نتنياهو قد يخسر حليفا اوروبيا قويا

في حال لم يفلح ساركوزي بتحسين حظوظ توليه الرئاسة الجديدة في فرنسا، فسيفقد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حليفا مهما يعتبر الأكثر تقربا من اسرائيل والأقوى بين القادة الغربيين على اتخاذ مواقف متشددة من ايران، كما لعب دورا حاسما في تصليب الموقف الاوروبي من طهران.


لندن: صحيح ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ضُبط في لحظة سهو متلبسا بالقول للرئيس الاميركي باراك اوباما انه لا يطيق بنيامين نتنياهو، واصفا رئيس الوزراء الاسرائيلي بالكذاب. ولكن نتنياهو سيفقد مع ذلك حليفا مهما إذا لم يفلح ساركوزي في تحسين حظوظه بعد الانتكاسة التي ألمت بمحاولته الفوز بولاية ثانية في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية يوم الأحد. والسبب ان نتنياهو بصرف النظر عن رأي أحدهما بالآخر، يُدرك أن ساركوزي يعتبر أكثر الرؤساء الفرنسيين وداً تجاه إسرائيل وهو ايضا رهان اسرائيل الأقوى بين القادة الغربيين على الاستمرار في اتخاذ موقف متشدد من ايران.

وحتى إذا كان مستبعدا ان يغير فرانسوا هولاند، الذي حصد أكبر نسبة من الأصوات في الجولة الأولى، موقف فرنسا الرسمي من ايران في حال فوزه، فمن المستبعد بالقدر نفسه ان ينسخ مرشح الحزب الاشتراكي تشدد ساركوزي، وإلحاحه على واشنطن وجيرانه الاوروبيين لتشديد الضغط على ايران، ومقاومة أي حلول وسط مع طهران بشأن تخصيب اليورانيوم.

ونقلت مجلة تايم عن الباحث المختص بالشؤون الايرانية تريتا بارسي quot;ان ساركوزي قام بدور حاسم في تصليب الموقف الاوروبي من ايران رغم ان الايرانيين أنفسهم أسهموا في ذلك بكل تأكيدquot;. ولاحظ بارسي ان ساركوزي اتخذ مواقف أشد حزما من مواقف إدارة اوباما. وعلى النقيض من ذلك فإن توجه منافسه هولاند سيكون التركيز على معالجة مشاكل فرنسا الداخلية العديدة، وهو حتى إذا واصل موقف فرنسا الرسمي من ايران بلا تغيير فإن من المستبعد ان يواصل موقف ساركوزي في الضغط على القوى الغربية الأخرى والتحريض على مزيد من التشدد، بحسب الباحث بارسي.

وتأتي احتمالات التغيير في باريس في مرحلة حساسة دبلوماسيا حيث تنخرط القوى الغربية في عملية تفاوض مع ايران لتسوية النزاع النووي أو تغيير الموقف نحو المواجهة. وليس هناك ما يشير الى ان ايران سترضخ لمطالب الغرب بالكامل ولكن إذا أبدت طهران استعدادا لاتخاذ خطوات ملموسة ويمكن التحقق منها لتبديد المخاوف الدولية بشأن برنامجها النووي فإن القوى الغربية ستواجه التحدي المتمثل بتحديد حلول توافقية مقبولة.

ويستند اطار العملية الدبلوماسية كما جرى الاتفاق عليه في محادثات اسطنبول في 14 نيسان (ابريل) الى مبدأين أساسيين هما انطلاق المفاوضات من بنود معاهدة حظر الانتشار النووي واعتماد مبدأ التعامل بالمثل مع الخطوات الملموسة التي يتخذها كل طرف. ولكن اسرائيل لا تنظر بارتياح الى هذا الاطار التفاوضي لأن نتائجه في أحسن الأحوال لن ترتقي الى مطلبها الأساسي بحرمان ايران من حق تخصيب اليورانيوم، وتفكيك قدراتها الحالية على التخصيب وإنهائها.

