تتباين آراء العراقيين حول النتيجة التي انتهت إليها صراعات الأطراف السياسية والتي تتمثل في الاتفاق على إجراء (إصلاحات).


بغداد: بعد أن أصبحت قضية سحب الثقة من رئيس الوزراءالعراقيفي خبر كان، حيث تتوزع التباينات ما بين معتقد أن الاصلاحات ضرورة في الواقع السياسي الحالي المتصف بكثرة أزماته، وبين من يرى أنها لا تعدو كونها مناورات سياسية لتخفيف الضغوطات على المالكي وقائمته ومن خلفهما التحالف الوطني الحاكم.

ووسط تمنيات كبيرة للعراقيين أن تنتهي الازمات السياسية ويجلس الخصوم على طاولة واحدة وينهون مشاكل البلد في ما بينهم، تتصدر الإصلاحات التي وعد بها التحالف الوطني خصومه المشهد العام للرأي العام العراقي، إلا أن البعض يرى أن ما يحدث هو توالد لأزمة جديدة ستدخل العراق مجددًا في دهليز الخلافات والتشنجات والتصريحات الاعلامية التي تؤدي إلى محاولات الكتل باسقاط بعضها البعض بعد أن كان التسقيط للأشخاص.

رئيس الوزراء العراقي

وفي هذا الصدد، يقول فرياد راوندوزي، النائب السابق ورئيس تحرير جريدة الاتحاد الناطقة بلسان الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالباني: quot;أتمنى أن تكون لجنة الإصلاحات استجابة لمتطلبات الإصلاح، واعتقد أنه لا يمكن أن يمشي دون إجراء إصلاحات، وهناك عتاب كثير على العملية السياسية وعلى عمل الحكومة، وأتمنى أن تكون هذه اللجنة التي تشكلت من قبل التحالف الوطني لتجسير العلاقة واخراج ما يتم طرحه من قبل التحالف، لكي يتفاعل أيضًا مع ما يطرح من قبل القائمة العراقية والتحالف الكردستاني وأن تكون هذه الاصلاحات بالاضافة الى كونها استجابة أيضًا لها بصمات الآخرين.

وأضاف: quot;الأزمة القائمة بين الفرقاء السياسيين ما زالت موجودة، ولكنني أتصور أنه بمجرد أن يفكر التحالف الوطني بتشكيل هذه اللجنة معنى ذلك أنه ادرك أن هناك ازمة ولا يمكن حل هذه الأزمة دون إجراء الإصلاحاتquot;.

ومن جهته، قال جاسم الحلفي، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي: quot;هي مناورات سياسية، هي أداة من أدوات الصراع، ولكنه صراع ليس من اجل تقديم الخدمات، بل صراع من اجل السلطة والمال والنفوذ، اليوم أية قضية من القضايا التي تطرح تحدث عليها خلافات وتذهب إلى دهاليز، والقضية الحالية دهليز جديد، ولو كانوا جديين لكانوا قد بدأوا هذا الحوار منذ اللحظة الاولى التي عجزوا فيها عن تشكيل الحكومة بعد اعلان نتائج الانتخابات العامة التي جرت مطلع عام 2010.

واضاف أنه كانت هناك دعوات للحوار أطلقتها قوى ديمقراطية، أطلقها الحزب الشيوعي، أطلقها السيد عمار الحكيم، لكنهم لم يصغوا اليها، ولا الى أي موضوع من هذه المواضيع، ثم انصرفت الى (المؤتمر الوطني) فحدثت خلافات على المكان والزمان وعلى الجدول والقضايا وعلى الحضور، من يحضر ومن لا يحضر، والى غاية اليوم، ثم جاءت إشكالات سحب الثقة، نفس القضية، ثم الاستجواب، نفس القضية، ومن ثم الانتخابات المبكرة والشيء نفسه.

وزاد بالقول: quot;إن ما يقال الآن عن قضية الاصلاحات ما هي الا اداة جديدة من ادوات صراع جديدة لتعميق الأزمة اكثر، هذه الازمة العميقة التي تذهب بالبلاد إلى المجهول، فلو كانت للمتنفذين صحوة ضمير لراعوا معاناة هؤلاء الناس ومعاناة الشعب والخطر المحدق على العراق وليس على العملية السياسية وحدها وبحثوا الامر من جانب تقديم تنازلات متبادلة، وصولاً إلى نقطة معينة لاعادة ترتيب الامور واعتقد أن الشعب العراقي يحتاج إلى حل جذري للمسألة.

وأضاف: quot;أنا شخصيًا لا اعتقد أن هؤلاء جديرون بايجاد الحل وانما هم جديرون بايجاد وصنع ازمات جديدة لتعميق المأساة اكثر وزيادة العتامة في الوضع القائمquot;.

