في تطور مفاجئ للتوقعات بانفراج في الازمة السياسية الحالية في العراق، فقد أكد نائب رئيس الوزراء القيادي في الكتلة العراقية صالح المطلك أنه لم يتراجع عن وصفه رئيس الوزراء نوري المالكي بالدكتاتور والتفرد بالسلطة مؤكدا أنه لن يعود للمشاركة في جلسات مجلس الحكومة من دون ان يكون هناك اتفاق على إصلاحات سياسية حقيقية وشراكة وطنية بالشكل الذي يعكس واقعاً جديداً في منهجية ادارة الدولة .
على الرغم من الانفراجات التي حصلت بين رئيس الوزراءالعراقي نوريالمالكي ونائبه صالح المطلك خلال الأيام الثلاثة الاخيرة حين أشاد هذا الأخير بوطنية رئيس الوزراء مؤكدا أنه اذا التقاه سيحتضنه ويقبّله، الأمر الذي دعا المالكي للإعلان عن تجميد طلبه من مجلس النواب بسحب الثقة من المطلك اثر وصفه له بالدكتاتور مؤكدا ان قضية المطلك سياسية يمكن ان تحلّ بالحوار.. رغم ذلك، جاء تأكيد المطلك اليوم عدم تراجعه عن موقفه من المالكي ووصفه بالدكتاتور ليشكل عودة الى المربع الاول من الازمة السياسية التي تضرب البلاد منذ ستة أشهر.
وقال النائب حيدر الملا القيادي في الجبهة العراقية للحوار الوطني احد مكونات القائمة العراقية ان العراق يمر بأزمة سياسية حقيقية ويحتاج الى جهد وطني واستثنائي من اجل ايجاد حلول ناجعة لها. واضاف ان الجبهة تعتقد جازمة ان خارطة الطريق الوحيدة من أجل حل الازمة السياسية الراهنة تكمن في التنفيذ الفوري لجميع الاتفاقيات السياسية التي تشكلت بموجبها الحكومة الحالية وعلى رأسها اتفاقية اربيل واللقاء التشاوري الاخير في اربيل اواخر الشهر الماضي ومن خلال تبني مشروع مصالحة وطنية حقيقية يتضمن اجراءات تنفيذية وتشريعات قانونية كفيلة بإنجاحه وتطبيق الدستور دون انتقائية رغم كل الملاحظات عليه بغية تحقيق الإصلاح السياسي المنشود وفي حالة رفض السيد المالكي الالتزام بخارطة الطريق هذه فمن حق الكتل السياسية اللجوء الى جميع الخيارات الدستورية الكفيلة بتحقيق الإصلاح السياسي ومن ضمنها سحب الثقة من الحكومة الحاليةquot;.
صالح المطلق |
ونفى الملا في تصريح صحافي تسلمته quot;ايلافquot; اليوم بقوة ما تناولته بعض وسائل الاعلام من ان المطلك قد تراجع عن موقفه السابق بوصف المالكي بالتفرد والدكتاتوريةquot; .. وقال quot; ان المواقف التي تتخذها الجبهة العراقية للحوار ورئيسها المطلك نابعة من منطلقات موضوعية وليست نتاجاً لمواقف شخصية. ولذلك، عندما اتخذ السيد المالكي موقفاً ايجابياً في قضية اتفاقية انسحاب القوات الاميركية عام 2009 لم نتردد في ان نصف موقفه بالوطني وعبرنا عن المهنية في ادارته جلسات مجلس الوزراء في بعدها المدني، وهي المنطلقات ذاتها التي جعلتنا نصفه بالتفرد والدكتاتورية في إدارته الملف الامني الذي يشكل الملف الاهم في حياة بلدنا وشعبنا، وغيره من الملفاتquot;.
واكد الملا باسم الجبهة العراقية للحوار الوطني ورئيسها المطلك انه quot;من غير الممكن ان يعود المطلك للمشاركة في جلسات مجلس الوزراء دون ان يكون هناك اتفاق على إصلاحات سياسية حقيقية وشراكة وطنية بالشكل الذي يعكس واقعاً جديداً في منهجية إدارة الدولةquot; .. كما شددت الجبهة ورئيسها على انها تشكل عموداً فقرياً اساسياً في ائتلاف العراقية،quot;لذلك نستنكر ونندد بشدة تلك الشائعات التي تحدثت عن ان للجبهة ورئيسها موقفاً مغايراً لائتلاف العراقية ونعدّها فقاعات إعلامية مغرضة هدفها إرباك المشهد السياسيquot;.
