القاهرة: يعد الجيش المصري بالعودة الى ثكناته فور انتخاب رئيس للجمهورية لكن هذا الانسحاب قد لا يكون الا صوريا بسبب وزن السياسي والاقتصادي الكبير، بحسب ما يقول خبراء.

وتعهد المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يترأسه المشير حسين طنطاوي رسميا بان يسلم قبل 30 حزيران/يونيو المقبل للرئيس المنتخب السلطة التي يتولاها منذ اسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في شباط/فبراير 2011.

وبانتقال السلطة ستنتهي الفترة الانتقالية المضطرية التي شهدت تظاهرات بعضها دام والتي اتهم الجيش خلالها بالارتباك والتخبط وبالابقاء على الجهاز القمعي للنظام القديم و بالتشبث بامتيازاته.

وتعتقد المؤسسة العسكرية من جانبها انها وفت بوعدها بوضع البلاد على طريق الديموقراطية من خلال اجراء الانتخابات التشريعية ثم الرئاسية في مناخ من الانفتاخ السياسي غير مسبوق في مصر.

ويقول المحلل السياسي توفيق اكليموندس ان quot;الجيش هو المؤسسة الوحيدة في البلاد التي تعمل في مصر الان وما زال يحظى ببعض الشعبية ولديه قوة اقتصادية حقيقة بينما الشرطة عاجزة عن اعادة تنظيم نفسها لضمان الامنquot;.

ويضيف اكليموندس وهو استاذ في العلوم السياسية في جامعة باريس 1 ان quot;لدى الجيش القدرة على ان يظل لاعبا سياسيا مهما لسنوات والقوى السياسية ستميل الى طلب دعمهquot;. ويعتقد الكاتب حسن نافعة ان quot;وضع الجيش سيتوقف كثيرا على الرئيس الذي سينتخبquot;.

ويضيف انه اذا كان الرئيس منبثقا من النظام القديم مثل الامين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى او اخر رئيس للوزراء في عهد مبارك احمد شفيق، quot;فسيستمر الجيش في لعب دور مهم ولن يكون هناك اصلاح في ما يتعلق بدورهquot;.

ويتابع انه اذا فاز مرشح اخر quot;فسيتعين على الجيش ان يعود الى ثكناته ولكن ينبغي التوصل الى اتفاق معه حتى تسير الامور بشكل جيدquot;. ويؤكد اكليموندس ان quot;هناك الكثير من المصالح على الطاولة وخصوصا المصالح الاقتصادية وينبغي معالجة الامر بحكمةquot;.

وقال المرشح الاسلامي المعتدل عبد المنعم ابو الفتوح انه يتعين على الجيش ان يعود الى ثكناته فور انتخاب رئيس للجمهورية لكنه لم يوضح كيف سيتحقق ذلك.

وتبنت جماعة الاخوان المسلمين التي رشحت محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عنها في انتخابات الرئاسة، في الاشهر الاخيرة مواقف مختلفة فانتقدت الجيش بعنف تارة واوحت بانها يمكن ان تتعاون معه تارة اخرى.

وقالت مجموعة الازمات الدولية في دراسة اخيرة لها عن الجيش المصري ان quot;المجلس الاعلى للقوات المسلحة يعتبر نفسه اللاعب الوحيد الذي يمتلك الخبرة والنضج والحكمة لحماية البلادquot;. واضافت ان quot;هدفه هو التراجع الى الخلف ولكن ان يظل حكما وان يتجنب الاضواء مع الاحتفاظ بنفوذ حاسمquot;.

ويقوم الجيش بهذا الدور منذ سقوط الملكية في 1952 اثر اانقلاب قام به quot;الضباط الاحرارquot; بقيادة جمال عبد الناصر. ومنذ ذلك الحين، جاء رؤساء مصر من المؤسسة العسكرية (محمد نجيب ثم عبد الناصر ثم السادات ومبارك).

وكشف الجدل الذي شهدته البلاد اخيرا وكذلك بعض التسريبات ما يريده الجيش. فهو يرغب اولا في الحفاظ على سرية موازنته بحيث لا تتم مناقشتها بشكل علني في البرلمان، ويريد ثانيا الاحتفاظ بحق الادلاء برأيه في اي تشريع يخصه.

كما يأمل ثالثا في الحصول على شكل من اشكال الحصانة من اجل ضمان عدم محاكمة الضباط الكبار كما يجري الان مع مبارك. ويريد العسكريون ايضا المحافظة على امبراطوريتهم الاقتصادية التى تشمل قطاعات متنوعة من الفنادق الى الصناعات الغذائية مرورا بالاسمنت وتجميع السيارات.

وفي اذار/مارس الماضي، حذر عضو المجلس العسكري محمود نصر من ان العسكريين quot;لن يسمحوا بأي تدخل من اي كان في المشروعات الاقتصادية للجيشquot;. ويحصل الجيش المصري كذلك منذ ابرام معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية عام 1979 على مساعدة سنوية من الولايات المتحدة قيمتها 1.3 مليار دولار.