اجتماع دول 5+1 في بغداد حول الملف النووي الايراني2

في وقت لم تتوصل فيه الدول المشاركة في اجتماع 5+1 في بغداد حول ملف ايران النووي الى اتفاقات نهائية ومددت مفاوضاتها الى غد الخميس، فقد اعلن الوفد الايراني انه قدم مقترحا مضادا للعرض الاوروبي الذي اقترح تقليل ايران نسبة تخصيب اليورانيوم من 20 الى 5 بالمائة مقابل تخفيض العقوبات ضدها حيث يستند مشروع طهران إلى خمس نقاط وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة.


لندن: قال الوفد الايراني في الاجتماع خلال مؤتمر صحافي في بغداد عقب انتهاء جولة المفاوضات الثانية التي بدأت في العاصمة العراقية صباح اليوم، حول ملف ايران النووي انه قدم عرضا مضادا للدول الست الكبرى يقوم على خمس نقاط ويستند الى مبدأ خطوة مقابل خطوة . واشار الى انه ينتظر رد فعل مجموعة 5+1 خلال الاجتماعات الحالية مؤكدا ان المفاوضات شاقة ومضنية وستتواصل حتى يوم غد بعد ان كان مقررا اختتامها الليلة.

وأضاف ان مفاوضات مع وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون، والممثل الصيني ستجري الليلة فيما ستكون هناك جولة جديدة من المفاوضات غدا الخميس. وفي وقت سابق اليوم أعلنت الدول الكبرى الست انها قدمت خلال محادثاتها مع ايران في بغداد عرضا جديدا لطهران التي تتطلع من جهتها الى تخفيف العقوبات المفروضة عليها، وخصوصا المتعلقة بقطاع النفط يقوم على اساس تخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم الايراني من نسبة 20 الى 5 بالمائة مقابل تخفيض العقوبات الاوروبية ضدها.

لكن عضوا في الوفد الايراني المفاوض اكد انه رفض مقترح الاتحاد الاوروبي وشدد بالقول ان بلاده تعتبر نسبة 20 بالمائة خطا احمر، لا يمكن تجاوزه كما ابلغ قناة العراقية الرسمية.

الصدر دعا حكومة بلاده الى الالتفات لقضايا شعبها بدل الجيران

ومن جهته انتقد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بشدة اجتماع دول 5+1 وإيران في بغداد معتبراً أن زج العراق في ملف طهران النووي سيعرضه للضغوط وينال من استقلاليته. وقال الصدر في بيان صدر عن مكتبه الإعلامي في محافظة النجف اليوم إن quot;زج العراق في قضية الملف النووي الإيراني قد تترتب عليه مفاسد كثيرة أهمها عدم استقلاليته والضغط عليه من خلال قضايا مماثلة . وشدد بالقول ان هذا الأمر خطير وغير مقبول بل مرفوض. وشدد على quot;ضرورة أن يكون الصراع بين القوى بعيداً من مصالح العراق وشعبهquot; مشيرا الى ان quot;العراق تدخل في القضية السورية وما زالت دماء السوريين من كل الأطراف تسيل بلا رادع كما تدخل بملفات أخرى جعلت منه عرضة للصدام مع دول الجوار وغيرهاquot;. وحذر الصدر من أن ما يمر به العراق أخطر، مطالباً الحكومة بالالتفات إلى شعبها قبل الالتفات إلى جيرانها .

آشتون قدمت الاقتراح الى جليلي

وكان مصدر عراقي يتابع المفاوضات الاوروبية مع ايران قد ابلغ quot;إيلافquot; في وقت سابق اليوم ان الممثلة العليا للشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون قدمت مقترحا الى أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في ايران سعيد جليلي يقضي بتخفيض بلاده نسبة تخفيض اليورانيوم من 20 الى 5 بالمائة مقابل تخفيض العقوبات عن بلاده . واشار الى ان جلسة المفاوضات الاولى بين الطرفين التي بدأت في بغداد بعد ظهر اليوم تدور الان حول هذه النقطة.

وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو اعلن في زيارة لطهران الاثنين، ان الوكالة وايران ستوقعان قريبا quot;اتفاقاquot; يهدف الى تبديد الغموض حول طبيعة البرنامج النووي الايراني. غير ان هذا الاعلان قوبل بتحفظ وصل الى حد التشكيك في الولايات المتحدة وفي اسرائيل حيث اعلن وزير المالية يوفال شتاينيتز ان الايرانيين quot;يتلاعبون منذ سنوات مع المجتمع الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذريةquot;.

