مقاطعة الأتراك للجلسة الثناية أثارت احتجاج الأردنيين |
اسطنبول: عاش المؤتمرالذي تم تنظيمه من قبل quot;مديالوغquot; بفندق تقسيم أليت بهدف مشاركة الأتراك والأردنيين لبعضهم البعض تجاربهم المتعلقة بالإقتصاد والسياسة حدثاً فريداً من نوعه، حيث لم يشارك الجانب التركي في الجلسة التي تم ترتيبها بعد الظهر، وقام الجانب الأردني الذي يتضمن الدبلوماسيين والكتاب والصحافيين والأكاديميين، اثر ذلك بترك الجلسة. وإعتبر منظمو المؤتمر هذه الحركة بأنها إحتجاج، وقد أفاد المشاركون الأردنييون بأنهم سيتحدثون عن هذا الموضوع عبر جرائدهم وأخبارهم بعد العودة إلى الوطن.
إشترك من الجانب التركي الصحافي في جريدة زمان علي بولاتش، والأستاذ سفاش غنتش، والبروفيسور إبراهيم أوزتورك، والأستاذ إحسان يلمز، وأجاب علي بولاتش في البرنامج الذي هدف إلى تثبيت النقاط المهمة في التحول الإجتماعي السياسي في تركيا على سؤال المشاركين العرب حول مسألة دخول تركيا في الإتحاد الأوروبي بأن استطلاعات الرأي التي أجريت في تركيا عام 2004 حول هذا الموضوع، أكدت أن 76% من الشعب يرغب بانضمام تركيا إلى الإتحاد، إلا أن هذه النسبة تراجعت اليوم إلى 36%، وأشار بولاتش إلى أن سبب ذلك يعود إلى موقف الدول الأوروبية ووضوح جوانب المقابلات، كما أشار إلى وجوب أن تلجأ جميع الدول الأوروبية الى الاستفتاء الشعبي في هذا الشأن، وبأنه حتى لو تم قبول إنضمام تركيا فإن المواطنين الاتراك سيتم تحريمهم من حرية التنقل، ولذلك فإن الشعب التركي فقد ثقته بالإتحاد الأوروبي.
وكردّ على سؤال حول مدى إحتمالية أن تعيش تركيا مرحلة مشابهة للربيع العربي أجاب بولاتش بقوله : إن هذا أمر مستحيل، فالمذاهب الاسلامية المعروفة التي ظهرت في التاريخ الإسلامي تنقسم إلى ثلاثة أقسام هي الشيعة والخارجيين والسنة، والشيعة طائفة منزوية على نفسها وبإنتظار المهدي، أما الخارجيين فهم في حالة كفاح مستمر مع الحكومة والسنة حذرون منذ التسعينيات، وهناك بدأت تظهر مظاهر تمرد ضد النظم الاستبدادية في تركيا والعالم الاسلامي ولكنه لم يكن موجودا قبل ذلك، ولم يلق المفكرون المعارضون للحكومة أي دعم من الشعب التركي، ويعود ذلك لكونه مجتمعاً متديناً ويقبل الفكر السني، كما أنه لم يعش يوماً أي فترة من الإحتلال الاستعماري، لذا فهناك احترام من الشعب لحكومته.
وأشار بولاتش الذي يكتب مقالا يوميا في جريدة زمان التركية عن سياسة تركيا الخارجية، إلى أن تركيا لا تتبع سياسة ذات محاور عديدة، بل سياسة في محور غربي ولكن ذات أبعاد مختلفة، وقد أدى هذا إلى إعتقاد العرب بأن تركيا تتبع سياسة مستقلة، وهذه فكرة خاطئة. فقد أفاد وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو في حديث له عن عدم وجود أي نية لتركيا بالإبتعاد عن أوروبا والغرب، كما أكد بولاتش أن أهم خاصية لسياسة تركيا الخارجية هو الوقوف بجانب أوروبا في لحظات الأزمات الإستراتيجية، وعن إمكانية ملاحظة ذلك في الحرب العالمية الثانية وحرب الخليج والعلاقات مع إسرائيل وأحداث سوريا وما شابه ذلك. كما أشار بولاتش أيضاً إلى أن سياسة تركيا الخارجية قد إنهارت تماماً فهي تدار من قبل الغرب، وتسبب مبدأ تصفير المشاكل بعداوة إيران وسوريا وإسرائيل لتركيا.
