انقسم المصريون في الامارات بين متفائل ومتشائم حيال مستقبل مصر بعد وصول الاخوان الى سدّة الحكم. وأبدى كثيرون مخاوفهم من انفتاح مصري على إيران يقابله فتور في العلاقات مع العواصم الخليجية.


دبي: أكد مصريون في الإمارات ممن التقتهم quot;إيلافquot; أن العلاقات بين مصر والإمارات ستكون فاترة وغير وطيدة بعد وصول الإخوان الى الحكم في مصر.

وأعرب كثيرون عن تخوفهم الشديد من أن يؤدي وقوع مصر تحت حكم وفكر الإخوان إلى الانعكاس عليهم سلبيًا في الإمارات، من حيث تقييد نظام التأشيرات أو الإقامات أو نقل الكفالة.

فيما أشار البعض الآخر إلى أن علاقة القاهرة بأبوظبي ستظل قوية وأنها لن تتأثر كثيرًا بوصول الإخوان إلى الحكم، لأن من مصلحة البلدين أن تظل علاقاتهما قوية في كافة المجالات، في إطار الترابط العربي وتوحد الصف ضد المخاطر الخارجية التي تحيط بالمنطقة سواء كانت إقليمية أو دولية.

اختلفت آراء المصريين أيضًا بين متفائلين ومتشائمين لمستقبل مصر، ومدى قدرتها على استعادة الأمن والاستقرار والانتعاش الاقتصادي بعد فوز مرشح جماعة الإخوان محمد مرسي بمنصب رئيس الجمهورية بعد منافسة شرسة مع المرشح المحسوب على النظام السابق أو من يدعى بمرشح quot;الفلولquot;.

تعزيز الاخوان لعلاقاتهم مع إيران قد يقابله فتور في العلاقات مع العواصم الخليجية

يرى الفريق المتشائم أن مستقبل البلاد سيظل غامضًا لفترة طويلة في ضوء عدم اتضاح الصورة ووجود مؤشرات على نشوب صراع على السلطة بين الرئيس المنتخب quot;مرسيquot; والمجلس العسكري الذي يملك مفاتيح وخبايا السلطة حتى الآن، لافتين إلى أنهم غير مقتنعين تمامًا بأن quot;مرسيquot; الذي كان مرشحًا رئاسيًا احتياطيًا لخيرت الشاطر هو الذي سيحكم، لأن هناك من يقف خلفه أو بالأحرى من يحركه من خلف الستار.

واعتبروا أن المرشد العام للجماعة محمد بديع وأفكاره هي التي ستحكم من خلف هذا الستار، إضافة إلى أن حزب الحرية والعدالة التابع للجماعة سيسعى الى السيطرة التامة على كل الوزارات السيادية في مصر كالخارجية والداخلية والمالية والعدل وغيرها، ومن هنا ستعود مصر دولة حبيسة وشبيهة لدولة مبارك ولكنها تحت اسم جديد هو دولة المرشد وجماعته وما يتبعها من صفقات مشبوهة ذات مصالح خاصة بهم.

وتوقع كثيرون أن هذه الجماعة ستستمر في ممارسة سياسة الإقصاء والهيمنة ضد بقية فئات وطوائف المجتمع خاصة الليبرالية والمدنية منها. وستؤدي سياستهم تلك في نهاية المطاف إلى التهاب الدولة وإسقاط مؤسساتها ومن ثم دخول البلاد في عصور الظلام إلى حين.

أما الفريق المتفائل فيرى أن مصر منذ أيام قليلة كانت على حافة السقوط فريسة في أيدي رجال quot;مباركquot; من جديد متمثلة في المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية أحمد شفيق، وأنه لولا وجود ضغط كبير من قبل الشارع المصري واضطرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية لإعلان نتيجة الانتخابات بشكل نزيه دون الرضوخ لأية ضغوط من قبل بعض الجهات السيادية في مصر، لاشتعلت الدولة من جديد.

