الأسقفان جون سينتامو (اليمين) وروان وليامز |
laquo;فصل الدين عن الدولةraquo; تعبير يقصد به منع رجال الدين من تولي الحكم. وهكذا صارت الكنيسة مؤسسة laquo;خاضعةraquo; لقوانين الدولة العلمانية ولا تستطيع كسرها. على أن هذه الأخيرة تقول الآن إن اتجاه الحكومة البريطانية لتقنين زواج المثليين يهدد بنسف هذا الوضع بعد سيادته قرابة الـ5 قرون.
لندن: أصدرت كنيسة انكلترا (أم laquo;الكنيسة الانغليكانيةraquo;) ردة فعل حادة، إزاء اتجاه الحكومة لتقنين زواج المثليين، تعدى احتجاجها بأن فيه تقويضًا لدعائم الأسرة الى القول إنه سيؤدي الى laquo;أزمة دستوريةraquo; تمس التاج البريطاني نفسه، لأنه سيجبر الكنيسة على عقد قران شخصين من الجنس نفسه في نكوص كامل عن دورها الديني التقليدي.
وتناقلت الصحافة البريطانية أن الحكومة ستكمل مشاوراتها ومداولاتها حول تقنين زواج المثليين نهاية الأسبوع الحالي. وسيأتي هذا تتويجًا لمشروع وصفته بأنه laquo;إصلاحات داخل إطار حقوق الإنسانraquo; وبدأ العمل عليه في آذار (مارس) الماضي.
وفي حال سارت الأمور كما تبتغيها الحكومة، فسيدخل القانون حيز التنفيذ مطلع عام 2015. ويذكر أن القانون البريطاني يسمح للمثليين بالدخول في ما يعرف باسم laquo;الشراكة المدنيةraquo; المشابهة لعقد الزواج في كل شيء تقريبًا ما عدا الاسم.
لكن الكنيسة سارعت منذ البدء الى وصف المشروع من جهتها بأنه laquo;ضحلraquo; وlaquo;نصف مطبوخ من الناحية القانونيةraquo; وlaquo;يفتقر تمامًا الى المصداقيةraquo;. وهي تحذّر الآن من أنه سيجبر الكنيسة على شق عصا الطاعة على القانون المدني ونبذ laquo;المؤسسةraquo; بأكملها.
وما يعنيه هذا، بعبارة أخرى، أن الكنيسة تحذّر من أنها ستقطع روابطها بالدولة بعد قرابة خمسة قرون من laquo;التعايش السلميraquo; بين الجانبين، ومن كل العواقب الخطيرة المترتبة على هذا الوضع الجديد. وتشمل هذه الأخيرة طائفة واسعة تبدأ بإنهاء حق كل فرد في عقد قرانه بكنيسته المحلية وقد تنتهي بإزاحة الملكة نفسها كرأس للكنيسة الانغليكانية.
تقنين زواج المثليين يهدد بأزمة دستورية تبعًا للكنيسة |
وفي خطاب مشترك شديد اللهجة الى وزيرة الداخلية، تيريزا ماي، كتب كبير أساقفة كانتربري، الدكتور روان وليامز، وكبير أساقفة يورك، الدكتور جون سينتامو، أن الاتجاه الحكومي لتقنين زواج المثليين laquo;يفتقر الى السند القانوني الصحيحraquo;. وقللا من قيمة الوعود التي قدمها رئيس الوزراء، ديفيد كامرون، بأن القانون الجديد لن يجبر أي كنيسة على عقد قران المثليين، ووصفاه بأنه laquo;وعد أجوفraquo;.
وأضافا قولهما إن السبب في هذا هو أنه ما أن يكتسي الأمر صبغته القانونية حتى يصبح بالكامل في أيدي المحاكم البريطانية والأوروبية من دون أي قول فصل يمكن أن تدلي به الكنيسة. واستشهدا في هذا الصدد - ومن الناحية القانونية - بأن قوانين حقوق الإنسان الأوروبية تقضي بأن يكون الزواج حقًا متاحًا laquo;للجميع من دون تمييز جنسيraquo;.
وقال رجلا الدين، اللذان يمثلان القمة الدينية للكنيسة، إن قوانين laquo;المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسانraquo; تنص على أن أي دولة تقنن زواج المثليين تتيح لهؤلاء الأخيرين حقوقًا متساوية مع البقية، وتشمل حق عقد القران داخل الكنائس ودور العبادة.
وكان داونينغ ستريت قد حرص على إلقاء الضوء على أن رئيس الوزراء laquo;يلقي بكامل ثقله وراء المشروعraquo; الذي يأتي في الأصل من لدن شركائه الليبراليين الديمقرطيين في الحكومة الائتلافية. ويذكر أن استطلاعات الرأي أوضحت أن 65 في المئة من البريطانيين يؤيدون الاتجاه للسماح بزواج المثليين تحت حماية القانون.
وبموجب هذا سيصبح متاحًا للشركاء عقد قرانهم بشكل كامل في مكاتب تسجيل الزواج مثلما يحدث في الزيجات laquo;التقليديةraquo;. لكن القانون سيستثني الكنائس ودور العبادة الأخرى فلا يفرض عليها تطبيق القانون ndash; إلا إذا وافقت على هذا طوعًا واختيارًا. لكن الكنيسة تقول الآن إن مجرد فكرة عقد قران المثليين في دورها - طوعًا أو كرهًا - يتنافى من حيث المبدأ مع دورها كمؤسسة لنشر التعاليم السماوية ودعمها.
التعليقات