عناصر من الجيش السوري الحر |
القاهرة: شهدت سوريا أسوأ عملية إرهابية تتعرض لها منذ عقود خلال الشهر الجاري، حين انفجرت سيارتان مفخختان بالقرب من فرع استخبارات عسكري في العاصمة دمشق، ما أسفر عن مقتل 55 شخصاً وإصابة المئات.
وسرعان ما بادرت وكالة الأخبار السورية الرسمية لنشر مجموعة من الصور المرعبة لضحايا الهجوم، الذي قال عنه الرئيس بشار الأسد إنه نتاج أعمال quot;جماعات إرهابية تدعمها جهات غربيةquot;.
وبدا في البداية أن لدى النظام السوري أدلة تدعم رؤيته لما حدث. وتم بث مقطع مصور في الـ 12 من الشهر الجاري على موقع يوتيوب لفرع فلسطيني للجماعة الجهادية جبهة النصرة تزعم فيه مسؤوليتها عن الهجوم.
لكن ذلك لم يكن صحيحاً، حيث أصدرت الجماعة بياناً تنفي فيه أنها كانت وراء بث هذا الفيديو المفبرك. لكنها لم تنف في الوقت نفسه تورطها في هذا الهجوم. وبدلاً من ذلك، ذكر المنفذ الإعلامي للجماعة أنهم سيعرفون من قادة الجماعة العسكريين ما إن كانوا قد نفذوا التفجيرات أم لا.
وفي هذا السياق، قالت اليوم مجلة quot;فورين بوليسيquot; الأميركية إنه وبغض النظر عما إن كانت جماعة جبهة النصرة قد تورطت في هجوم دمشق أم لا، فإنها تحولت إلى قوة حقيقية خلال الأسابيع الأخيرة وباتت قوة تهدد بتقويض الجيش السوري الحر، تلك الشبكة الفضفاضة التي تتكون من منشقين وميليشيات محلية تحارب الحكومة.
ومضت المجلة تقول إن أهداف تلك الجماعة الرئيسة هي تنبيه المسلمين للفظاعات التي يرتكبها نظام الأسد والسيطرة في الأخير على الدولة وتطبيق تفسيرها المتزمت والضيق للشريعة الإسلامية.
وقد ارتكبت الجماعة، خلال الشهر الماضي فقط، سلسلة من التفجيرات الانتحارية وهجمات بالعبوات الناسفة، وبدا من الواضح أن نطاق الهجمات آخذ في التزايد.
ومن الجدير ذكره أن تلك الجماعة أعلنت عن وجودها في البداية يوم الـ 23 من كانون الثاني (يناير) الماضي، عبر فيديو تم بثه على المنتديات الجهادية العالمية، واتهم فيه ناطق باسم الجماعة، يدعى الفاتح أبو محمد الجولاني، الولايات المتحدة وجامعة الدول العربية وتركيا وإيران والغرب عموماً بالتعاون مع نظام الأسد ضد المسلمين السنة.
وأعقبت فورين بوليسي بقولها إن الهجمات التي تنفذها تلك الجماعة لا تشكل سوى جزء ضئيل من التمرد السوري ولا ترتبط بأي علاقة معروفة بالجيش السوري الحر. لكن أعضاء المنتديات الإلكترونية البارزة لتنظيم القاعدة أبدوا في واقع الأمر إعجابهم بخصوص إنشاء تنظيم جهادي جديد في سوريا.
وبالإضافة إلى القاعدة الشعبية التي اكتسبتها جماعة جبهة النصرة على الإنترنت، أوضحت المجلة أنها حصلت على الموافقة من أيديولوجيات جهادية كبرى، من بينهم الشيخ أبو سعد العاملي والشيخ أبو المنذر الشنقيطي والشيخ أبو محمد الطحاوي والشيخ أبو الزهراء الزبيدي.
وأضافت المجلة أن هذا المستوى من الإثارة، الذي لم يُشَاهَد في الدوائر الجهادية منذ حرب العراق، يمكن أن يعزو جزئياً إلى الطبيعة الطائفية للصراع : فالجهاديون لا ينظرون إلى أنصار الأسد على اعتبار أنهم مسلمون حقيقيون لأنهم علويون. ولهذا يرى الجهاديون أن تمثيل هؤلاء للأغلبية السنية المسلمة أمر يستحق التوبيخ.
وفي الوقت الذي ما زال يفتقد فيه القدرة على قمع الانتفاضة الشعبية التي تشهدها بلاده، ما زال يصر الرئيس الأسد على أن سوريا تحارب إرهابيين أجانب. ورغم أن حركة الاحتجاج المتنامية في البلاد تشكل بوضوح الأغلبية الساحقة من المعارضة، إلا أن هناك العديد من التقارير التي تتحدث عن خروج مسلمين غير سوريين لمقاتلة الأسد.
التعليقات