وأضافوا أن وصول مرسي الى مقعد الرئاسة وإن كان غير معبر عن كل الشعب المصري فهو طوق نجاة لثورة 25 يناير حتى الآن وسيمنع مصر من الانفجار الذي كان متوقعًا في حال فوز شفيق.

وأوضحوا أن مصر بدأت تخطو الآن أولى خطواتها نحو الأمن والاستقرار، كما أن الاقتصاد سينتفض من كبوته وهو ما اتضح في البورصة التي حققت على مدى يومين فقط مكاسب وصلت إلى 18 مليار جنيه تقريبًا. مشيرين إلى أن مصر الجديدة سيحكمها الشعب وليس جماعة الإخوان المسلمين أو المرشد أو خيرت الشاطر.

ماذا عن المستقبل بين القاهرة وأبوظبي؟

أوضح شريف شحاته quot;مدير تسويقquot; أنه غير متفائل بعلاقة مصر بالإمارات خلال فترة حكم quot;مرسيquot; المنتمي الى الإخوان المسلمين، وذلك بسبب التوترات التي وقعت خلال الأشهر الماضية بعد تصريحات quot;محمود غزلانquot; المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين التي هاجم فيها الإمارات، مبينًا أن الإمارات تتعامل الآن بحذر مع الرئيس المصري مرسي وجماعته، لأنها غير متأكدة من نوايا الإخوان وماذا يريدون من دول الخليج، وكيف سيتعاملون مع الاستثمارات الإماراتية في مصر؟

وأكد شحاته أن على الرئيس quot;مرسيquot; أن يثبت لجميع دول الخليج أنه لا يتحدث باسم جماعة الإخوان وأنه منفصل في قراراته وسياسته عن سياسة الإخوان، وعليه أن يبرهن على أنه لا يتلقى تعليماته من المرشد العام للجماعة quot;محمد بديعquot; ولن يضر بمصالح تلك الدول ومن بينها الإمارات بالطبع لا من قريب أو من بعيد، أي يجب على مرسي أن يكون رئيسًا مستقلاً لا ينتمي لأي جماعة، ومن ثم عليه أن يتخذ قراراته وفقًا للمصلحة العليا لمصر في إطار العمل العربي المشترك.

وأعرب شحاته عن قلقه من تأثر أوضاع الجالية المصرية في الإمارات سلبًا وتقييد إقامات المصريين فيها إذا ما توترت العلاقات السياسية بين البلدين في المرحلة المقبلة جراء سياسات الإخوان.

وأيد تامر فتحي quot;مستثمرquot; ما ذكره شحاته، مضيفًا أن مدى تطور العلاقة بين مصر وإيران في المرحلة المقبلة هو الذي سيحدد مدى قوة أو ضعف العلاقات المصرية الإماراتية، من حيث أنه إذا سعت مصر إلى تقوية علاقاتها مع إيران، وتم رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى درجة سفير، ومن ثم دخول القاهرة في علاقات استراتيجية وسياسية واقتصادية وتجارية وطيدة تبعها تكوين حلف مع طهران وحلفائها أو ما شابه، فإن ذلك سيقود في المقابل ليس فقط إلى توتر في علاقات القاهرة بأبوظبي فقط إنما في توتر علاقات القاهرة بمعظم العواصم الخليجية، وستكون النتيجة بالتالي فتورًا وتراجعًا في تلك العلاقات المصرية الخليجية التي كانت في أفضل حالاتها في عهد quot;مباركquot; على مدى العقود الماضية.

ورأى كرم عبدالفتاح quot;موظف في شركة خاصةquot; أن هناكشكوكاً وقلقًا من نوايا الإخوان تجاه منطقة الخليج العربي، موضحًا أن quot;وصول مرسي الى الرئاسة سيزيد من ذلك القلق، حتى تتضح معالم السياسة الخارجية الجديدة لمصر ما بعد ثورة 25 يناير، وهل ستستمر تلك السياسة على ما كانت عليه من علاقات متينة إبان حكم مبارك أم أن ثوابتها ستتغيّر مع الإخوان إلى درجة بعيدة قد لا تصب في مصلحة دول الخليج، مرجحًا أن تكون سياسة مصر في المرحلة المقبلة غير متطابقة إلى درجة كبيرة مع مصالح دول الخليج.

