دعا ناشطون سياسيون تونسيون، في الحكم والمعارضة، الى ضرورة التشاور والحوار لتجاوز الاختلافات التي تشقّ الائتلاف الحاكم الذي تتزعمه حركة النهضة الاسلامية مستندة الى حزبين يساريين.


تونس: تسليم البغدادي المحمودي وما أعقبه من جدل وخلاف بين رئاستي الحكومة والجمهورية، وإقالة محافظ البنك المركزي، هذا يعلن عن قرار تم اتخاذه، والآخر يعقّب على ذلك ويؤكد النقيض.

ثم استقالة وزير الإصلاح الإداري محمد عبّو بسبب quot;تحديد للصلاحياتquot;، كلها بوادر و إن رآها البعض طبيعية ولا تدعو إلى القلق اعتبارًا إلى أن تونس تعيش quot;سنة أولى ديمقراطيةquot;، فإن البعض الآخر يؤكد وجود أزمة حقيقية داخل الترويكا الحاكمة قد تعصف بائتلاف quot;الأحزاب المتنافرة فكريًاquot;.

وتثار في تونس اليوم تساؤلات حول تصدع الترويكا الحاكمة وهل أنّ الأزمة حقيقية فعلاً أم أنّ المسألة لا تعدو أن تكون اختلافًا في وجهات النظر لا يخرج عن منطق الديمقراطية والحرية التي ميزت الحياة السياسية بعد ثورة 14 يناير، وبالتالي هناك تضخيم لمسألة عادية قد تحدث في أعرق الديمقراطيات؟

اختلافات عادية

الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة أكد أنّ quot;الاختلافاتquot; التي حصلت بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية quot;يتم تطويقها داخل الائتلاف الحاكم بالحوار والتشاور إيمانًا بضرورة استمرار هذا الائتلاف ودعمه لمصلحة البلادquot;.

الإئتلاف الثلاثي الحاكم في تونس يتصدّع

وأضاف الغنوشي :quot;هذه الاختلافات ذات العلاقة بصلاحيات رئيس الجمهورية من خلال وجود أكثر من تفسير لها تتطلب العودة إلى مؤسسات الترويكا والقانون المنظم للسلطات للاتفاق حول قراءة واحدةquot;.

من جهته، نفى رئيس كتلة حركة النهضة في المجلس الوطني التأسيسي الصحبي عتيق وجود أزمة داخل الترويكا وقال:quot;لا توجد أزمة دستورية داخل الائتلاف الحاكمquot;.

أزمة حقيقية

محمد الحامدي، رئيس الكتلة الديمقراطية داخل المجلس الوطني التأسيسي، تحدث في تصريح لـquot;إيلافquot; مؤكدًا وجود quot;أزمة حقيقية بين رئيسي الجمهورية والحكومةquot;.

وأضاف:quot; هي أزمة حقيقية وحتى محاولات البعض تطويقها يبدو أنها لم تفضِ إلى نتائج ملموسة، وتكاد تتحول إلى خلاف دستوري حول تفسير التنظيم الموقت للسلطات العمومية، كما أنّ تصدع حزبي المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وانسحاب عدد من نوابهما دليل على هذه الأزمة والمؤشرات عديدة من بينها تفكير رئيس الجمهورية في الاستقالة، واستقالة الوزير محمد عبّو والجدل القائم حول تسليم البغدادي المحمودي وإقالة محافظ البنك المركزيquot;.

وأضاف محمد الحامدي:quot; في اعتقادي الخطأ كان منذ تشكيل الحكومة وقد عبرنا عن ذلك كمعارضة، فقالوا إنه البحث عن المشاكل، فتشكيل الحكومة لم يكن على توافق سياسي حقيقي من خلال برامج واضحة بل كان على محاصصة حزبية وتوزيع حقائب وهذا ما يترك في الأنفس شيئًا يبقى خفيًا كأنما هناك عبوات موقوتة بدأت تنفجر الآنquot;.

