يرى محللون أن السبب الرئيس لتأييد الصين للنظام السوري منذ أن بدأ حملة القمع الدموية ضد المناهضين له قبل نحو 15 شهرًا، يقوم بشكل كبير على المبدأ الذي تتبناه بكين بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.


متظاهرون معارضون للنظام في سوريا

بكين: تقول منظمات حقوقية إن أكثر من 13500 شخصًا قتلوا في حملة القمع السورية التي بدأت في آذار/مارس 2011، فيما تسعى الدول الغربية إلى زيادة الضغوط على الرئيس السوري بشار الأسد لكي يوقف الهجوم الذي يشنه نظامه ضد مناهضيه.

ورغم أن بكين ليس لديها الكثير من المصالح في سوريا، إلا أنها تتمسك بموقفها بأنه يجب عدم إجبار حليفها الأسد على التخلي عن السلطة وتقاوم الضغوط الغربية في هذا الشأن. يستند موقفها هذا على المبدأ الذي تتبناه منذ فترة طويلة، بأنه يجب أن لا يتدخل أي بلد في الشؤون الداخلية لبلد آخر - وهو المبدأ الذي يحميها من الانتقادات الخارجية لسياساتها الداخلية المثيرة للجدل، مثل سياستها في التيبت وفي تايوان.

ويرى المحللون أن تمسك الصين بموقفها مرده إلى عدم ارتياحها لأي عمل عسكري تقوم به الدول الغربية، خاصة بعد تدخل تلك الدول في ليبيا في العام الماضي، مما أدى إلى الإطاحة بالزعيم الليبي معمّر القذافي.

وعارضت الصين دائمًا التدخل العسكري في ليبيا في مجلس الأمن الدولي، إلا أنها لم تستخدم حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به لوقف صدور قرار في آذار/مارس 2011 يسمح بالتدخل العسكري في ليبيا، واكتفت بالامتناع عن التصويت. لكنها تعتقد أن الغرب أساء تفسير القرار وتمادى في تطبيقه.

يرى هي وينبنغ الباحث في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية أن الصين quot;أكدت دائمًا على حقيقة أن الشعب السوري هو الذي يجب أن يكون صاحب القرار في شؤونه الداخليةquot;. وقال quot;ان عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة هو إن المبادئ هي التي تحمي السلام العالميquot;.
واضاف ان بكين كررت القول إنها quot;تعارض التدخل العسكري في سوريا، كما تعارض تغيير النظام بالقوةquot;، وهو ما أعادت تأكيده بعد quot;مذبحة الحولةquot; في أواخر أيار/مايو، التي قتل فيها 108 أشخاص، وتسببت في صدمة في العالم.

وقال براد غلوسرمان المدير التنفيذي لمنتدى منطقة المحيط الهادئ ان الصين تستمر في دعوة quot;جميع الاطرافquot; الى وقف اطلاق النار في سوريا وهي quot;لا تلقي اللوم على طرف دون الآخر في العنفquot; الدائر في سوريا.

ووصف فرانسوا غودمان رئيس مركز آسيا الذي مقره باريس، الموقف الصيني من سوريا بأنه quot;تصلب عقائديquot;، وهو quot;عقاب للغرب على تجاوزه حدود قرارات مجلس الأمن بشان ليبياquot;. الا انه اشار الى ان quot;سقوط نظام (الاسد) لا يحمل الكثير من المخاطر للصين، وهو ما يختلف عن الحال في ليبيا والسودانquot;.

وكانت للصين مصالح كبيرة في ليبيا في عدد من القطاعات، واهمها القطاع النفطي، كما إن اكثر من 30 الف مواطن صيني كانوا يعيشون ويعملون في ليبيا.

اما في السودان فان بكين، المتعطشة للنفط، تشتري كميات كبيرة من الوقود من البلد الافريقي. لكن كميات النفط السوري القليلة تذهب الى اوروبا، كما إن المصالح التجارية للصين في سوريا قليلة للغاية. ففي عام 2010 لم تتعد الصادرات الصينية الى سوريا 2.4 مليار دولار.

ويرى جوناثان هولسلاغ من معهد بروكسل للدراسات الصينية المعارصة ان quot;التعنت هو سيد الموقف الصينيquot; مضيفًا ان بكين quot;لديها عقدة من التدخل الغربيquot;. واضاف ان الصين فعلت ما تفعله عادة في اوقات الازمات. فقد ارسلت مبعوثا الى سوريا، ودعت الى ضبط النفس، لكن quot;لم تحاول التوسط، كما لم تحاول ان تلقي بثقلها وراء خطة العمل التي اقترحتها الجامعة العربيةquot;.

وسارت الصين جنبًا الى جنب مع روسيا، التي يزور رئيسها فلاديمير بوتين بكين حاليًا، لتعزيز التحالف بين الدولتين الجارتين العملاقتين، خاصة في المجال الدبلوماسي.

وقالت روسيا الثلاثاء ان احتمال تنحي الأسد عن السلطة في إطار تسوية لإنهاء العنف في سوريا، قائم. ودعت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون موسكو وبكين الى ان تكونا quot;جزءًا من الحلquot; للازمة السورية.

واستخدمت كل من بكين وموسكو، الدولتان الدائمتا العضوية في مجلس الامن، حق النقض في مطلع هذا العام للحيلولة دون صدور قراراين يدينان دمشق، كما تعهد زعيما البلدين الثلاثاء تعزيز الشراكة بينهما في الامم المتحدة.

واغضب موقف البلدين الموحد الدول الغربية والعربية. الا ان غودمان يعتقد ان روسيا، الحليف القوي للاسد، قد تكافئ الصين على دعمها حليفتها سوريا عبر quot;التزامها بشان مسالة كوريا الشماليةquot;، وسط تعرض الصين لضغوط للتحرك بشكل اكثر حسمًا لوقف تطلعات بيونغ يانغ النووية.

ومع استمرار العنف في سوريا، حذرت الصين من ان تسود quot;الفوضىquot; في البلاد، في حال فشل خطة مبعوث الجامعة العربية والامم المتحدة كوفي انان التي لم تحقق الكثير من النجاح حتى الآن.

وطبقا لغولسرمان فإن الصين قلقة من ان quot;التصعيد الذي يتسبب به التدخل الغربي يمكن ان يتسبب في تدهور الوضع في المنطقة، وهذا ليس في مصلحة الصينquot;. الا انه وفي الوقت نفسه يعتقد ان quot;الصين تعتقد انه مع تدهور الوضع في الشرق الاوسط فإن الولايات المتحدة ستركز على ذلك وستبتعد عن إعادة التركيز على آسياquot;.