يرى النائب غسان مخيبر أن المسؤولين اللبنانيين أخطأوا في موضوع ملف المخطوفين في سوريا عندما اصبحوا مادة لتسريبات وكلام غير مسؤول، كما يتطرق مخيبر الى قانون الاعلام الجديد حيث تم الغاء الاحكام الجزائية إلا في حال تكرار المخالفة.


بيروت: غسان مخيبر يستسغي جدًا مذاق النجاح في العمل، كأنه حبة فاكهة بطعم التفوق. أن تكون وسط الناس منشغلاً بقضاياهم يبدو أنه أمر يعشقه ويريد أن يعيشه حتى النهاية، وكأنه السيد في مملكته. هكذا هو عندما يستريح في منزله بعد نهار شاق قضاه بين ملفاته النيابية الكثيرة. في منزله في ساحة بيت مري، التقينا، فكان الحديث عن آخر المستجدات على الساحة اللبنانية.

يعلَّق النائب غسان مخيبر على الاحداث المتنقلة الاسبوع الماضي بين طرابلس وعكار وبيروت، وعن كيفية تحصين لبنان من أي فتنة،بالقول إن هذه الاحداث لوحَّت بشبح الحروب المتنقلة، وذكّرت اللبنانيين بأيام مضت كنا تعهدنا ألا تعود، واضافت شبحًا اضافيًا لمناطق تتحكم فيها مجموعات مسلحة، في حين أن اللبنانيين يطوقون إلى أن تكون كامل الاراضي اللبنانية منزوعة السلاح باستثناء السلاح الشرعي، وأن يكون الجيش اللبناني الحامي الاخير لسلامة وأمن اللبنانيين، والأسوأ برأي مخيبر السقوط بهوة الخلافات أو النزاعات المسلحة المتنقلة، الذي لن يشح عن صدور اللبنانيين إلا بوعي وبتدخل لمختلف القيادات السياسية، الذين لا مصلحة لهم كما أن لا مصلحة لبعض من تحركوا في أن يسقط لبنان في الفوضى وفي الحروب الاهلية والمذهبية لا سمح الله.

ويضيف مخيبر:quot; ذلك يؤشر الى مدى تأثر لبنان بطريقة غير مباشرة بما يحدث في سوريا، وكل هذا لا يمكن أن يتقي منه لبنان سوى بوعي اضافي، وجهوزية للجيش والقوى الامنية، وقرار جامع لكل اللبنانيين بمشروع بناء الدولة، وتأكيد على حياد لبنان الايجابي لما يحدث في سوريا.

ويؤكد مخيبر أن هناك جزءاً آخر من مسببات هذه الازمة يتمثل بمطلب مزمن، بالاسراع في محاكمة ما سميّ بملف الاسلاميين الموقوفين، وهي باتت ضرورة ووصمة عار على جبين القضاء، وبالتالي هناك تبريرات ومسببات لا تستقيم برأي مخيبر، في ذهن أي عاقل وعلى النيابة العامة التمييزية الاسراع في اصدار القرار الاتهامي بحق هؤلاء، وعلى وزارة العدل الاسراع في تنظيم المحاكمات.

طاولة لحوار منقطع

طاولة الحوار يرى البعض أنها خشبة خلاص أو ربما دواء مهدّىء لما يجري من احداث متنقلة في لبنان، أما مخيبر فيعتبر أنها تتعثر في انعقادها، لأن هناك مجموعة من القوى السياسية التي رفضت الحضور، أو وضعت شروطًا غير واقعية لانعقادها، هذا يؤشر بالنسبة الى مخيبر، الى أننا نحتاج الى تذكير اضافي بأن الكلام ينحصر في وسائل الاعلام حول انعقاد طاولة الحوار، وأن الحوار منقطع، لذلك من المفيد أن نستمر في دعوة جميع الافرقاء الى قبول دعوة رئيس الجمهورية للمشاركة في طاولة الحوار، على أنها تشكل إحدى الامور المتاحة للتواصل الشخصي بين عدد من المسؤولين السياسيين، ويأمل مخيبر أن يتجاوز المعترضون اسباب اعتراضهم على أن يلتزم الجميع بفاعلية الحوار بحيث يصل الى نتائج والا يُنظر اليه على أنه اداة للتخدير أو لتقطيع الوقت، وبالتالي المطلوب من المتحاورين، اولاً أن ينفذوا أو أن يدعوا الحكومة الى ما صار الاتفاق عليه، على سبيل المثال نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وهذه من المسائل التي صار طلب بتها اكثر من مرة، وهي لا تتطلب حوارًا بقدر ما تتطلب تنفيذًا، وعلى الجميع أن يتعاون في التنفيذ، وما عدا ذلك فالتطور الذي اعتبره ايجابيًا هو الكلام عن السياسة الدفاعية للدولة اللبنانية، من دون شروط مسبقة، أي الكلام حتى بسلاح حزب الله، والسلاح المنتشر في المدن والقرى وهي جميعها من المسائل التي فيها خلاف، بين اللبنانيين وعليهم أن يتفقوا، على خطة ما، لأن التاريخ لن يرحمهم واللبنانيون لن يقبلوا بأن يستمر تفلت السلاح بهذا الشكل في كل المناطق اللبنانية.

