في متجر سلمان الدمشقي لبيع الكومبيوترات وسط العاصمة السورية تتكدس كومبيوترات مكتبية صينية الصنع خارج الباب. وحين سُئل الدمشقي إن كان يستعيض بهذه الأجهزة عن بضاعة غربية لم يعد بمقدوره استيرادها اجاب انه لا يجد مشكلة في الحصول على كومبيوترات محمولة من انتاج شركات غربية رغم العقوبات الدولية ضد سوريا.

وقال الدمشقي لصحيفة فايننشيال تايمز quot;نحن نحصل على ما نريد ولا أحد يستطيع ايقاف السوريينquot;.

ويؤكد قول الدمشقي تقارير افادت بأن السوريين تمكنوا من الالتفاف على بعض العقوبات المالية بوسائل تمتد من اعتماد طرق جديدة في الاستيراد الى شراء البضائع من بلدان ليست معادية مثل الصين.
ويرى مراقبون ان ذلك تفصيل في صورة مركبة أوسع تشير الى ان بعض العقوبات تؤذي نظام الرئيس بشار الأسد واركانه ولكن اضرارها تمتد الى السوريين الاعتياديين دون ان تقوي المعارضة.

ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن الخبير المختص باقتصاد الشرق الأوسط ديفيد باتر ان النظام ما زال في وضع يتيح له الحصول على مواد اساسية مثل المحروقات والنقد والمواد الغذائية. واضاف باتر ان العقوبات تؤذي النظام ولكن شله سيتطلب وقتا أطول.

وتشمل العقوبات التي فرضتها على مراحل الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الاوروبي وبعض الدول العربية خلال العام الماضي حظر استيراد النفط السوري وتقييد المعاملات المالية الدولية ومنع سفر افراد يرتبطون بنظام الأسد.

وفي حين ان من الصعب تمييز الآثار المترتبة على هذه الاجراءات عن تداعيات الأزمة الأوسع على الاقتصاد فان كثيرا من السوريين ومراقبين في الخارج يرون ان العقوبات أسهمت بقسط على الأقل في هبوط قيمة الليرة السورية بمقدار الثلث وارتفاع معدل التضخم مؤديا الى مضاعفة اسعار بعض السلع الضرورية.
وقال رجل يتجول بين رفوف قسم السجائر في السوق الحرة بمطار دمشق حيث اختفت علامات تجارية مثل جيتان ومارلبورو ولاكي سترايك quot;ان الشعب بالدرجة الأولىquot; هو الذي يعاني من هذه الاجراءات. واضاف quot;هذا الوضع مستمر منذ عام بدون حل حتى الآنquot;.

وكانت أهم العقوبات تلك التي استهدفت صناعة النفط التي يقدر صندوق النقد الدولي انها أسهمت بنحو 20 في المئة من اجمالي الناتج المحلي عام 2010. ويخمن محللون ان هذه العقوبات مع اسباب اخرى اسفرت عن انكماش الاقتصاد السوري بنسبة 2 الى 10 في المئة العام الماضي.

وتمارس العقوبات تأثيرا ضد الأفراد المستهدفين بها ايضا. وقال عصام انبوبة الذي يملك استثمارات زراعية ومشاريع كبيرة اخرى انه رفع دعوى قانونية ضد عقوبات الاتحاد الاوروبي على اساس انه ليس قريبا من نظام الأسد. ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن انبوبة استعراض ما فعله النظام السوري به قائلا quot;انهم خربوا علاقتنا المصرفية واجبروني على الاستقالة من عدة شركات كنت عضوا في مجالس ادارتها ونعتوني بعدو الشعبquot;.
وقال مستورد معدات صناعية ليس مشمولا بالعقوبات انه خسر اكثر من مليوني يورو من عقود مؤكدة عندما بدأ الحظر النفطي هذا العام. واضاف ان طلبيات صغيرة على قطع غيار تكلف بضعة آلاف اليورو تحتاج الآن الى اسبوعين او ثلاثة اسابيع لانجاز معاملاتها بدلا من يومين في السابق. واضاف quot;في نهاية المطاف نحن الذين ندفع الثمن وليس الحكومةquot;.

ورغم كل الآفاق الاقتصادية القاتمة وحديث المسؤولين الغربيين عن استنزاف الاحتياطي النقدي فان هناك مؤشرات لا تنم عن انهيار وشيك. ومن هذه المؤشرات ان سعر الليرة السورية استقر خلال الاسبوعين الماضيين على نحو 70 ليرة مقابل الدولار في السوق السوداء بالمقارنة مع 57 ليرة بالسعر الرسمي.

ويبدو ان السوريين أخذوا يجدون طرقا لتخفيف وطأة العقوبات بمساعدة الحدود المفتوحة وحلفاء قدماء. وبث التلفزيون الرسمي الايراني تقريرا قبل ايام عما قال انه معرض تجاري سوري في طهران حيث عرضت 300 شركة سورية منتجاتها من مقابض الأبواب الى الأجهزة الطبية.

وفي متجر ملابس في دمشق مرر البائع يده بحسرة على أخر ما تبقى من الستر الصوفية الالمانية التي كان يبيعها بسعر 95 دولارا للسترة قبل ان يستعيض عنها بستر صينية أدنى نوعية وأرخص ثمنا بنسبة 40 في المئة. وقال البائع ان العقوبات تؤدي مفعولها في إشعار السوريين بالعزلة والحرمان ولكن ليس بما يكفي لتحويلهم الى ثوار. واضاف quot;لا أحد يأتي من الخارج ونحن الآن نعمل للسوريين فقطquot;.