ينظر المجتمع الغزي عادة إلى الفتيات اللواتي تقدم بهن العمر بنظرة سلبية، وتعاني هؤلاء الفتيات من ملاحقة المجتمع لهن بكلمة عانس التي تجرح الكثيرات مما اضطرهن وبكثير من السرية أن يلجأن إلى بعض المؤسسات لتقديم طلبات للزواج.


لم تكن مها quot;28 عامًاquot; من سكان قطاع غزة، تتخيل في يوم من الأيام أن يؤول بها الحال إلى عدم الزواج واللجوء إلى مؤسسة خاصة، وتقديم طلب للزواج، ورغم كثرة الشباب الذين تقدموا إليها إلا أن حلم الزواج لم يكتمل وباتت تحت رحمة ألسنة الغزيين وكلمة واحدة تلاحقها quot;عانسquot;.
وتقول مها لـquot;إيلافquot;quot;منذ طفولتي كان الجميع ينعتني بالجميلة وكنت دومًا أطمح أن أرتبط بشاب يقدرني لكن كان والدي دومًا يرفض كل من يتقدم لي إلا بعد أن أكمل تعليمي ومرّ قطار الحياة ومات والدي وأنا الآن أعيش تحت رحمة المجتمع الذي لا يرحم في غزة، قمت من خلال صديقة لي بتقديم طلب للزواج عبر إحدى المؤسسات التي يُشهد لها بالصدق وأودعت طلب الزواج واضعة بعض المواصفات التي استغنيت عن أكثرها وأنتظر الردquot;.

فتيات يشاركن في حفل زفاف جماعي في قطاع غزة

أتمنى أن أتخلص من تلك النظرة التي يلاحقني بها مجتمعي ،وأن يدركوا جيدًا أن الفتاة ليس بيدها قرار الزواج في هذا المجتمع .
وعن سؤال مراسلة ايلاف عن نظرة المجتمع للفتيات اللواتي يقدمن على تقديم طلبات للزواج عبر مؤسسة معينة، تقول: quot;المجتمع الغزي يرفض أي شي جديد يتعلق بالفتيات بشكل عام ،وأنا وضعت الطلب بكثير من السرية ولم يعلم أحد سوى صديقتي بهذا الأمر .


أما بلسم quot;30عاماًquot; وتعمل في إحدى المستشفيات في غزة فلها حكاية مختلفة، عنوانها الألم وتحمّل أهلها مسؤولية عدم زواجها وتقول:quot;أنحدر من عائلة ذات أصل ومنشأ عريق ومعروف في قطاع غزة،عائلتي مشهورة بالغنى والترفquot;.

وتضيف:quot; مرت الأيام كان والدايَ كلما تقدم أحد لخطبتي يرفضانه بداعي أنه لا يناسب الطبقة الاجتماعية لعائلتي إلى أن أنهيت دراستي وتخرجت من كلية الصيدلة، وحصلت على وظيفة، كان العديد من الشبان يأتون إلى بيتنا لخطبتي، وكان الإصرار من والديَّ على الرفض هو السائدquot;.

وتتابع:quot;مرت حياتي كل يوم أرى صديقاتي يتزوجن ولديهن أطفال أما أنا فقطار العمر يمضي بي حتى وصلت سن الثلاثين دون أن أتزوج quot;.
وتتابع والدموع تنهار من عينيها: quot;والدايَ هما السبب الرئيسي في عدم زواجيquot; .

وعن سؤال مراسلة ايلاف لها عن تقديم طلب للزواج عبر إحدى المؤسسات تشدد quot;أنا كتومة جدًا ، وحينما سألت عن إحدى المؤسسات وقمت بتقديم الطلب، لم يعلم أحد من أهلي بقراري فلو علموا لكانت ردة فعلهم سيئة جدًاquot;.

وتختم حديثها عن نظرة المجتمع لفئة الفتيات اللواتي تقدم العمر بهن quot;كل شيء في غزة مرفوض، وما يتعلق بالفتاة يظل تحت منظار أهل غزة ، الفتاة منا حين تخرج من بيتها تكون مراقبة من قبل أعين الناس ، لذلك قمت بتقديم الطلب بشكل سري لعلمي برفض أهلي ومجتمعي لهذا الأمرquot;.