ورأى دبلوماسي مطلع على الملف انه ليس هناك ما يضمن التوصل الى نتائج quot;ملموسةquot; خلال اجتماع اليوم، بل انه قد لا يسفر سوى عن اتفاق على اجراء محادثات عمل تقنية بشكل منتظم. وتشكل المحادثات بين القوى الكبرى وايران في بغداد حلقة جديدة في مسلسل طويل من المفاوضات النووية الا انها تمثل ايضا خطوة اضافية على طريق عودة العراق الى الخريطة الدبلوماسية العالمية.

العراق: لسنا طرفا ولكننا وسطاء

وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ في مؤتمر صحافي، ان وفود الدول الدائمة العضوية بالاضافة الى المانيا بدأت تصل الى بغداد للمشاركة في الاجتماع الذي سيكون مستوى التمثيل فيه اقل من الوزراء، حيث سيمثل الدول دائمة العضوية وكلاء وزراء الخارجية مشيرا الى ان العراق سيلعب دور الوسيط خلال الاجتماع من اجل تقريب وجهات النظر. وقال ان العراق سيقدم الى الاتحاد الأوروبي ورقة بخصوص الملف النووي الايراني . واوضح ان رئيس الوزراء نوري المالكي سيجتمع مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة للاتحاد الأوروبي، كاثرين اشتون لشرح وجهة نظر العراق حول الملف النووي الايراني من اجل انهاء هذا الملف الذي وصفه بالمهم والمزعج للمنطقة . واشار الى ان الاجتماع الذي سيبدأ ظهر اليوم سيختتم مساء باعلان النتائج التي توصل اليها.

وقد وصل الى بغداد اليوم الوفد الأميركي للمشاركة في الاجتماع وهو برئاسة نائبة وزير الخارجية ليندي شيرمان التي تمثل بلادها للمرة الاولى في هذه المفاوضات عند تسلمها المنصب حديثاً خلفا للنائب السابق ويليام بير. كما وصل وفد الاتحاد الأوروبي برئاسة الممثل الأعلى للشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون اضافة الى وصول الوفدين الصيني برئاسة مساعد وزير الخارجية الصيني ماجايو شو، وكذلك الوفد الفرنسي في وقت كان مسؤول الملف النووي الإيراني سعيد جليلي قد وصلالاثنين العاصمة العراقية.

طالباني والمالكي يؤكدان حرص العراق على انجاح الاجتماع

فقد اكد الرئيس جلال طالباني خلال اجتماع مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في ايران سعيد جليلي ورئيس وفدها، الى الاجتماع في بغداد الليلة الماضية حرص العراق على أن يؤدي الاجتماع إلى نتائج إيجابية، واتخاذ خطوات مهمة لتقريب وجهات النظر وإيجاد حلول مناسبة للنقاط المتعلقة بالملف النووي الإيراني. وأشار إلى أهمية توسيع وتعزيز العلاقات الثنائية بين العراق وايران في المجالات كافة وبما يخدم المصالح المشتركة لشعبي البلدين .

من جهته اكد رئيس الوفد الإيراني جليلي رغبة بلاده في توطيد العلاقات وتوسيع رقعة التعاون بين العراق وايران . وحول محادثات بلاده مع مجموعة دول (5+1) أشار إلى تطلع ايران لأن تكون استضافة العراق لهذه المحادثات خطوة في طريق حل القضايا المرتبطة بالملف النووي لبلاده.

كما بحث رئيس الوزراء نوري المالكي مع جليلي القضايا المتعلقة بالاجتماع مؤكدا حرص بلاده على نجاح محادثات اجتماع 5+1 موضحا أن العراق الذي استعاد مكانته، يسعى الى توفير الأجواء المناسبة للمحادثات معربا عن أمله بتوصل الاطراف المجتمعة الى حل للمسائل المطروحة .

من جانبه أكد جليلي ان بلاده تتطلع الى ان يشكل عقد الاجتماع في بغداد بين ايران ومجموعة دول 5+ 1خطوة مهمة في طريق حل الاشكالات المتعلقة بالملف النووي الايراني .

