لا تزال ليبيا لم تذق طعم الاستقرار بسبب عدم قدرة الحكومة في وضع يدها على كافة مفاصل الدولة التي تنتشر فيها المليشيات التي ترفض تسليم سلاحها وتنفذ بعض الممارسات التي تصنف بأنها جرائم.


الإنتقام أصبح القانون الجديد الذي يحكم ليبيا بعد ظهور الإعدامات الفورية والإعتقال العشوائي والتعذيب والاحتجاز من دون أجل محدد.

أدى الشلل التام للنظام القضائي الليبي إلى ما يشبه الحصانة لمرتكبي هذه الافعال في بلد كانت اللحظة الحسامة لأزمتها مقتل زعيمها السابق في واقعة لم يحاسب عليها أحد حتى اليوم، لتشكل سابقة خطيرة في نظام المحاكمات. وفقاُ لصحيفة الـ quot;لوس أنجلوس تايمزquot;.

مليشيات الزنتان ترفضتسليم سيف الإسلام القذافي إلى الحكومة

وأضافت الصحيفة أن نشطاء حقوق الانسان في ليبيا شاروا إلى تعرض المشتبه بهم في دعم الرئيس الليبي السابق معمر القذافي للاعتقال، بينما يتمتع الذين ارتكبوا انتهاكات موثقة ومعروفة أثناء الثورة بحرية التجول، الأمر الذي دفع منظمة العفو الدولية إلى القول في بيان أصدرته في نيسان/ابريل الماضي انه quot;من الحتمي على الحكومة الانتقالية الليبية أن تحقق في جميع الانتهاكات وتحاكم المسؤولين عنها من جميع الجوانب مع الالتزام بالقوانين الدولية. وعندما يتحقق ذلك فقط ستطوي ليبيا صفحة عقود من انتهاكات حقوق الانسان الممنهجةquot;.

تتعلق هذه الأزمة بتطبيق القانون بشكل متساو بين أنصار وأعداء القذافي، لأنه اذا لم يحصل ذلك فإن مخاطر الانتقام العنيف ستزداد في بلد يعاني بالفعل من موجات عنف.

أحدث هذه المشاهد كان تفجير قنبلة بجانب القنصلية الأميركية في بنغازي والاستيلاء على مطار طرابلس الرئيسي من قبل ميليشيا غاضبة.

واعتبرت الـ quot;لوس أنجلوس تايمزquot; أن الحكومة المؤقتة غير قادرة على كبح جماح انتشار الميلشيات المسلحة، على الرغم من استمرارها في تعقب ومضايقة الشهود والمحامين والقضاة خصوصاً أولئك المطلعين على القضايا السياسية المهمة.

ويعتبر الوضع الحالي لنجل الرئيس السابق سيف الاسلام القذافي، دليلاً واضحاً يؤكد على هذه المشكلة في ظل رفض الحكومة الليبية المؤقتة تسليمه لمحكمة العدل الدولية وإصرارها على محاكمته بنفسها.

وعلى الرغم من هذا الإصرار، بقى الحكومة الليبية عاجزة عن انتزاع سيف الإسلام من مكان احتجازه لدى ميليشيات الزنتان، لأنهم يريدون محاكمته في هذه المدينة ليظل هو و 8 آلاف شخص آخر، محتجزين من دون محاكمات في وضع quot;مذنب حتى تثبت براءتهquot; وليس العكس.

ويرى وليام لورنس، مدير مجموعة الأزمات الدولية في شمال أفريقيا، أن التهديد الرئيسي لاستقرار ليبيا هو الميليشيات، مشيراً إلى أن السبب الأول لعدم ملاحقتها هو عدم وجود قوات أمنية كافية للقيام بهذه المهمة.

وأضاف: quot;الحكومة المؤقتة وجدت نفسها بين مطرقة الواقع الذي يفرض عليها التعامل مع العاملين مع نظام القذافي السابق لخبرتهم في أمور الحكم، وبين سندان وعودها لمحاسبة من تلطخت أيدهم بدماء الليبيينquot;.

ورأى لورنس أن العثور على التوازن الصحيح للعدالة الانتقالية مهم للغاية كما هو الحال في مصر وتونس ودول الربيع العربي الأخرى، مضيفاً: quot;في الواقع، من الصعب جدا رسم الخط اللازم لإيجاد التوازن الصحيح أي خطأ في هذا السياق قد يؤدي إلى مطاردة مع الميسليشيات، وهذا لن يكون في مصلحة أحدquot;.