وتختلف معهن quot;علاquot; فهي ترفض أن تقوم بتقديم طلب للزواج عبر أي من المؤسسات التي تعتني بهذا الجانب تحت أي ظرف من الظروف .
وتواصل حديثها بضحكة ممزوجة ببعض الألم والأمل :تجاوزت الآن الثلاثين من حياتي ومر العمر بي ولم أجد شابًا يقبل أن يرتبط بي .

وتضيف:quot; المجتمع لا يرحمنا، وأقرب الناس إلينا دائمًا يوجهون لي سؤالاً واحدًا لماذا لم تتزوجي إلى الآن ؟، أقابل هذه الأسئلة بكلمة واحدةquot;القدر والمكتوب quot;.

وعن نظرة المجتمع في غزة للفتيات اللواتي يقدمن على تقديم طلبات للزواج، تشير الىquot;أن الفتاة كالمرآة عند أهل غزة إن كسرت المرآة فلا فائدة منها والفتاة هكذا إن قامت بأي أمر خارج عن عادات وتقاليد الناس في غزة فإنها تسقط من أعينهمquot; .

خاتمة القول: quot;لن ألجأ بأي حال إلى التوجه لمؤسسة تعني بتزويج الفتيات، فمسألة الزواج قدر ونصيب وقد رضيت بحالي والحمد للهquot;.

quot;مريمquot;38 عامًا تروي لمراسلة ايلاف تجربتها الخاصة quot;حين أنهيت تعليمي الجامعي ، كانت الطرق أمامي مفتوحةلكي أرتبط بأحد الشباب ، لكن طمع إخواني كان الحائل بيني وبين إكمال الأمر. ولما توفي والدي ترك وراءه ميراثًا كثيراً ،تنازع إخواني على هذا الميراث وكانوا يرفضون أن يزوجوني بأي شاب ، معللين السبب أن أي أحد سيرتبط بي سيكون طمعًا في الميراث الذي لم أخذ منه شيئًاquot;.

وكبرت وتجاوز سني الثلاثين ولم يعد أحد يدق باب بيتنا ليخطبني إلا نادراً، ثم وصلت بي الحياة أن طردني إخواني الشباب من بيتنا، وأخذوا مني الميراث ،وأصبحت الآن حبيسة لكلام ونظرات الناس وكل الأنامل تتهمني بالعنوسةquot;.

أما نظرة المجتمع لفئة الفتيات اللواتي تقدم العمر بهن فتقول: quot;المجتمع في غزة صعب للغاية، ولا يترك النساء غالبًا ، دائما الأنظار تتجه نحونا ودائمًا الاتهامات تلاحقنا وكأننا السبب في عدم زواجنا.

وحين سألتها مراسلة ايلاف عن رأيها بالفتيات اللواتي يقدمن على تقديم طلب للزواج عبر مؤسسات خاصة تضيف quot;أن العمر تقدم بها وهي تتمنى أن تتجرأ وتقدم على هذه الخطوة التي لو علم أحد من إخوتها quot;لقتلوها حيّة على حد وصفهاquot;.

وتكمل حديثها quot;لم يعد باقيًا في حياتي الكثير وأن سنين العمر ضاعت وسط مناكفات إخواني الشباب .
متمنية أن تتغيّر نظرة المجتمع في غزة وأن يختفي مفهومquot;عانسquot; من عقول وأذهان الفلسطينيين يومًا ما .

وتشير آخر الاحصائيات إلى أن نسبة العنوسة في فلسطين تصل نحو 33%، ويقول الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني أن 3 من كل 10 نساء لم يتزوجن.

ويذكر أن ارتفاع معدلات المهور وتزايد نسبة البطالة،هما أيضًا من الأسباب التيتؤدي إلى زيادة ظاهرة العنوسة في قطاع غزة.