مطالب ايران

وتطالب إيران برفع العقوبات المفروضة عليها والاعتراف بأن انشطتها في تخصيب اليورانيوم ذات اهداف سلمية تماما فيما تطالب واشنطن بتحرك عاجل لاثبات سعي إيران إلى امتلاك ترسانة نووية، الامر الذي دفع الولايات المتحدة وحليفتها اسرائيل للتهديد بأنهما قد تضطران للقضاء عليها بالقوة.

وقالت كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، والتي ترأس المفاوضات باسم القوى الست: quot;نتوقع أن تؤدي الاجتماعات التالية في بغداد الى التوصل إلى خطوات ملموسة باتجاه التوصل إلى حل شامل يتم التفاوض عليه يعيد الثقة الدولية في الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيرانيquot;.

ومن المنتظر أن يبحث اجتماع بغداد الاتهامات الغربية لإيران باستخدام برنامجها النووي المدني المعلن للاستخدامات العسكرية، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة والدول الغربية مجتمعة الى فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية قاسية ضد إيران التي ترفض زيارة مفتشين دوليين للمنشآت النووية. وشملت العقوبات حظر شراء النفط الإيراني وعزل البنوك الأجنبية عن النظام المالي الأميركي في ما إذا تعاملت مع البنك المركزي الإيراني، إضافة إلى حظر التجارة مع إيران الأمر الذي أدى إلى انهيار خطير في عملتها المحلية quot;التومانquot; وارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية.

إعلان ايران تزويد مفاعل بوقود نووي يطغى على أجواء الاجتماع

ويطغى على اجواء الاجتماع اعلان ايران امس انها زودت مفاعلا للابحاث في طهران بوقود نووي مخصب بنسبة 20% تم انتاجه محليا، لتأتي هذه الخطوة عشية مفاوضات بغداد. وقالت المنظمة الايرانية للطاقة الذرية في بيان ان قضيبين من الوقود النووي سلما الى مفاعل الابحاث في طهران quot;وتم تركيب احدهما في قلب المفاعلquot;. واضافت ان هذا الانجاز تم quot;اثر التجربة الأخيرة التي قام بها خبراؤنا وتكللت بالنجاحquot;.

ويأتي هذا الاعلان في الوقت الذي يستعد المفاوضون الايرانيون للدفاع عن البرنامج النووي الايراني اليوم في بغداد امام ممثلين للقوى الكبرى وهي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة الى المانيا. وستسعى القوى الكبرى خلال هذا الاجتماع الى اقناع طهران بتعليق تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% والسماح بعمليات تفتيش اضافية للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وكان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد كشف في شباط (فبراير) الماضي عن اول وقود نووي يتم تخصيبه محليا وتم تحميله في قلب مفاعل الابحاث في طهران الذي ينتج نظائر لمرضى السرطان.

وتؤكد ايران ان برنامجها النووي محض سلمي في حين تتهمها الدول الغربية بالعمل ايضا على برنامج عسكري نووي تحت ستار برنامجها المدني.

مسلسل طويل من المفاوضات

وتشكل المحادثات بين القوى الكبرى وايران في بغداد اليوم حلقة جديدة في مسلسل طويل من المفاوضات النووية، الا انها تمثل ايضا خطوة اضافية على طريق عودة العراق الى الخريطة الدبلوماسية العالمية.

وبعد سنوات طويلة من العزلة السياسية واحتلال العراق عام 2003 الذي اطلق شرارة اعمال عنف لم تتوقف حتى اليوم وقتل فيها عشرات الآلاف خصصت السلطات العراقية اكثر من مليار دولار لتحسين صورة البلاد في المنطقة والعالم.

ولا يتوقع ان تخرج محادثات بغداد بنتائج بارزة لذا فان معظم الاهتمام سيتركز على حقيقة ان العاصمة العراقية استطاعت ان تستضيف القوى الكبرى وايران.

ترتيبات امنية مشددة

وقد خصصت السلطات العراقية 15 الف عسكري و15 مروحية لحماية اجواء العاصمة بغداد خلال الاجتماع كما سيتم فرض حظر جزئي للتجوال مع قطع الطرق المتقاطعة مع مطار بغداد الدولي .

وقررت وزارة الداخلية العراقية إلغاء اجازات ضباطها وشرطتها لأسبوعين فيما كان مسؤول في الخارجية الإيرانية قد أعلن عن تنسيق سفارة بلده في بغداد مع الأجهزة الأمنية العراقية لتوفير الأجواء الملائمة لحفظ أمن اجتماع مباحثات 5+1 لكن الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ نفى ذلك.