منجي الهمامي عضو المكتب السياسي لحزب النضال التقدمي وفي إفادة لـquot;إيلافquot; أكد من ظهور quot;أزمة حقيقيةquot; نتيجة عديد المؤشراتquot;.

و أضاف الهمامي:quot; إنّ التغاضي على بعض المسائل يعتبر نوعًا من المجاملة، وبالتالي كانت قراءتنا لهذه الأحداث التي عددناها والتي لم يكن فيها أي نوع من التضخيم، نحن نعتقد أنّ هناك اضطرابًا في الحكم بين العناصر الثلاثة المكونة للترويكاquot;.

من ناحيتها أكدت مي الجريبي الأمينة العامة للحزب الجمهوري quot;ضرورة أن يقرّ الائتلاف الحاكم بوجود أزمة سياسية حقيقية بسبب تعطل العلاقة بين أطرافه وبسبب ما يشوب البلاد من توتر أمني واحتقان اجتماعيquot;.

حزب الأمان اعتبر في بيان اطلعت عليه quot;إيلافquot; أنّ quot;الاستقالات والإقالات الأخيرة في أجهزة الدولة توحي بعدم انسجام الائتلاف الحاكم في كثير من الملفات والقضايا التي تهم الشأن العامquot;.

وحذر الحزب من quot;التشويش على استقرار الوضع الأمنيquot; ونادى الرأي العام بعدم الإنجرار وراء تضخيم quot;تسليم البغداديquot; و العمل من أجل الإنكباب على القضايا التي تهمّ المجتمع.

لا للانفراد بالرأي

أكد محمد الحامدي على ضرورة معالجة هذه الأزمة معالجة حقيقية لا معالجة موضعية كترضية هذا الوزير مثلاً، وهذا في اعتقاده يتطلب quot;وقفة جادة ومراجعة أداء الحكومة في عمومه، والذي لم يكن توافقيًا بالمرة في علاقة بالأطراف خارج الحكم من معارضة ومجتمع مدني، وهذه الروح بدأت تنخر الائتلاف الحاكم نفسه، ونحن نعرف جيدًا أن الوضع الانتقالي عمومًا والوضع الانتقالي في تونس يتميز دائمًا بالهزات ولا يمكن لأي طرف إدارته بصورة منفردة حتى في ظل وجود غالبية انتخابيةquot;.

وأوضح رئيس الكتلة الديمقراطية في المجلس الوطني التأسيسي الحامدي أنّ quot;الوطن لن ينقذه إلا توافق وطني واسع وعريض يثبّت المشتركات الوطنية ويحمي أهداف الثورة التي تكاد تضيع في حمّى التجاذب السياسيquot;.

التشاور و التوافق

منجي الهمامي، عضو حزب النضال التقدمي، بيّن أنه:quot; لا بد أن تعمل الحكومة على مراجعة طريقة عملها وأن توسع التشاور وتعود خاصة إلى المجلس الوطني التأسيسي في اتخاذ القرارات، فعندما يأخذ رئيس الجمهورية قرارًا، وكذلك يفعل رئيس الحكومة، يمكن أن نتساءل أي دور للمجلس التأسيسي ونحن نعيش مرحلة تأسيسية، فهو يكاد يكون ثانويًا في هذه المسائل وكان يمكن العودة إلى التأسيسي قبل اتخاذ أي قرار نهائي في مسألة ماquot;.

أضاف منجي الهمامي:quot; هناك تغوّل للسلطة التنفيذية على السلطة التشريعية بينما نحن في مرحلة يجب أن تكون الكلمة الفصل للسلطة التشريعية التي يمثلها المجلس الوطني التأسيسيquot;.

ودعت مي الجريبي من جانبها إلى:quot; تفادي التقوقع على الذات من أجل تشخيص حقيقي للوضع وإيجاد الحلول الجذرية الملائمةquot;، واعتبرت أنّ السياسة التي اعتمدتها الترويكا الحاكمة لا يمكن أنquot; تؤدي بالنهوض بالبلاد لا سياسيًا ولا اجتماعيًا، وهو ما يستوجب التعجيل بالمراجعة.quot;