الأحزاب السورية تشكو من التزوير في الانتخابات

من المتوقع أن تسبب التسريبات، التي تداولها المرشحون في سوريا عن فوز ساحق لقائمة الوحدة الوطنية، أزمة سياسية للنظام هناك، رغم اعلان قرار اعادة الانتخابات في بعض مناطق ريف دمشق.


دمشق: على الرغم من إعلان رئيس اللجنة العليا للانتخابات في سوريا، المستشار خلف العزاوي، عن قرار اللجنة إعادة الانتخابات في بعض مناطق ريف دمشق نتيجة المخالفات القانونية التي اعترت العملية الانتخابية في 14 مركزاً في المحافظة، إلا أن الخيبة الواضحة والتسريبات التي تداولها المرشحون عن فوز quot;ساحقquot; وquot;محققquot; لقائمة الوحدة الوطنية، التي حلت اسمياً وفعلياً مكان قائمة الجبهة الوطنية التقدمية، والتي تمثل التحالف القديم لحزب البعث مع عدة أحزاب يسارية وقومية، قد تشي بأزمة سياسية جديدة غير متوقعة بالنسبة للنظام، الذي حرص على تمرير استحقاق الانتخابات البرلمانية قبل البدء بالحوار مع المعارضة، وفق خطة المبعوث الأممي العربي المشترك، كوفي أنان.

رئيس اللجنة العليا للانتخابات خلف العزاوي ذكر أن كلاً من مركزي داريا وقدسيا يعدان مثالاً صارخاً للتجاوزات التي رصدتها اللجان القضائية، وبين أن الانتخابات ستجري الأحد 13-5-2012 بدءاً من الساعة السابعة حتى العاشرة مساء في المراكز ذاتها.

واعتبر العزاوي أن قرار إعادة الانتخابات في ريف دمشق ليس الأول من نوعه، مشيراً إلى أن اللجنة العليا للانتخابات أعادت العملية في بعض مراكز محافظة الحسكة ودمشق، مستشهداً بذلك على حسن الرقابة القضائية، والحفاظ على نزاهة الانتخابات، ومتابعة اللجان الفرعية بكل أمانة وصدق، على حد تعبير العزاوي.

ونفى العزاوي أن تكون نسبة المشاركة quot;ضعيفةquot;، مشيراً إلى أن النتائج الانتخابية لم تصدر بعد وأبدى استغرابه من بعض الجهات والأشخاص ممن يطلقون أحكامهم جزافاً دون التيقن من صحتها، وأن اللجنة العليا لا يمكن أن تقبل الطعون إلا بالطرق القانونية الأصولية، وليس عبر الإعلام، متمنياً في الوقت نفسه على جميع المرشحين القبول بنتائج الانتخابات مهما كانت في إطار اللعبة الديمقراطية.

من جهتها، شنت الأحزاب الوليدة حديثاً وquot;المصدومةquot; من أسلوب إدارة الانتخابات البرلمانية، هجوماً كبيراً على النظام السوري، على الرغم من انضواء معظمها تحت لواء الموالاة له، وذلك قبيل ساعات قليلة من إعلان نتائج انتخابات مجلس الشعب، بعد سريان شائعات عن نجاح قائمة الوحدة الوطنية في نيل معظم مقاعد مجلس الشعب.

فقد عقد حزب الشباب الوطني للعدالة والتنمية بمشاركة عدد من الأحزاب الجديدة المرخصة مؤتمرًا صحفياً تناولوا فيه ظروف إجراء انتخابات مجلس الشعب وموقفهم منها مستبقين إعلان نتائج هذه الانتخابات من اللجنة العليا للانتخابات.

رئيسة حزب الشباب الوطني للعدالة والتنمية بروين ابراهيم أشارت إلى أخطاء حدثت وقالت: quot;كنا نأمل ألا تحدث في هذه المرحلة وأن تعتمد الشفافية والديمقراطية، لدينا أدلة حول بعض التجاوزات وسيتم تقديم الاعتراضات إلى اللجنة القضائية والمحكمة الدستورية العليا، ونحن نريد العمل لعدم السكوت عن الخطأ، كما وجه السيد الرئيس بشار الأسدquot;، داعية إلى التحقيق في الأخطاء ومحاسبة المسؤولين عنها.

