أشرف أبوجلالة من القاهرة: بينما كان يتوقع أن يعمل أول لقاء يجمع بين الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ونظيره الروسي، المنتخب حديثاً، فلاديمير بوتين، على هامش فعاليات قمة مجموعة الثماني المقررة بعد أيام في كامب دافيد، على إزالة قدر من الخلافات التي كانت قائمة بينهما على خلفية ما حدث أثناء فترة الانتخابات الروسية قبل شهرين، جاء الإعلان أول أمس عن أن بوتين لن يتمكن من حضور القمة، التي روّج لها أوباما باعتبارها فرصة لقضاء وقت مع بوتين، ليصيب خبراء السياسة الخارجية في كلتا الدولتين بحالة من الحيرة، خاصة وأنهم كانوا ينتظرون متابعة نتائج هذا اللقاء.

وقال أحد مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية: quot;عبر مكالمة هاتفية أجريت يوم أمس الخميس، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، لنظيرته الأميركية، هيلاري كلينتون، أن إلغاء الزيارة لم يكن سياسياًquot;. في حين أشار مسؤولون آخرون في الإدارة إلى أنهم تقبلوا السبب الذي ذكره بوتين بخصوص إلغاء رحلته، منوهين بأنه أخبر أوباما بأنه بحاجة إلى الوقت كي ينتهي من تشكيل حكومته الجديدة.

وبحسب ما نقلته اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية عن مسؤول بارز في الإدارة الأميركية، فإنه وأثناء اجتماع جرى يوم الجمعة الماضي في موسكو مع مستشار الأمن القومي الأميركي، توماس دونيلون، وكان يفترض أن يكون إعداداً لاجتماع كامب دافيد، قال بوتين إنه قد يضطر لإرسال رئيس وزرائه (والرئيس السابق) ديميتري ميدفيديف، بدلاً منه.

وأضاف هذا المسؤول أن بوتين أخبر دونيلون أيضاً أن ميدفيديف سيقوم بالتعيينات الأولية للوزراء في الحكومة الجديدة، وأنه، باعتباره الرئيس، سيصادق عليها. ووعده بوتين كذلك بأن يجري اتصالاً بأوباما يوم الثلاثاء أو الأربعاء ليبلغه بقراره، وهو ما فعله يوم أول أمس بالفعل.

ومضت الصحيفة تنقل عن أندرو كوشينز، مدير برنامج روسيا وأوراسيا في مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية، قوله: quot;ليس لأنه لا توجد معارك كبرى في موسكو، وإنما تعذر مجيئه لهذا السبب، لا يمكنني تصديق ذلك تماماً. وهذا أمر غريب حقاً. فهل يعقل أن يكون بمقدور رئيس الوزراء، المنوط به في الأساس مهمة تشكيل الحكومة، أن يذهب إلى القمة، وبوتين لا يستطيع؟quot;.

وأشار مسؤولون أميركيون وروس إلى أن كلا الرجلين، أوباما وبوتين، سيتقابلان في المكسيك خلال الشهر المقبل ضمن اجتماع قمة العشرين. ولا تزال بعض التوترات تهيمن على العلاقات بين الدولتين، منها نشر نظام الدرع الصاروخية الذي تعتبره روسيا تهديداً، وكذلك دفاع روسيا عن الرئيس السوري بشار الأسد.

لكن الأمور بدأت تتحسن، بعد انتهاء الانتخابات الروسية، وعزا أحد مسؤولي البيت الأبيض السر وراء انتظار أوباما أيامًا عدة كي يتصل ببوتين ليقدم له التهنئة إلى تضارب المواعيد المقررة. وأضاف هذا المسؤول: quot;كانت مكالمة رائعة حين أجريتquot;.

وفي موسكو، قال مراقبون للشأن السياسي الداخلي إن قرار بوتين المتعلق بعدم حضور قمة مجموعة الثماني جاء ليعكس شعوره بالإحباط بشأن باقي المهيجات، التي من بينها تلك التصريحات التي كانت تصدرها وزارة الخارجية الأميركية بشأن المسيرات والتظاهرات الاحتجاجية التي قابلت مراسم تنصيب بوتين رئيساً للبلاد.

من بين الأمور الأخرى التي تعكر صفو العلاقات بين الجانبين الروسي والأميركي تلك المتعلقة بهذا التشريع المنتظر أن يصدره الكونغرس، والذي يتوقع أن يلاحق المسؤولين الروس المرتبطين بانتهاكات ذات صلة بحقوق الإنسان. وقال مسؤولون روس إنهم اقتيدوا للاعتقاد بأن الإدارة الأميركية سوف تحاول جاهدةً أن توقف قانون quot;سيرجي ماجنيتسكي للمحاسبة وحكم القانونquot;، وعبّروا عن شكواهم من أنها لم تفعل ما يكفي من تدابير على هذا الصعيد.

وأشار ديمتري سيميز، الخبير الروسي الذي التقى أخيرًا مسؤولين في موسكو، إلى أن دائرة بوتن الداخلية تعتقد أن روسيا لم تستفد كثيراً من سياسة quot;إعادة الضبطquot; التي ينتهجها أوباما، وأنها تريد أن تظهر أن شكل العلاقة سيتغير.