نائب عن حزب الله علي عمار يتحدث مع عائلات المخطوفين اللبنانيين

دمشق: يشهد الشارع السوري انقسامًا حادًا في توصيف حادثة المخطوفين اللبنانيين الذين اختطفوا قرب حلب قبل ما يقرب من أسبوعين،ويدورجدل وشكوك حول الدوافع الحقيقية لوجود الزوار في منطقة اشتباكات عسكرية محتدمة في الوقت الذي لا يتمكن فيه السوريون أنفسهم من التنقل بحرية خارج مناطق إقامتهم.

كثير ممن استطلعنا آراءهم رأوا في الحادثة عملاً مدانًا، شريطة أن يكون المختطفون بالفعل مجرد زوار وحجاج لـquot;العتبات المقدسةquot;، لا أن يكونوامنخرطين أو متورطين في أعمال العنف الجارية في سوريا، فالكل في سوريا، على المستوى الشعبي والرسمي والسياسي في المعارضة، ضد عملية الاختطاف لأبرياء وسيّاح.

بيد أن المعلومات المسربة عن جماعة المختطفين، بأن خمسة منهم ينتمون إلى حزب الله ويعملون ضمن أجهزة استخباراته، وأن بعضاً منهم كان موكولاً إليه تدريب الميليشيات الموالية للنظام، التي تعد الأكثر دموية، وخطاب الامين العام حسن نصر الله الذي وصف بالتصعيدي، كلها عوامل دفعت بعضالذين استطلعنا آراءهم إلى التشكيك في إمكانية الإفراج عن المختطفين قريباً.

(محمد) شاب دمشقي تساءل لدى محاولتنا معرفة رأيه في الحادثة قائلاً: ما الذي كان يفعله الزوار اللبنانيون في سوريا في هذا الوقت العصيب؟ وإذا كان السوريون أنفسهم قد تقطعت بهم أوصال بلادهم ولم يعودوا يسافرون إلى أقاربهم في المحافظات التي تشهد عنفاً متصاعداً، كإدلب وحمص وحماة ودرعا ودير الزور، فكيف بهؤلاء الزوار يتجولون على الطريق الدولي الذي توجد عليه هذه المدن، ثم لا يأمنون غدر الطريق وانتشار المجموعات المسلحة، سواء كانت تابعة للجيش النظامي أو الجيش الحر أو قطاع الطرق؟

أما مروان، وهو شاب حمصي نزح إلى دمشق بسبب الأحداث الجارية في مدينته، فيعبر عن رأيه بشيء من خفة الظل الحمصية المعهودة، ويقول: إن ذنب وجريرة هؤلاء المختطفين في رقاب القائمين على تلفزيون الدنيا والتلفزيون الرسمي والذين يواظبون على إظهار الأسواق والشوارع في المدن السورية المنكوبة وكأنّ شيئاً لم يكن أو كان، متندراً بالعبارة الشهيرة التي يرددها المعارضون نقلاً عن وسائل الإعلام الموالية للنظام: quot;السماء صافية والعصافير تزقزقquot; وquot;الأزمة خلصتquot;.

جميع من حاولنا التواصل معهم من أطراف المعارضة لمعرفة مصير وحال المختطفين امتنعوا عن الإجابة على أسئلتنا بذريعة غموض الوضع وجهل الجهة التي قامت بالخطف، وعدم معرفة مطالبهم من وراء ذلك.

ويبدي السوريون في المقابل مخاوفهم من احتمال انفلات الوضع الأمني في لبنان، وقيام مجموعات باستهداف العمال السوريين الذين يعملون هناك، وبالذات في مناطق الضاحية الجنوبية، رداً على اختطاف الزوار اللبنانيين، حيث شهدت الضاحية الجنوبية، بحسب شهود عيان، أعمال تحرش واختطاف وضرب وحتى قتل بعض العمال السوريين الذين يقوم بعض العناصر باستهدافهم لمجرد الاشتباه بلهجتهم، الأمر الذي يتم التعتيم عليه إعلامياً وعدم نشره في وسائل الإعلام اللبنانية، بهدف عدم تسليط الضوء على مثل هذه الأحداث التي من المحتمل أن تزيد من تأزيم الوضع.

ويروي لنا عمّال سوريون فروا من لبنان مؤخراً، أن هناك حركة نزوح قوية وغير مفهومة الوجهة إلى سوريا لعمال كانوا يعملون في بيروت، وبالذات في الضاحية الجنوبية، بعد أعمال عنف تعرضوا لها في أعقاب اختطاف اللبنانيين. وقدرت حركة النزوح بعشرات الآلاف يومياً، وأن بعض مستشفيات الضاحية الجنوبية (كمستشفى الساحل وبهمن والرسول الأعظم) قد استقبل عدة إصابات لجرحى سوريين نتيجة أعمال اعتداء.

ويقول حسين، وهو عامل سوري من درعا يعمل في الضاحية الجنوبية منذ أكثر من عشر سنوات، أنه فوجئ من تعامل جيرانه في المنطقة ورؤسائه اللبنانيين في العمل بعد اختطاف الزوار في حلب، وأن مبعث صدمته يأتي من انهيار الصورة التي حاول من خلالها البعض إيهام السوريين أنه يقف معهم، وأن البعض تخلى عنالسوريين لمجرد حادث اختطاف بسيط يمكن أن يجري في أي منطقة من العالم، دون أن يتحمل شعب بأكمله وزر هذا العمل المُدان.

ويختم صالح، صديق حسين، بالقول: دوماً كان العامل السوري مكسر العصا للأحزاب اللبنانية، فبعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري شهدنا موجة عنف استهدفت العمال السوريين، والآن يقوم أنصار الفريق المعاكس لأحزاب 14 آذار باستهداف العمال السوريين بسبب اختطاف الزوار اللبنانيين، لكنه لا يلوم اللبنانيين بقدر ما يلوم النظام السوري الذي أوصل العامل السوري إلى هذه الحالة، بحسب تعبيره، وإلى أن يختار بين الموت في بلده على يد أجهزة القمع في وطنه، على الموت في بلد آخر شقيق؛ انتقاماً لجريمة لا ذنب له فيها.