أما أمين عام حزب التضامن، عماد الدين الخطيب، فقد أشار إلى معاناة مرشحي محافظة الحسكة خلال الانتخابات، وقال: quot;تأملنا أن تكون الانتخابات الحالية خطوة للإصلاح إلى الأمام معتبرًا ظهور بعض القوائم دفع الحزب لإعلان انسحابه، وترك الخيار لمن يريد من مرشحيه الاستمرار لأن هذا لا يعني أن يكون بعيدًا عن الساحة السياسيةquot;.

بدوره أكد يعمر الزوني، رئيس حزب الأنصار مسبقاً عدم المشاركة في الانتخابات لأنها تجري في ظل مخالفات للدستور ولقانوني الانتخابات والأحزاب، معتبرًا أن القضية ليست في عدم القدرة على المنافسة بل في عدم تكافؤ الفرص.

من جهته، أشار ماهر مرهج أمين عام حزب الشباب الوطني السوري إلى أن الانتخابات شابتها بعض التجاوزات والمخالفات التي ظهرت وأثرت في المشاركة الشعبية فيها، بينما رأى أحمد راضي، عضو المكتب السياسي في حزب الطليعة الديمقراطي أنه كان من المفترض أن يكون الانتخاب على أساس القائمة النسبية، بمعنى أن تكون سورية قائمة واحدة، quot;لا يمكن المقاربة السياسية بين أحزاب لا يتجاوز عمر تجربتها السياسية عدة سنوات أو بضعة أشهر وأحزاب أخرى عمرها الزمني يتجاوز السبعين عامًاquot;. فيما أكد فراس نديم ممثل الحزب الديمقراطي السوري أن مشاركة الأحزاب المرخصة في الانتخابات كانت ترجمة للواجب الوطني ولمبدأ التعددية السياسية مؤكداً quot;وجود مآخذ على الانتخاباتquot;.

أكبر أحزاب المعارضة الموالية للنظام، أو التي تشكلت في ظل قانون الأحزاب الجديد، كما يحلو لها أن تصف نفسها، وهي الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، دعت إلى تغيير النظام الانتخابي بعد أن أثبت فشله.

وفي بيان صادر عن الجبهة، تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه، دعت الجبهة إلى quot;تغيير النظام الانتخابي واستبداله بنظام يقوم على النسبية باعتماد سوريا دائرة واحدة خلال فترة قصيرة وإجراء انتخابات جديدةquot;. وأشار البيان إلى استجابة النظام لمطالبها من ضمانات النزاهة وشفافية الانتخابات قبل إجرائها، ولكنها اعتبرت أن quot;تنفيذ ذلك على الأرض هو أصعب بكثير من الإعلان عنهاquot;.

وقال قدري جميل رئيس الجبهة في تقرير قدمه للمؤتمر الصحفي الذي دعت إليه الجبهة، أن الجبهة دخلت الانتخابات انطلاقًا من قناعتها بضرورة أن تكون نقطة انطلاق للعملية السياسية الشاملة للوصول إلى حل للأزمة التي تعيشها سوريا، وكانت مناسبة هامة للاتصال بالناس وعرض سياسة الجبهة وإيصالها بمختلف الوسائل بغض النظر عن النتائج. إلا أن جميل أشار إلى أن الهدف الثاني من دخول الانتخابات يمثل quot;بممارسة تجربة ملموسة في تطبيق نموذج واقع في العلاقة بين الدولة والمعارضةquot; في إطار ما أسماه quot;تقديم تنازلات متبادلةquot; كونها تجربة غير مسبوقة في الواقع السوري.

ورأى جميل أن الانتخابات بينت أن هناك هوة بين وزن الجبهة السياسي ووزنها الانتخابي بسبب قصور أدواتها الانتخابية، وخاصة في تغطية الصناديق بالوكلاء والناشطين. واعتبر أن الانتخابات لم تتحول إلى نقطة انطلاق للعملية السياسية الشاملة بسبب quot;عقلية القوى التي أدارت الانتخاباتquot;، حسب قوله.

ويرى كثير من الناشطين السوريين والمعارضين الذين يعملون في الداخل سواء كانوا من تيارات معارضة أو موالية للنظام أن نتائج الانتخابات التي من المتوقع إعلانها خلال فترة قصيرة سوف تزيد من عزلة سوريا وتفرض المزيد من العقوبات عليها، وسوف تزيد من تأزم الوضع الداخلي وتعقد مهمة إيجاد حل سياسي للأزمة التي تعيشها البلاد.