شهدت بريطانيا هجرة أعداد كبيرة من الفرنسيين منذ القرن السابع عشر عندما اضطهدوا في بلادهم بسبب اعتناقهم البروتستانتية. وكانوا يتجمعون بشكل خاص في شرق لندن بسبب رخص السكن والأكل. والآن، وبعد قرون عدة، يلاحظ تنامي أعداد الشباب المهاجر إلى الرقعة نفسها في لندن.


صلاح أحمد: وفقًا لآخر التقديرات، فقد وصل عدد الفرنسيين، الذين يعملون ويعيشون في لندن، إلى مستوى يجعل من العاصمة البريطانية laquo;سادس أكبر مدينة فرنسيةraquo; من حيث عدد السكان.

المقاهي والمطاعم الفرنسية جزء من الحياة اللندنية

تتراوح هذه التقديرات بين 300 ألف و400 ألف فرنسي. وهذا أكبر من تعداد الذين يسكنون أيًا من مدن فرنسية كبيرة، مثل ميناء بوردو في الجنوب الشرقي أو نانت في الغرب أو سترسبورغ عاصمة إقليم الألزاس في الشرق.

الواقع أن ضخامة عدد الفرنسيين في لندن تؤهلهم لانتخاب ممثل لهم يحتل مقعده في الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) في أعقاب الانتخابات التشريعية التي ستجريها بلادهم في العاشر إلى السابع عشر من الشهر الحالي.

تعودالزيادة الملحوظة في عدد الفرنسيين في العاصمة البريطانية خلال السنوات الأخيرة إلى هجرة أعداد متنامية من المهنيين الشباب الذين تجتذبهم فرص العمل فيها، خاصة في قطاع الخلق والإبداع، الذي تكثر مؤسساته في جزئها المسمى laquo;إيست إندraquo; (الطرف الشرقي).

نقلت مجلة laquo;بي يي سي نيوز ماغازينraquo;، التي أعدّت التقرير، قول مليكا فافر، إنها من باريس، ودرست فيها التصميم الغرافيكي. وبعد تخرجها جاءت لتجرّب حظوظها في لندن قبل سبع سنوات. وقالت إنها مازالت تعيش فيها حتى اليوم، وسعيدة بحياتها في laquo;وطني الثانيraquo;.

وأضافت قولها: laquo;لا أنوي العودة إلى فرنسا في المستقبل المنظور على الأقل. المشكلة في باريس، مدينتي، هي أن المشاريع الجديدة محفوفة بالمخاطر من سائر الجهات. ولندن، بالمقارنة أسهل كثيرًا في هذا الصدد، فلا لوائح مكتبية أو قيود بيروقراطية لانهائية تعرقل الإنسان أينما توجّهraquo;.

من جهتها، تقول مارين شيبان، التي تعمل في وكالة دعائية للأزياء والموضة، إن صغار الشباب الفرنسي يفضّلون بريطانيا على بلادهم، لأن من السهل على المخدمين في هذه الأخيرة إنهاء عقود العمل فجأة ومن دون سابق إنذار. وهذا، كما تقول، laquo;يرقى إلى شبه حكم بالإعدام في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تكتسح أوروبا الآنraquo;.

يذكر أن الفرنسيين بدأوا الوصول إلى الشواطئ البريطانية بأعداد كبيرة في القرن السابع عشر عندما منح الملك تشارلز الثاني أتباع الكنيسة البروتستانتية ملاذًا آمنًا من اضهادهم الديني في بلادهم. ومنذ ذلك الوقت صارت قبلتهم المفضلة هي شرق لندن، بسبب رخص المساكن والمأكل فيها. لكن شكوى البريطانيين بدأت منذ ذلك الوقت (وتستمر حتى اليوم)، قائلة إن الفرنسيين يستولون على وظائف أهل البلاد في هذه الرقعة.