إردوغان يعتبر أن النظام السوري يهدد أمن تركيا

أكد حادث إسقاط الطائرة التركية الشهر الماضي، تردي العلاقات بين البلدين، ودفع برئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان الى القول إن النظام السوري حليف تركيا السابق بات يهدد أمن بلاده.


لندن: عندما أسقطت قوات النظام السوري طائرة استطلاع تركية الشهر الماضي توعدت تركيا باتخاد quot;الخطوات اللازمةquot; وأعلن رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان أن النظام السوري بات يشكل تهديدا quot;واضحا وقريباquot; لأمن تركيا.

وبادرت تركيا إلى تعزيز حدودها التي تمتد نحو 900 كلم مع سوريا وأعلنت قواعد اشتباك جديدة، وبدأت وسائل الإعلام المحلية تنشر صور دبابات وأسلحة بعيدة المدى وقوات متوجهة إلى منطقة الحدود.

وأكد حادث إسقاط الطائرة التركية تردي العلاقات بين البلدين الجارين في وقت يهدد النزاع داخل سوريا بالتمدد خارج حدودها، ولكن في الوقت الذي جاهرت تركيا برغبتها في تنحية الرئيس السوري بشار الأسد، يرى محللون أن أنقرة ما زالت بعيدة عن ترجمة خطابيتها إلى فعل.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن سنان أولغن رئيس مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية في اسطنبول quot;ان خطر وقوع تدخل أحادي مباشر ضئيل، وأن خطر وقوع نزاع عبر الحدود أو حوادث منفردة أكبرquot;.

وتسمح تركيا للمعارضة السورية بالعمل في أراضيها، ولكن عندما سُئل مسؤول تركي عما إذا كانت تركيا تقيم في واقع الحال منطقة عازلة لتحرك الجيش السوري الحر، امتنع عن quot;الخوض في التفاصيلquot; على حد تعبير صحيفة واشنطن بوست، مشيرة إلى أن الجيش التركي رفض أيضا التعليق بصورة محدَّدة عن قواعد الإشتباك الجديدة.

وبعد أيام من الإتهامات بشأن إسقاط الطائرة التركية، قال الأسد للتلفزيون الإيراني إن الحل الداخلي هو الحل الوحيد للنزاع، وأضاف أن سياسات المسؤولين الأتراك تؤدي إلى quot;قتل السوريين وسفك دمائهمquot;.

ومن المرجح أن ينظر النظام السوري إلى اقامة منطقة عازلة على أنها عمل من أعمال الحرب، وبدت الحكومة التركية حذرة في اختيار كلماتها، ولكن مسؤولين أتراكا اعترفوا في الفترة الأخيرة بإعداد خطط لإقامة منطقة كهذه مع التشديد على أنهم لا يريدون التحرك من دون دعم المجتمع الدولي.

وقال المحلل السياسي سنان أولغن، لصحيفة واشنطن بوست إن أنقرة quot;تدرك الحدود التي يفرضها السياق الدولي على أفعال تركياquot;. ولكن إذا واجهت حادثا آخر فإن القوات التركية ستردّ على النار أو حتى تعبر الحدود لفترة قصيرة لضرب هدف، بحسب أولغن مؤكدا quot;أن هذا سيكون رداً على عدوان من سوريا، وأن العامل الحاسم هو إزالة الخطر الذي يهدد تركياquot;.

وتستضيف تركيا نحو 33 الف لاجئ سوري في مخيمات بمحاذاة الحدود، وهي تخشى أن يتسبب تدفق اللاجئين بأعداد كبيرة في زعزعة الاستقرار، وإلى جانب إسقاط الطائرة التركية في 22 حزيران (يونيو) وقعت حوادث حدودية أخرى خلال الأشهر الستة الماضية، بينها إصابة ثلاثة أشخاص عندما تعرض مخيم لاجئين لنيران القوات السورية في نيسان (أبريل) الماضي.

ويخشى البعض في تركيا من أن يعمل النظام السوري على إذكاء النزاع بين أنقرة وعناصر انفصالية في صفوف الأقلية الكردية في تركيا.

وقال مسؤول تركي طلب عدم ذكر اسمه إن تقارير استخباراتية أشارت إلى أن نظام الأسد، سمح لمسلحي حزب العمال الكردستاني الذين يقاتلون الدولة التركية بالعمل في شمال سوريا. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن المسؤول تحذيره النظام السوري من quot;التجرؤ على دعم حزب العمال الكردستانيquot;، وقال المسؤول التركي quot;إن الإرهاب يجب ألا يدعمه أي بلد وأن سوريا على الأخص يجب ألا تجرؤ على دعمهquot;.

ولكن في الوقت الذي تقدم تركيا دعمها للمعارضة السورية فان كثيرين في تركيا يرون أن الأزمة السورية شأن داخلي. واظهر استطلاع أجراه مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية مؤخراً أن نحو 56 في المئة من الأتراك يعارضون التدخل في سوريا.

وقالت شفق بافي، عضو البرلمان التركي عن حزب الشعب الجمهوري المعارض إن سياسة تركيا تجاه سوريا سياسة خاطئة، ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن النائب التركية إنها ترى أن السياسة التركية تجاه سوريا quot;عداء طائفي ونزعة عثمانية فارغة لا أساس لها ولا منطقquot;.

وكتبت آسلي ايدنتاشباش المعلقة المعروفة في صحيفة مليت التركية، أن الحكومة التركية تعمل quot;متضامنةquot; مع المعارضة السورية السنية في الغالب، quot;ولا شك في أن تركيا سوف تستفيد من تغيير النظام في سورياquot;.

وقد ينظر أتراك بتحفظ إلى سياسة الحكومة التركية تجاه سوريا، ولكن ايدنتاشباش قالت إن حملة في أوساط الرأي العام لم تبدأ حتى الآن، وأضافت أن الحكومة التركية تريد رحيل الأسد، ولكن تكثيف جهودها لخلعه لا يتطلب بالضرورة عبور الحدود بل إن مدّ المعارضة السورية بمزيد من المساعدات quot;هو نوع من التدخل الذي يمكن أن يستوعبه الرأي العامquot;.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن ايدنتاشباش قولها إن رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان يتمتع بسلطة كبيرة على قواعده quot;وهو حقا قادر على إقناع الناخبين بطريقة قلة يستطيعون مجاراته فيهاquot;.

ولكن في بلد ذي تركيبة طائفية معقدة مثل تركيا، تُطلق تحذيرات من أن النزاع في سوريا يمكن أن يثير توترات في تركيا نفسها.

ولدى سليمان يلدز (29 عاما) وهو علوي يعمل موظفاً في أحد مصارف اسطنبول، عائلة تعيش على الحدود مع سوريا، واعترف يلدز بأنه quot;خائفquot; من الحكومة التي قال إنها تنفذ في سوريا quot;أجندة طائفيةquot; تهدد بنقل العنف إلى تركيا.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن يلدز قوله، quot;إن الحكومة لا تفكر إلا في مكانتها الدولية ولكن عليها ان تفكر في الناس الذين يعيشون في هذا المكانquot;.