ورغم ان معاهدة حظر الانتشار النووي تلزِم ايران بتقديم كشف عن كل أنشطتها النووية بما يرضي الوكالة الدولية للطاقة الذرية فانها تكفل ايضا حق طهران في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية. لذا سيكون الحل الدبلوماسي القائم على أساس معاهدة حظر الانتشار النووي حلا يعزز الضوابط التي تمنع ايران من استخدام قدراتها النووية لإنتاج اسلحة، ولكنه لن يفكك قدرتها على تخصيب اليورانيوم كما تطالب اسرائيل. واتخذت فرنسا موقف اسرائيل نفسه بضغط ساركوزي على ادارة اوباما منذ اليوم الأول لتوليه الرئاسة، كي يشدد موقفه ويتحلى بالحذر من الطريق الدبلوماسي داعيا الى عقوبات أقسى ضد ايران ومشككا في محاولات التوصل الى صيغ توافقية تشتمل على تبادل الوقود النووي بحيث تبقى ايران قادرة على مواصلة تخصيب اليورانيوم.

وكان ساركوزي الأعلى صوتا بين القادة الغربيين في وضع جدوى المفاوضات مع ايران موضع تساؤل، وتصدر محاولات الضغط على ادارة اوباما والحكومات الأوروبية لفرض عقوبات تستهدف صادرات ايران النفطية وقطاعها المصرفي، وهي عقوبات كان لها تأثير بالغ الضرر على الاقتصاد الايراني. وتدعم بريطانيا مطلب ساركوزي الداعي الى quot;صفر تخصيبquot; ولكنها لم تُبدِ النشاط نفسه في حشد الدعم له.

ونقلت مجلة تايم عن محللين انه من المرجح أن تساير لندن التوافق الدولي إذا تمكنت القوى الغربية من صوغ اتفاق مرحلي يتيح إحراز تقدم ملموس في اعادة الحواجز التي تمنع ايران من استخدام برنامجها النووي لإنتاج أسلحة حتى إذا ترك هذا قضية استمرار ايران في التخصيب بنسبة 3.5 في المئة من دون حل في الوقت الحاضر. وان حلا توافقيا يتضمن اتخاذ خطوات تحدّ من خطر إنتاج سلاح نووي على المدى القريب ولكنها تُبقي لدى ايران القدرة على تخصيب اليورانيوم وفي الوقت نفسه تخفف الضغط الدولي المسلط على طهران، هو على وجه التحديد الحل الذي تخشاه اسرائيل الآن. وساركوزي في الوقت الذي يرفض تهديد اسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية الى منشآت ايران النووية فإنه قد يكون اكثر استعدادا للعمل ضد هذا الحل الوسط بشأن قضية التخصيب من هولاند، بحسب مجلة تايم.

ومن المتوقع ان يكون هولاند، إذا فاز بالرئاسة، لاعبا في الفريق أقل نشاطا وبروزا من ساركوزي الذي يريد ان تكون الأضواء مصوبة نحوه وكان مستعدا لتحدي ادارة اوباما علنا بشأن اتخاذ موقف أشد حزما من ايران.

وسيكون هولاند منشغلا بالتصدي للتحديات الداخلية وتكون أولويته العليا في السياسة الخارجية كرئيس التوصل عن طريق المفاوضات الى معاهدة تنقذ منطقة اليورو. ومن المرجح أن تُعاد ملفات مثل سوريا وايران الى وزارة الخارجية الفرنسية على النقيض من عادة ساركوزي في تولي مسؤوليتها بنفسه. وبالتالي حتى إذا بقيت السياسة الرسمية بلا تغيير فان رحيل ساركوزي سيعني سكوت أقوى الأصوات الداعية الى اتخاذ موقف متشدد من ايران في المعسكر الغربي. ولهذا السبب، ستتجه أنظار جميع الأطراف ذات العلاقة بالنزاع النووي مع ايران نحو فرنسا حين يعود الفرنسيون الى صناديق الاقتراع في 6 ايار/مايو لترى إن كان ساركوزي سيفوز بولاية ثانية.