هولاند أطاح بساركوزي في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية

تجري تساؤلات في فرنسا، حول إمكانية فوز الرئيس نيكولا ساركوزي بأصوات ناخبي حزب اليمين في جولة الاعادة. وعبر مسؤولون فرنسيون عن انزعاجهم من الدعم الذي تحصّل عليه اليمين المتطرف في فرنسا، وسط مخاوف من أن تعرقل الانتخابات جهود حل الأزمة المصرفية.


القاهرة: سيحتاج الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى دعم ناخبي حزب اليمين الذين أداروا ظهورهم له، بعد إحباطهم من ولايته الرئاسية، وذلك إن كان له أن يفوز في جولة الإعادة بانتخابات الرئاسة يوم السادس من الشهر المقبل أمام المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند.

لكن هناك تساؤلات جادة بشأن ما إن كان بمقدوره الفوز بأصواتهم، وحتى إن نجح بذلك، فسيتسبب هذا التحول القوي في حزب اليمين بإصابة شركائه الأوروبيين بعدم ارتياح.

وفي هذا السياق، ذكرت اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية أن حملة الترشح التي ستستمر على مدار الأسبوعين المقبلين ستضع على الأرجح أوروبا المتحدة بشكل أكبر في مرمى النيران، في وقت بدأ يطالب فيه ساركوزي بمزيد من الحمائية وهولاند بمزيد من النمو وتيسير الحصول على أموال، في تحد لدعوات الألمان للتقشف.

وقال بالفعل يوم أمس قادة أوروبيون كبار من أمثال المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ووزير الخارجية السويدي، كارل بيلدت، إنهم انزعجوا من مستوى الدعم الذي تحصّل عليه اليمين المتطرف في فرنسا، كما تخشى الأسواق من احتمالية أن تتسبب الانتخابات بعرقلة الجهود المبذولة لحل الأزمة المصرفية وأزمة الديون في المنطقة.

جدير بالذكر أن ساركوزي سبق له الفوز بالرئاسة قبل خمسة أعوام، بعد جذبه كثيرا من مناصري الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة، لكنهم هجروه في الجولة الأولى من الانتخابات التي أجريت يوم الأحد الماضي، حيث صوتوا بدلاً من ذلك لمرشحة الحزب، مارين لوبان، التي فازت بحوالى 18 % من أصوات الناخبين، وهي النسبة التي تعتبر بمثابة الرقم القياسي لحزبها. فيما فاز ساركوزي بحوالى 27 % من الأصوات، مقارنةً بنسبة الـ 31 % التي حققها في الجولة الأولى عام 2007.

وفي تعقيب لها على النتيجة، وصفت لوبان حصولها على تلك النسبة بأنه quot; تغيير كبير في المشهد السياسي الفرنسي. ولقد نجحنا في كسر احتكار الحزبين. وبغض النظر عما قد يحدث في الـ 15 يوماً القادمة، فتلك هي البداية فحسب للمعركة من أجل فرنساquot;.

ومع هذا، مازال يتعين على الفرنسيين أن يختاروا بين حزب من حزبي (الاتحاد من أجل حركة شعبية ويترأسه ساركوزي، والحزب الاشتراكي الذي يترأسه هولاند)، فيما لم تتحدد بعد كذلك واجهة أصوات ناخبي اليمين المتطرف واليسار المتطرف.

وقد طالبت لوبان ومسؤولو حملتها أنصارها بأن يمتنعوا عن الإدلاء بأصواتهم في انتخابات السادس من أيار (مايو) المقبل وأن يركزوا بدلاً من ذلك على الانتخابات التشريعية في حزيران/ يونيو المقبل، فيما أكد والد لوبان صراحةً أن ساركوزي قد خسر.

وتابعت الصحيفة بقولها إن استطلاعات الرأي لا تكون دقيقة حين يتعلق الأمر بالجبهة الوطنية، خاصة وأن أنصارها يكذبون في بعض الأحيان بشأن نواياهم الحقيقية. لكن العديد من أنصار لوبان يشتركون مع قادتهم في النفور من ساركوزي.

وقال سيلفين كريبو، عالِم اجتماع الحركات السياسية المتطرفة في جامعة باريس الغربية نانتير- لاديفانس، إن لوبان نجحت بمهارة في التعامل بشكل ديمقراطي مع ظاهرة كراهية الأجانب. وأعقبت الصحيفة بقولها إن هذا الموضوع يمس ساركوزي أيضاً، بينما يحمل بشدة على اللحم الحلال الخالي من الملصقات وحجاب الوجه الكامل.

فيما قال هولاند:quot; نيكولا ساركوزي هو المسؤول عن مستوى التأييد الكبير الذي حصل عليه اليمين المتطرفquot;. وعاود كريبو، ليشير في تصريحات أدلى بها لصحيفة ليبراسيون الفرنسية، إلى أنه يعتقد أن نصف مؤيدي لوبان سيلتزمون بدعوتها لهم بالامتناع عن التصويت في انتخابات السادس من أيار (مايو) القادم. وأضاف أن قليلين سيصوتون لهولاند لمعاقبة الرئيس، بينما سيصوت أغلب المتبقين لساركوزي.

وأشار بعض استطلاعات الرأي إلى أن ما يصل إلى 40 % من مؤيدي لوبان سيصوتون لصالح ساركوزي، بينما سيمتنع ثلثهم عن التصويت، وإن كان من المبكر للغاية التحدث عن هكذا احتمالات، في ظل تبقي أسبوعين، حتى في المشهد السياسي الفرنسي.

لكن مع تزايد مشاعر السخط تجاه نيكولا ساركوزي، يبدو من غير الوارد أن يُشَكِّل نصف مؤيدي لوبان قوة كافية لترجيح كفة ساركوزي، خاصة وأنه من المحتمل أن تدفع الحملة اليمينية المتشددة بالناخبين الوسطيين للتصويت لصالح هولاند، على الرغم من المخاوف التي تراود البعض بشأن مصداقية البرنامج الاقتصادي الاشتراكي.

بيد أن الصحيفة الأميركية نوهت في نهاية حديثها المطول بأن هناك مخاوف في فرنسا، كما هو الحال في باقي أنحاء أوروبا، من أن يعمل صعود اليمين المتطرف في البلاد على دفع مزيد من الأحزاب المحافظة التقليدية صوب قومية حادة وصارمة.