ينتقد البعض تغطية القنوات لأحداث لبنان الأخيرةعلى اعتبارأنها وقعت في الخطأ، ويعللون ذلك الى عامل السرعة في تغطية الاخبار مباشرة على الهواء، هذه السرعة تأتي في الكثير من الاحيان على حساب الدقة والاحاطة بمختلف مصادر المعلومات.


بيروت: يرى جيلبير أن تغطية القنوات اللبنانية للاحداث الأخيرة في لبنان وبينها قضية المختطفين اللبنانيين في سوريا، لم تكن على المستوى المطلوب، وشابتها أخطاء عدة، لا تنحصر في قناة واحدة بل تتعداها الى معظم القنوات التي تناولت التغطية المباشرة على الهواء.

يوافق رياض على هذا القول ويشير الى أنه ليس فقط الدولة اللبنانية وقعت في الارباك، بل ايضًا التغطية الاعلامية التي لم تتأكد من مصادرها كما يجب، فعمت الفوضى في البلد بسبب فوضى التغطية الاعلامية.

يبدي عميد كلية الاعلام والتوثيق الدكتور جورج كلاس ملاحظاته حول التغطية الاعلامية للاحداث الاخيرة في لبنان، ويقولإن الاعلام اللبناني المباشر وقع في شرك التسرع والارتجالية وهذا عيب فني وخطأ مهني قاتل، ويضيف:quot; الإعلام في زمن الازمات يعوزه الهدوء والاعتدالquot;، ويؤكد أنه في اللحظات الساخنة الاعلام المطبوع ليس في تسارع مع الزمن ولذلك لا يقع في الخطأ.

ويشير كلاس الى أن مشكلة الاعلام المباشر هي في خمسة غيابات:
- غياب المرجعية السياسية والاعلامية أي عدم وجود الناطق الرسمي عن الدولة اللبنانية.
- غياب المصدرية، لأن مسؤولية الصحافي والاعلامي أن يتأكد من كل معلومة يوردها ويعيدها الى مصادرها الاكيدة والموثوقة.
- غياب المسؤولية اذ لم نرَ اعلاميًا مباشرًا صادقًا في هذه الفترة، لانه يجب قول الحقيقة وليس ما هو فقط قريب من الحقيقة.
- غياب الصدقية: الصدق ينعكس على الإعلامي وعلى رصيده وعلى المؤسسة.
- غياب التفاعلية على حساب الانفعالية: التفاعل يكون من خلال عيش القضية وطرح التساؤلات حولها، ولا يجب على الاعلامي أن يقدم نتائج ولا يطلق احكامًا.

ويرى كلاس أنه في تغطية خبر المخطوفين الـ11 في سوريا كان من المفروض التأكد من أي مصدر قبل التعليق، والخطأ الذي حصل كان بالارتجال والسبقية.

كما يشير كلاس الى أن خيبة الناس التي حصلت في اليومين الأخيرين كانت من وراء الاعلام، ومن خلال عملية النقل المباشر، الصحافي يجب أن ينقل ولا يحلل ولا يعلق، ويصف تقنية النقل بأنها نقل الناس الى المشهد والمشهد الى الناس، وكل الوسائل الاعلامية في النقل المباشر اشتغلت بانفعال وليس بتفاعل، والخطأ ايضًا برأيه أن الوسيلة الاعلامية جعلت الناس حقل اختبار.

النقل المباشر أو الفوضى المباشرة

يرى البعض أن النقل المباشر اظهر أنه في الكثير من الاحيان يبدو كأنه فوضى مباشرة وقد ظهر ذلك خصوصًا عند نقل الاحداث في الحرب الاميركية على العراق، ومع تعدد الفضائيات حينها التي بثت صورها مباشرة من أرض المعركة، بدت الحرب وكأنها اكثر من حرب واحدة، كانت لكل فضائية حربها، والحقيقة للبعض أن كل ما تمت مشاهدته على شاشات الفضائية كانت فقرات أو ملامح من الحرب، ويكاد المراسلون حينها لا يعرفون شيئًا تقريبًا، أو هم يعرفون ما يراد لهم أن يعرفوه، والصور المتوفرة كانت تبث على الهواء مباشرة بصرف النظر عن مضمونها أو ما تنقله من اخبار ومعلومات، وغالبًا ما كان تعليق المراسل على الصور وهو لا يزال تحت تأثيرها، ويفتقر الى عناصر التحليل، ولا وقت لديه للتدقيق بأمرها أو التأكد من محتواها.

هذه السرعة الهائلة في نقل صور الاحداث والتعليق عليها مباشرة عند وقوعها، تضع الاعلام امام مفترق، وتشكل ظاهرة تجد عند الجمهور ترحيبًا حارًا نظرًا لما تفجره من أحاسيس، وتوحي له ايضًا بأن الصور التي يشاهدها تضعه في حضرة التاريخ الذي يكتب امامه، في حين يتعامل معها الاختصاصيون والاعلاميون وخصوصًا في الصحافة المكتوبة، بحذر شديد، ويطرحون حولها اسئلة كثيرة تتناول مدى قدرة الصحافيين في مثل هذه الحالة على تجنب التضليل والتلاعب، وفي التغلب على صعوبات النقل المباشر الذي يعتمد على عامل السرعة وكثيرًا ما تكون السرعة على حساب الدقة والاحاطة.