الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي يخفي مرارة الخسارة التي مني بها ويحاول الاختباء، ربما بسبب الخوف من الملاحقة القضائية أو تمهيداً لعودة كبيرة؟


عندما كان الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي يقاتل لفتح طريقه نحو الرئاسة في العام 2007، بدا في كثير من الأحيان، رجل سياسة قوياً، لا هوادة لنشاطه، كما بدا طموحاً وقادراً على اختراق كل الحواجز والعوائق.

وقبل وقت طويل من مهام تنصيبه في قصر الإليزيه، صنع ساركوزي صورة قوية له من خلال التصريحات الشديدة اللهجة التي كان ينتهجها في فترة حملته الانتخابية، واتخاذه الإجراءات التي يصعب على الكثيرين السير بها.

وتحوّل ساركوزي إلى quot;رجل القصرquot; بين ليلة وضحاها، لكنه خسر سباق إعادة الانتخابات في السرعة ذاتها ليحل محله الرئيس فرانسوا هولاند.

وأصبحت فرنسا quot;مهووسةquot; بساركوزي وكان معظم الصحافيين يتجمهرون حوله في محاولة لالتقاط صورة لرجل الدولة الخارق.
في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;فورين بوليسيquot; إلى أن ساركوزي اختفى عن الأنظار بمجرد إعلان خسارته في انتخابات أيار/مايو الفائت. فهل الرجل الفرنسي المعروف بروح منافسته والعصامي أسف على نفسه بعد فشله في كسب إعادة انتخابه؟ هذا أمر لا شك فيه، بحسب الصحيفة.

الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي

وتتساءل الصحيفة quot;هل اختفاؤه استراتيجية متعمدة؟ الإجابة على ذلك تكمن في الزيارة التي أجراها نجله جان ساركوزي (25 عاماً) للقصر الرئاسي في الأيام الأخيرة من رئاسة والده، لدعم والده.

كان جان ساركوزي يعتزم ترشيح نفسه لمقعد في البرلمان المحافظ في يونيو/حزيران. لكن والده الرئيس السابق رفض الفكرة، معتبراً إياها quot;سيئةquot; وفقاً لتقرير نشر في صحيفة quot;لو باريزيانquot; الفرنسية، التي أشارت إلى أن quot;آل ساركوزيquot; يريدون من الناس أن ينسوا أمرهمquot;.

الرئيس السابق يريد أن يرسل رسالة هي أنفرنسا لم يعد لديها نيكولا ساركوزي. أما الرسالة الثانية فمضمونها أن quot;الغياب يجعل القلوب تحترق شوقاًquot;.

كما أن جزءًا كبيرًا من الفرنسيين يريدون نسيان السنوات التي حكم فيها ساركوزي بلادهم، لكن إذا كانت رئاسة quot;رجل السياسة القويquot; قد انتهت، فمن غير المستبعد أن يغفر الشعب أخطاءه التي خلّفت الكثير من المشاكل.

وازداد هذا الشعور منذ رفع الحصانة الرئاسية عن ساركوزي في 16 حزيران/يونيو، بعد شهر من خروجه من القصر الرئاسي وأصبح عرضة للملاحقة القضائية.

ولطالما كان للمحاكم الفرنسية تقليد بارز في ملاحقة الرؤساء السابقين في قضايا الفساد، بما في ذلك سلف ساركوزي، الرئيس الفرنسي جاك شيراك، الذي أدين بالفساد في ديسمبر/ كانون الاول من العام الماضي.

السيناريو الذي يعتمد عليه ساركوزي تكتيكي وذو هدف واضح، ويعرف أن الحزب ربما سيكون في حاجة الى تجديد شبابه بفارس مع درعه اللامع، الذي من المرجح أن يمكّن ساركوزي من العودة إلى دائرة الضوء من جديد.

في الواقع، يبدو أن لعبة ساركوزي قد لا تكون quot;اختفاءًquot; بقدر ما تكون quot;لعبة الانتظارquot;، فبعد كل شيء، إنه في سن الـ 57 فقط وطموحه ما زال في بداياته، ولن يتوانى عن إشباع شره طموحه السياسي.

إذا كان هذا المسار لاستعادة موقعه السياسي يبدو غير محتمل اليوم، يجدر بنا أن نتذكر أن ساركوزي صنع الكثير من المفاجآت سابقاً لإنقاذ نفسه، وهذا يجعله مليئاً بالحيل التي سيكون على استعداد لاستخدامها في الأيام المقبلة.