وكشف عبدالفتاح عن أن القيود التي فرضت على عمل إقامات جديدة للمصريين أو نقل كفالتهم من عمل إلى آخر في الفترة الماضية في بعض إمارات الدولة، وهو ما أدى إلى اضطرار عدد من المصريين إلى العودة إلى مصر بسبب عدم الموافقة على نقل كفالتهم أو عمل إقامات جديدة لهم نتيجة الانفلات الأمني الذي كان واقعًا في مصر خلال تلك الفترة قد يكون له أثر سلبي في عودة كامل العلاقات الجيدة على ما كانت عليه بين البلدين من قبل.

تغليب المصلحة العربية ورفض التعاون مع طهران

في المقابل، لفت محمد عبدالحليم الحاصل على quot;دكتوراه في العلوم السياسيةquot; إلى أن الرئيس محمد مرسي لا يعبر الآن عن فكر جماعة الإخوان المسلمين ومصالحها الشخصية من تقوية العلاقات مع إيران أو قطر أو غيرهما أو نشر فكر الجماعة في منطقة الخليج العربي، إنما يعبر عن مصالح الشعب المصري وعليه أن يحافظ على ارتباط مصر الوثيق والمتين بجميع الدول العربية خاصة دول الخليج، وأن يضع تلك العلاقات فوق أي اعتبارات إقليمية أخرى، مضيفًا أن هناك مراكز قوى وسلطات مختلفة في مصر لن تسمح للرئيس quot;مرسيquot; بالإضرار بمصالح القاهرة مع الدول الخليجية تحديدًا، وأنه إذا سعى الى التغريد خارج الصف العربي سيضع نفسه في مأزق كبير قد يودي به إلى مواجهة صراعات داخلية شرسة مع مؤسسات الدولة العميقة، وهو الأمر الذي قد يعجل برحيله من القصر الرئاسي.

وأشارت سلوى أيوب quot;موظفةquot; إلى أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي عاشتها ومازالت تعيشها مصر حتى الآن والتحديات الداخلية المتعددة لن تجعل الرئيس مرسي مهتمًا كثيرًا بتغيير السياسة الخارجية لمصر أو البحث عن تحالفات إقليمية أو دولية جديدة عن تلك الموجودة حاليًا، خاصة في السياسة المصرية تجاه الدول العربية.

وقالت: quot;إن تركيز مرسي على الوضع الداخلي المصري المتدهور سيحد من حركته في التفكير في إحداث تغيير خارجي في سياسة مصر أو التقارب من أحد قد يشكل توترًا في علاقة القاهرة بأي من العواصم الخليجية المهمة مثل الرياض وأبوظبيquot;.

وأوضحت أيوب أن العلاقات المصرية الخليجية بشكل عام والعلاقات المصرية الإماراتية بشكل خاص لن تتغيّر وستظل ثابتة وقوية، وفي المقابل فإن علاقة مصر بإيران لن تتحرك أي خطوة عن تلك التي تقف عندها الآن، لأسباب عدةأهمها quot;أن إيران تعيش حاليًا توترات كبيرة تشبه الحرب الباردة مع بعض دول الخليج الصديقة لمصر، فضلاً عن سعي طهران الى تشييع مصر وهو أمر يرفضة الإخوان بشدة، هذا إضافة إلى أن قيام طهران بدعم بشار الأسد لقتل الشعب السوري الأعزل من نساء وأطفال وشباب وشيوخ أبرياء ومشاركة جنودها في المجازر المتكررة، لن تجعل أمام مرسي أي خيار يمكن من خلاله أن يضع يده في يد الرئيس الإيراني لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين القاهرة وطهران أو تحقيق المصالحة بين البلدينquot;.