أما طارق الاعسم، رئيس تحرير جريدة البينة فقال: quot;ليست المسألة مسألة مناورة سياسية بقدر ما ان التحالف الوطني وكل الكتل السياسية تمر في ازمة، والأزمة الحقيقية هي ابتعاد كل الكتل على الاطلاق عن المواطن العراقي وعن همومه، بل أن حتى فقرات اتفاق اربيل الاخيرهناك فقرة عن هموم المواطن العراقي كانت وكأنها زائدة، بدليل أنها لم تدخل في باب همومهم ولا تحل مشاكلهم، وهذا ينطبق على الجميع، بالإضافة إلى أن (دولة القانون) عانت من مشكلة أنها حين ترتخي الامور تنسى أنها جزء من التحالف، وحين تشتد الأمور تلجأ الى الام الذي هو التحالف الوطني، وهذا موقف يجب أن تخلص منه القائمة، فضلاً عن انه من العار على السياسيين العراقيين بمختلف مكوناتهم أن يتحاربوا حرب الملفات، هذا نشر لغسيل قذر، فالذي لديه ملف فهناك مكان القضاء وليس الإعلام، ولماذا لم يقدمه؟، وهذا يشمل الجميع وليس جهة واحدة دون أخرى، والغريب عندنا أن (س) من السياسيين حين يشير إلى (ص) ويقول له: (أنت حرامي)، فالآخر يرد عليه بالقول أيضًا (أنت حرامي أيضًا)، ولا يقول له (أنا لست حرامي)، بل انه يقول له (أنت أيضًا)، وفي النتيجة سيكونون كلهم (حرامية ولصوص)quot;.

وأضاف: quot;أن شعبية السياسيين العراقيين انهارت في هذه الأزمة إلا بعض الاستثناءات، وأظن أن خطابًا معتدلاً برز عندنا لدى اثنين نتمنى أن يتطور، عند رئيس الجمهورية وعند السيد عمار الحكيم، ونتمنى أن يتطور في لملمة هذا الواقع على أن لا تكون هذه اللملمة اشبه بفرش زولية (سجادة كاشان راقية) على مزبلة (اجلكم الله)quot;.

وتابع: quot;اعتقد أن الأزمة ستستمر ولن تنتهي الا إذا صارت شراكة السراق، وبشراكة السراق هذه من الممكن أن تنتهي الأزمة، حينما يتقاسمون السرقة وغير هذا غير ممكن!quot;.

أما كريم محمد، كاتب وصحافي في جريدة الغد فقال: quot;كل مشروع ينبثق من رحم ازمة هو طارئ وآني، ولا يلبي متطلبات المرحلة أو يعالج الأزمة من الجذور، و الإصلاحات التي يتم الحديث عنها حاليًا ما هي الا علاجات آنية لتجاوز مرحلة ما وبعدها ينتهي كل الموضوع ويتم نسيانه، موضوع الإصلاحات في الحقيقة هو موضوع قديم ndash; حديث، ملف يسحب عند اللحظة المناسبة ويهمل في لحظة الاكتفاء من هذه المرحلة وتجاوزها، لذلك أرى أن الأزمات ستستمر لأن العملية السياسية تعيش في ازمة وتعتاش على الازمات بغياب الرؤية الواضحة وبغياب البعد الوطني والسياسي لمستقبل العراق، هذا الغياب هو الذي يجدد الازمة ويفعل الاصلاحات الآنية الترقيعية.

عزيز الخيكاني، الكاتب والصحافي ومدير الإعلام الخارجي في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أوضح من جهته أنه اذا كانت هنالك نوايا صادقة في ما يخص التحالف الوطني، فبالتأكيد ستنجح تلك الإصلاحات، لأن الوضع العراقي الحالي لا يحتمل مشاكل أخرى، بل يحتاج إلى ما يجري من إصلاحات وكذلك الحوار، وأنا شخصيًا ككاتب وإعلامي أنادي دائمًا بالحوار ثم الحوار ثم الحوار للوصول إلى نتائج، أما إجراءات عدم الثقة والتسقيط وغيره فهذا يسبب مشاكل تنعكس على الشارع العراقي، وبالنتيجة المتأذي الوحيد هو الإنسان العراقي الفقير الذي يحتاج الآن إلى خدمات، لذلك اعتقد أن الحوار مبدأ مهم، أما الإصلاح فأنا أرى أن الثقة المتبادلة والصدق في العملية يؤديان إلى الطريق الصحيح.

وأضاف: quot;قد يعتقد البعض أن الإصلاحات مجرد مناورة سياسية، وهذا لم يأتِ إلا من عدم وجود ثقة بين الأطراف السياسية، ولو كانت هناك ثقة بين هذه الاطراف لكانوا منذ زمن بعيد قد التقوا وجلسوا للحوار وتصالحوا وتوافقوا، لذلك الواقع الحالي يحتاج الى تعزيز الثقة الذي بالنتيجة سيسهم بشكل أو بآخر في تهيئة الشارع نحو الابتعاد عن التشنج الموجود، فنحن نحتاج من الشارع ان يضغط بشكل أو بآخر على السياسيين ليبتعدوا عن التشنج، وكي يبتعدوا عن عملية التسقيط، فقد تحول الصراع السياسي الى صراع تسقيط ليس على مستوى اشخاص بل على مستوى كتل، وهذا ينعكس سلبًا على الشارعquot;.