تضارب حكومي وإعلامي

كقراءة موضوعية للمعلومات المتضاربة عن المخطوفين اللبنانيين في سوريا وعن الحديث بأن الاعلام اللبناني ساهم نوعًا ما في هذا التضارب بالمعلومات، يرى مخيبر أن الجميع بمن فيهم وسائل الاعلام بالذات، ابتعدوا عن الشفافية وعن حق الرأي العام بالمعرفة، وهي من الحقوق الاساسية، وانما في هذه الحالات، في المفاوضات المتعلقة بالخطف، وعندما تكون حياة أناس على المحك، قد لا يفيد السبق الصحافي، ويرى مخيبر أن المسؤولين اللبنانيين اخطأوا هم ايضًا لأنهم اصبحوا مادة لتسريبات وكلام غير مسؤول، حتى أنهم ذهبوا الى المطار لاستقبال المخطوفين، ما يؤشر الى جهل مخجل للدولة بكل اركانها بما يحصل، وهذا خطير جدًا، ومعيب للسلطات الرسمية، قبل أن يكون معيباً لوسائل الاعلام، ويعتبر مخيبر أن الوصول الى الخواتم الايجابية يتطلب حكمة وتحفظ شديدين، ويرى أن هذه المقاربة الجديدة باتت معتمدة من السياسيين ووسائل الاعلام، ويأمل مخيبر أن تؤدي الى الافراج السريع عن المخطوفين ليعودوا الى اهلهم وتنتهي هذه المأساة على الا تتكرر في المستقبل.

قانون للاعلام الالكتروني

منذ يومين تم اقرار المواد 33 و34 و35 المتعلقة بالاعلام الالكتروني والرسائل الرقمية مع ادخال بعض التعديلات عليها، عن أبرز هذه التعديلات وأهم ما تم اقراره، يقول مخيبر إن ابرز التعديلات التي أقرت هي التوضيح ما بين وسائل الاعلام الالكترونية المهنية الخاضعة للقانون، وسائر الوسائل الالكترونية الاخرى غير الخاضعة للقانون، ويؤكد مخيبر أن هذا التحديد يخرج من اطار أي تنظيم لكل وسائل الاعلام الالكترونية الخاصة، الموجهة إلى مجموعات محددة، والمرتبطة بنشاط ثقافي تجاري أو اجتماعي معين، بما فيها الـ Blogs، وكل التواصل الالكتروني الذي يبقى حرًا، وغير مقيد حتى بتطبيق القانون بالذات، اما ما صار اقراره فيتعلق بمهنيي الصحافة الالكترونية، وقد صار التحديد بشكل دقيق كي لا يتساءل احد حول مدى خضوعه أم لا، من اجل صيانة حقوق المواطنين، لا سيما في ما يتعلق بالقدح والذم والتشهير وليس للتدخل في المضمون، أو بأصول وشروط النشر، وفي ذلك حماية اضافية لوسائل الاعلام الالكترونية، والتي سوف تخضع عبر النظام، للإعلام وللتسجيل وليس للترخيص، الذي هو سقط نهائيًا في القانون في مقاربة جديدة نعتبرها مهمة جدًا لانها تلغب كل ما دخل الى القانون الحالي من منطق التراخيص المخالفة للدستور، ويمكننا أن نعتبر بأن التسجيل أو الاعلام عن الوجود أو التأسيس يضع وسائل الاعلام الالكترونية، التي سوف تخضع له، في اطار ايجابي اكثر، لأن القانون اللبناني الذي نعمل على تطويره، أي قانون الاعلام الجديد يحمي الحريات ووسائل الاعلام ويجعل الانخراط في احكامه علامة جودة لجميع وسائل الاعلام المطبوعة منها والالكترونية، والمرئية والمسموعة لاحقًا.

ويرى مخيبر أن اهمية هذا القانون أنه ألغى العديد من الاحكام الجزائية التي تتضمن السجن واستبدلها بالغرامات والغرامات المضاعفة، ولا ينطبق على حرية التعبير في الجرائم القائمة اليوم سوى حالة الغرامة والغرامة المضاعفة، ولن يطبق السجن إلا في حال التكرار الثاني، وهذه كلها تطور كبير للقانون عمّا كان عليه سابقًا.

رياضات روحية للسياسيين

يلبي مخيبر عادة رياضات روحية للسياسيين تقيمها معظم القيادات الروحية ونسأله ما مدى اهمية أن يجتمع السياسيون ليس فقط في رياضة روحية بل ايضًا على النحو السياسي في لبنان؟ يجيب مخيبر لم تكن رياضة روحية بقدر ما كانت لقاء للتباحث والتفكير في البعد الاخلاقي للعمل السياسي، وقد آسرت الحضور في هذه اللقاءات، لانني اعمل شخصيًا على صياغة مدونة سلوك للبرلمانيين والسياسيين، واستعرضت مع المشاركين هذا المشروع، واعتبر أن نظام الاخلاقيات لا يقتصر على النصح والارشاد، بل يفترض به أن ينتقل الى حيز العمليات، كمثل النظام المتكامل للتصريح عن الذمة المالية للبرلمانيين والوزراء والموظفين الكبار، ولسائر موظفي الدولة، ونظام متكامل لاحكام تقي المواطن التعارض في المصالح، والإثراء غير المشروع، والوقوع بحالات الفساد الفادحة، هذا من قبل التأكيد على أن العمل السياسي يمكن أن يكون شريفًا ونظيفًا، وليس كله كما نراه في وادٍ يمقته اللبناني ويبتعد عنه، هذه من الادوات التي يمكن أن تؤكد عبرها مثل هذه اللقاءات الروحية كما يمكن تنظيم لقاءات مماثلة اسلامية أو مدنية غير مرتبطة بأي ديانة، تعيد تنظيف العمل السياسي وتعيد القيمة لمن يشاء أن يعمل في السياسة على أسس نظيفة ومتفقة مع معايير الاخلاق.