فيها حملة السلطات الوحشية مبررة.
وكان النظام صوَّر الانتفاضة منذ أيامها الأولى على انها من صنع متطرفين إسلاميين، وليس من شأن التقارير التي تتحدث عن ظهور المتطرفين في سوريا إلا خدمة الرواية الرسمية، كما قال سلمان الشيخ مدير مركز بروكنز الدوحة في قطر. ولاحظ الشيخ ان المتطرفين يتقاطرون عبر الحدود وان هناك اشارات إلى ان النظام يساعد في ذلك ويتواطأ معه. واضاف ان هذا الموقف quot;سيصبح نبوءة تحقق نفسها بنفسهاquot;.
ومن الجائز ايضا ان هذه المجموعات التي تتألف من إسلاميين سنة متطرفين انقلبت على راعيها السابق وأخذت تعود الى سوريا مدفوعة بتشددها الديني والطائفي. ورغم تأكيد العديد من الناشطين السوريين ان ثورتهم ليست طائفية، فان غالبية السوريين هم من السنة، في حين أن الأسد وغالبية اركان نظامه وقادة الأجهزة الأمنية ينتمون الى الأقلية العلوية، ومن هناك البعد الطائفي الذي تكتسبه الثورة، بحسب واشنطن بوست.
ويؤكد ناشطون سوريون وثوار في الداخل ان المتطرفين ليسوا موضع ترحيب في مناطق تعتز بتسامحها مع الأقليات الدينية التي تتعايش في وسطها، مثل المسيحيين والعلويين والدروز والكرد والشيعة الاسماعيليين.
وتحدث قائد تشكيل معارض في شمال سوريا، قدم نفسه باسم ابو مصطفى كيف انه ورجاله طردوا نحو 15 متطرفا جميعهم سوريون ولكن ليس بينهم واحد من المنطقة نفسها وصلوا اليها في كانون الثاني (يناير). وحاولت المجموعة بقيادة شخص اسمه ابو سليمان أن تجند عناصر محلية لتنفيذ هجوم على قرية جسر الشغور القريبة. وقال ابو مصطفى لصحيفة واشنطن بوست خلال وجوده في تركيا ان ابو سليمان quot;كان معه مال وسلاح وارسل شخصا للتفاوض معنا، ولكني رفضت وطلبنا منه ان يغادر، وحين رفض هاجمناه وقتلنا اثنين منهم وأُصيب رجل من رجالنا. ثم رحل ولكنني لا أعرف الى أينquot;.
وأضاف ابو مصطفى quot;ان السوريين ضد اعطاء بلدنا للمتطرفين ولكن لهذه الجماعات رعاة أغنياء جدا وإذا استمرت ثورتنا على وضعها هذا، دون أمل وبلا نتيجة، فان هذه الجماعات ستزداد نفوذا على الأرضquot;.
انتفاضة بدأت علمانية
قال جوزيف هوليداي، الذي يجري بحثا موضوعه الجيش السوري الحر في معهد دراسة الحرب في واشنطن، إن هناك فارقا بين التدين المحافظ بطبيعته للسوريين الذين ينتمون الى طوائف تقليدية وبين تطرف المرتبطين بالحركة الجهادية العالمية. وأعرب هوليدي عن اعتقاده بأن المتطرفين أقلية صغيرة.
وأوضح هوليدي quot;ان هناك عناصر في المعارضة محافظة جدا، ولكنها ليست القوة المحركةquot;. وأضاف quot;ان هناك بالتأكيد وجاهة في الرأي القائل إن نفوذها سيتزايد بمرور الوقت، لأن الحركات المسلحة كثيرا ما تصبح أشد تطرفا بمرور الوقت ولكن القوة الدافعة وراء الثورة في الوقت الحاضر قوة علمانيةquot;.
وقال يزيد صايغ الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، إن اتباع المدرسة السلفية المتزمتة ظهروا في مناطق سورية عديدة وهم يلعبون دورا في المعارضة ولكن هؤلاء ايضا ينبغي تمييزهم عن الجهاديين.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن صايغ ان السوريين المتدينين من اهل المنطقة الذين يسيرون في اتجاه اسلامي ويرفعون السلاح لا ينتمون الى التنظيم نفسه، وليسوا بالضرورة جهاديين وهؤلاء ليسوا بالضرورة من تنظيم القاعدة. quot;فان هناك جملة ميول واتجاهات مختلفةquot;.
ولكن كثيرا من الناشطين يخشون ان نفوذ المتطرفين يتعاظم في وقت بدأ الثوار يبحثون عن العون من مصادر أخرى، بعد أشهر من المناشدات غير المجدية لتدخل الغرب عسكريا.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن ناشط طلب عدم ذكر اسمه أن نفوذ المتطرفين quot;يتزايد بالطبع لأن لا أحد يفعل شيئا لوقفهquot;. واضاف أن لدى المتطرفين قواعد عملquot; فهم يقولون quot;إذا اعطيناكم المال فعليكم ان تطيعوا اوامرنا وتقبلوا قيادتناquot;. وبعض اصدقائي يشربون الخمرة وهم ليسوا من هذا النمط. ولكنهم عندما لا يجدون طريقا آخر لتغطية تكاليف أنشطتهم فانهم ينضمون الى هذه المجموعات ويتبعونهاquot;.
التعليقات