ويأتي هذا التصريح بعد يومين من الإعلان عن سحب المالكي لطلب كان تقدم به الى مجلس النواب لسحب الثقة من المطلك في خطوة وصفت بأنها تمهّد لحل الأزمة السياسية في البلاد. وقال ياسين مجيد النائب عن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي ان رئيس الوزراء قد سحب طلبه الى مجلس النواب بسحب الثقة من نائبه المطلك، وانه سيعود الى اجتماعات الحكومة اعتبارا من جلسة الثلاثاء المقبل. واضاف مجيد ان المالكي ارسل خطابا الى رئاسة مجلس النواب يوجه فيه بسحب الثقة من نائبه المطلك والذي كان تقدم به اثر وصف هذا الاخير له بالدكتاتور .
وجاء تجميد المالكي لطلب سحب الثقة من المطلك بعد ساعات من تأكيد هذا الاخير خلال مقابلة مع فضائية quot;العراقيةquot; الرسمية الاربعاء الماضي قال فيها انه اذا التقى المالكي فإنه سيحتضنه ويقبله مشددا على انه لا خلاف شخصيا له معه مشيدا بإدارته اجتماعات الحكومة. واضاف المطلك في المقابلة، التي قال مراقبون انها رتبت لتمهد الطريق لتصالحه مع المالكي، أن رئيس الوزراء يدير جلسات مجلس الوزراء بمهنية عالية مؤكدا انه يتمتع بوطنية عالية وان خلافه معه ليس شخصياً وإنما يخص تأسيس بعض الاجهزة الامنية. وقال انه يتفق مع المالكي على وحدة العراق وانه غير قابل للتجزئة والانفصال . واضاف انه معبقاء الوضع السياسي الراهن على حاله فانه سينسحب من العملية السياسية باكملها quot;لانني لا اريد ان احرج مع الشعب ان كنت غير قادر على فعل شيءquot;.
واشار المطلك الى ان للمالكي مواقف وطنية عديدة ولولا تلك المواقف ما وضعت يدي بيده quot; لكن هناك مواقف اخرى لم تكن موفقة وعلينا الاتفاق عليها. وشدد على ضرورة التعاون من اجل تحقيق المصالح العليا للبلاد. واكد أنه ليس لديه خلاف شخصي مع رئيس الوزراء نوري المالكي، مبينا أن العلاقة بينهما quot;جيدةquot; نافيا وجود خلاف شخصي بينهما مؤكدا أنه quot;مع المالكي في الكثير من القضاياquot;. واشار الى انه quot;لا يحمل في قلبه ضغينة تجاه المالكي على الرغم من المضايقات التي حصلت منهquot;.
وقد حاول المطلك الافلات من سؤال عن الكيفية التي سيتصرف بها فيما اذا التقى المالكي صدفة وسأل المذيع الذي اجرى المقابلة معه عن السبب الذي يدفعه الى تكرار هذا السؤال والالحاح عليه .. لكن المطلك رد أخيرا بالقول quot; سأحتضنه وأقبلهquot;. وخلال حديثه وصف المطلك المالكي بأنه quot;الاخ أبو أسراءquot;. واوضح ان للمالكي مواقف وطنية مشهودة وهو يدعو لوحدة العراق وسيادة القانون quot;وأنا ادعو لذلك ايضاquot; ولكن هناك له مواقف اخرى يجب التعاون لتحقيقها ومنها العدل وضرورة التعاون مع الشركاء السياسيين لتصحيح مسار اجهزة تسيء الى البلد.
وكانت الأزمة بين ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي والقائمة العراقية بزعامة علاوي قد تصاعدت منذ اواخر العام الماضي عقب إصدار مذكرة قبض بحق القيادي في العراقية الهاشمي بتهمةquot;الإرهابquot; فضلاً عن تقديم المالكي طلباً إلى البرلمان بسحب الثقة من المطلك بعد وصفه المالكي بأنه quot;دكتاتور لا يبنيquot; الأمر الذي دفع العراقية إلى تعليق عضويتها في مجلسي الوزراء والنواب وتقديم طلب إلى البرلمان بحجب الثقة عن المالكي قبل أن تقرر في ال29 كانون الثاني (يناير) الماضي العودة إلى جلسات مجلس النواب وفي السادس من شباط (فبراير) الماضي إنهاء مقاطعة جلسات مجلس الوزراء.
التعليقات