من جهة أخرى، أكد بولاتش أن هناك موضوعين مهمين في المجال الإستراتيجي بين الغرب والعالم الإسلامي، أولهما حول مصادر الطاقة ومن سيقوم بالتحكم بخطوط نقلها، وثانيها مسألة إسرائيل، فتركيا والدول الغربية لا تتعارض مع أي سياسة أو تصرف لدولة ما إلا فيما يتعلق بهذين الموضوعين، وأفاد أيضاً أن الغرب لن يسمح بتغير جذري في تركيا، لذا فكل الإصلاحات التي تتم تكون تحت إشراف الإتحاد الأوروبي وضمن محاوره.
إلى جانب ذلك أفاد بولاتش ان هناك مشاكل ونزاعات بين حزب العدالة والتنمية والجماعات في تركيا لكونها تتبع الفكر الليبرالي، كما أكد أن الطريقة الوحيدة لنجاح الإصلاحات هي حصولها على الشرعية من الشعب وليس من الغرب، وبأن من أهم العقبات التي تعترض طريق تلك الإصلاحات هو عدم سماح الغرب بتغير الدولة التركية ضمن مسارها الطبيعي. وأن النظرة الإسلاميين إلى السياسة التركية أفضل بكثير من السياسات اليمينية والمحافظة، فقد تم من خلال السياسات الاسلامية إجراء الإنفتاحات الكردية والعلوية والتغييرات القانونية في الأوقاف التابعة للأقليات، كما أن الجماعات المحافظة واليمينية إستفزت البلد وجرتها إلى طريق مسدود، وأغلب المشاكل التي يعيشها حزب العدالة والتنمية تنبع من ذلك.
أما الدكتور إحسان يلمز، فقد رد على سؤال أحد المشاركين العرب حول مسألة كون تركيا مثالاً للدول الأخرى بأنه من غير الممكن أن تكون دولة مثل تركيا، التي لم تتمكن حتى الآن من حل مسألة الأكراد، بالإضافة إلى مواجهتها خطر إنقلاب عسكري حتى قبل خمس سنوات مثالاً للدول الأخرى، كما أكد أن هدف مثل هذه اللقاءات لم يكن تقديم تركيا كنموذج يحتذى به، بل إن هذا المؤتمر واللقاءات الاخرى هو عبارة عن تبادل المعلومات بين الأطراف التركية والعربية.
وقال يلماز إن القيام بالإنتخابات في تركيا لا يعني أنها دولة تعيش في ذروة الديموقراطية بالمعنى الكامل، ومن الواجب تقوية منظمات المجتمع المدني في البلاد .إلى جانب ذلك أشار يلمز إلى أن عودة النخبة القديمة الى الساحة في تركيا من جديد، وتغير الظروف على المستوى العالمي قد تساهم في زيادة إحتمالية الإنقلابات العسكرية، أما العديد من المصطلحات المتعلقة بحقوق الإنسان فمن الممكن العثور عليها لدى العلماء المسلمين كالغزالي والجويني وسعيد نورسي. وأفاد الأستاذ الجامعي أيضاً أن حركة فتح الله غولان لعبت دوراً مهماً في إستيعاب القيم الغربية، وبأنه يعارض فكرة النظر إلى كل القيم الغربية بشكل سلبي فهذا أمر غير جائز من الناحية الدينية أيضاً، كما إنتقد طريقة أربكان والتيار الاسلامي المنغلق على نفسه الذي كان معاديا للغرب ويتخذ موقفا سلبيا ضد كل القيم التي ظهرت فيه.
من جهة أخرى أفاد البروفسور إبراهيم أوزتورك، الذي تناول موضوع الملف الاقتصادي التركي، أن التحول الإقتصادي في تركيا لا يرسم قصة نجاح فلا تزال هناك العديد من المصاعب التي يواجهها الإقتصاد التركي، كعدم التوازن في توزيع الدخل والهاوية الموجودة بين المناطق الشرقية والغربية من ناحية التنمية، ورغم كل الدعم الذي تم فإن التنمية لم تتحقق بالشكل المطلوب وللعامل الجغرافي دور قوي في ذلك.
التعليقات