العراقيون يحتجون على غياب الخدمات اللازمة لمواجهة حرّ الصيف

في حين يعمل أهل السياسة في العراق على تنظيم المفاوضات والاجتماعات في مختلف المناطق، ينهمك المواطنون بالتحضير لمواجهة حر الصيف الذي يترافق مع عواصف ترابية تسبب مرض وموت كثيرين، كما يشتكون من عدم توافر الخدمات اللازمة كالكهرباء.


بغداد: يوقظ حرّ الصيف الكثير من اللامبالاة والنقمة لدى المواطن العراقي من العملية السياسية ومستقبلها، ففي وقت يخوض فيه ساسة العراق مفاوضات في بغداد والنجف وأربيل، حول الخلافات بين الكتل، فإن المواطن العراقي يجد نفسه في واد آخر، وهو منهمك في تداعيات حرّ الصيف القائظ على حياته اليومية التي تشهد الانقطاع المتكرر للكهرباء مع انعدام الخدمات التي بشّر بتحسنها السياسيون على مدى سنوات لكن ذلك لم يجد نفعا.

ولم يُصَب احمد كامل (كاسب) من الإعياء من الحر فحسب، حيث وصلت درجات الحرارة في محافظة بابل (100 كم جنوبي بغداد) حوالى 50 درجة مئوية، بل كان مصدر الاعياء الآخر، التوترات السياسية التي تتشابه كل يوم وتفصح عن خلافات على المصالح الحزبية والشخصية، بينما يُترك المواطن بهمومه التي لم تحرك ساكنا عند السياسيين.

ويقول كامل: أصبحت اجتماعات السياسيين والنواب ومسؤولي الكتل والحكومات المحلية مثل النكت نتداولها لقضاء الوقت فحسب. ويسخر كامل متحدثا: ربما أُصاب بالإعياء من وعود السياسيين الكاذبة أكثر من الحر نفسه .

عواصف سياسية وترابية

وما يزيد من التأثيرات السلبية لارتفاع درجات الحرارة، العواصف الترابية، التي تتزامن مع عواصف سياسية لا يشعر بها المواطن كثيرا، بسبب يأسه من سياسات الدولة والكتل السياسية على حد سواء والتي لم تسفر عن نتيجة في صالحه طوال سنين .

وتسبب عواصف الغبار التي تضرب مدن العراق بين الحين والآخر باختناق كثيرين، إضافة الى انتشار الحشرات ومنها البعوض في الصيف، التي تزيد من تأثيرات نقص الخدمات الواضح في مدن العراق.

واضطر الكثير من المواطنين بسبب الطقس الحار والعواصف الترابية الى الدخول المستشفيات، كما لقي البعض حتفهم من جرّاء ضيق التنفس .

لكن السخرية تجد طريقها رغم أزمات السياسة والخدمات والطقس على حد سواء، حيث يقول احمد الحسني (مدرس) إن العراقيين يحتاجون الى أطباء نفسيين لمعالجتهم من الكآبة واليأس الذي زرعه السياسيون في النفوس بسبب عدم قدرتهم على الارتقاء بمسؤولياتهم الى مستوى معاناة المواطن.

وبحسب تصريحات مسؤولي الطاقة في العراق، فإن الطاقة الكهربائية المجهزة للمواطنين خلال صيف 2013 ستصل إلى 9000 ميغاواط، وأن معدل الكهرباء سيرتفع إلى 15 ألف ميغاواط، في عموم البلاد.

لكن أغلب المواطنين يرونأن هذه الوعود، تتشابه مع وعود قطعها مسؤولون في السنوات السابقة ثم أوجدوا بعد ذلك أعذارا لعدم تطبيقها .

احتجاجات واسعة

وارتفعت درجة الحرارة في بغداد الى مستويات قياسية تصل الى أكثر من أربعين درجة مئوية، وفي البصرة حيث تختلط تأثيرات الرطوبة العالية بالحرارة، فإن المواطن يشعر بضجر كبير من جرّاء نقص الخدمات.

ولا يستبعد احمد حسين (موظف) حصول احتجاجات عارمة هذا الصيف احتجاجا على نقص الكهرباء، ويؤكد ان مشغلي المولدات في العراق اليوم أهم من أي سياسي يطل على الناس يوميا عبر التلفزيون بوعود معسولة لم يتحقق منها شيء .

ويتابع: حتى الذين يتابعون التلفزيون، فانهم يديرون وجوههم عن البرامج السياسية والحوارات ويفضلون اما متابعة المسلسلات او الافلام او قنوات عربية اخرى .

وتؤكد رقية حسن (طالبة جامعية) أن أجواء الحرية ارتبطت في العراق للأسف برموز الفساد من السياسيين والمسؤولين، وان الصيف هو اكبر دليل على عمق الهوة بين المسؤول والمواطن، فالمسؤول يعيش في ترف يبعده عن حر الصيف وحشراته وغباره بينما المواطن يعاني الأمرين من ذلك .

متاعب الصيف والبطالة

وما يزيد من عبء الصيف، البطالة التي تقض مضجع كثيرين، وبالنسبة للفتى حميد كامل ( 18 سنة ) فإن موسم الحر فرصة لزيادة مبيعاته من زجاجات المياه الباردة والمثلجات.

لكن احمد يبدي ضجرا من سيارات المسؤولين السوداء المظللة وهي تمر من امامه وهو يبيع بضاعته، قائلا: لن يفيدنا هؤلاء حتى حين يمرون في التقاطعات فانهم يأبون شراء قناني الماء . ويتابع: التبريد والمزايا تمنعهم من العطش في الطريق .

ويبدي اكثر العراقيين استياء من عدم تحسن خدمات الكهرباء رغم الوعود وعدم توفر الاستعدادات الملائمة لتخفيف اثر الحر عليهم.

ويقول مشغل مولدة الكهرباء سعيد أحمد ان هذا الصيف يتطلب جهدا اضافيا على الرغم من ان الحكومات المحلية وعدت بتوفير الوقود .

ولا يبدي اكثر الشباب الذين يتجمعون في المقاهي والكازينوات الصيفية اهتماما بأخبار السياسيين، وكانهم في قطيعة معهم كما يقول الطالب الجامعي جمعة حسن، مشيرا الى أن هذا الصيف سيتحول لتجمعات لمتظاهرين سيشكلون بؤرة احتجاجات واسعة.