شباب يدخن الشيشة على الطريق

بدأت ظاهرة تنامي مقاهي تدخين الشيشة في وسط ميونيخ وتحديدًا في الحي الذي تكثر فيه بضاعة ومحلات المنتجات العربية، التركية والإيرانية، إضافة الى امتلاء الأسواق بها ما جعل اقتناءها بمتناول الجميع، بعد أن صنعتها الصين وبات سعرها مقبولاً لدى الشباب والعامة .


ميونيخ: لم تكن ظاهرة تدخين الشيشة معروفة من قبل في ألمانيا، ولكن بدأ يتزايد الإقبال الكثيف عليها خاصة في السنوات القليلة الماضية حيث افتتح المهاجرون العرب الكثير من المقاهي.
كثيرًا ما يتواعد الشباب العربي بل والكثير من الشباب الألماني في تلك المقاهي العربية والتركية، فهم يذهبون للإستمتاع بتدخين الشيشة واحتساء الشاي أو القهوة العربية، ولا أحد يملك تفسيرًا محددًا لهذا الإقبال المتزايد من قبل الشباب خاصة الشباب الألماني صغير السن، الذي لم تعرف ثقافة المقاهي عنده تدخين الشيشة، غير أن بعض الباحثين الاجتماعيين يرون أنه أحد أنواع التمرد على العادات المألوفة والمعتادة، مثل موضة ارتداء الكوفية الفلسطينية أو وشم الأيدي برسومات لجيفارا، في حين يرى آخرون أنها طريقة للتعارف بين الشباب خاصة الألماني الذي يجذبه سحر الشرق .

إن أكثر من 85% من الشباب الألماني يعرف الشيشة وأكثر من نصفهم قام بتجربتها على الأقل مرة واحدة في حياتهم.
وأكدت دراسة حديثة أن خطر تدخين الشيشة لا يقل عن خطر تدخين السجائر، بل قد يتفوق الأول لأسباب عديدة أهمها أن تدخين الشيشة يستمر لفترة أطول، فالانسان يحتاج خمس دقائق لتدخين سيجارة، بينما قد يدخن الشيشة لمدة ساعة، لذلك يكون الضرر أكبر لأن الدخان يبقى لوقت أكثر ويتم امتصاصه بشكل أعمق في الرئة، خاصة وأنه يصل إليها باردًا، إضافة الى أن الماء لا يقوم بترشيح المواد الضارة من التبغ على عكس ما يتصوره كثيرون، وبالتالي يتم امتصاص نسبة من هذه المواد السامة التي قد تصل إلى 80% في بعض الأحيان.

تعتبر مادة القار الناتجة عن التدخين، المسؤول الأول عن البقعة السوداء التي تتكون في الرئة، وهي المسببة لرفع خطر الإصابة بسرطان الرئة ثلاثين مرة، ما يؤدي إلى الوفاة.
ولا يتوقف الأمر على السرطان وأمراض القلب فقط، لكن المشاركة في تدخين الشيشة يمكن أن تسبب انتقال أمراض أخرى مثل أمراض الحساسية والالتهاب الكبدي الوبائي والسل والأمراض الفطرية، وهي الأمراض المنتشرة بشكل كبير في هذه الدول .
في تقرير آخر صدر من برلين، عن أخطار النيكوتين، اكد فيه المعهد الاتحادي للأخطار (BfR) على أن النيكوتين الذي يتواجد في الدم في حال تدخين الشيشة، تكون نسبته اكثر بكثير من الذي ينتج عن تدخين السجائر، ما يدفع بالانسان الى الادمان.

يؤكد المركز الألماني الاتحادي للبحوث الصحية حقيقة أن 380 فرداً يموتون يومياً في ألمانيا بسبب آثار التدخين، وهو عدد قد يفوق إجمالي عدد من يموتون بسبب الإيدز وإدمان المخدرات والكحول والمنتحرين مجتمعين. لكن ذلك لم يحد من انتشار ظاهرة الشيشة ولا من أخطارها التي كان يعتقد البعض خطأ حتى وقت قريب أنها أقل ضرارًا من السجائر .
عرفت الشيشة أول ما عرفت في دول الشرق، لاسيما دول حوض البحر الأبيض المتوسط وذلك منذ مئات السنين ثم اندثرت لفترة واقتصر تدخينها فقط على الطبقات الشعبية في الأماكن العامة، لكنها عادت لتفرض نفسها في البلاد العربية بين كل الفئات والأعمار، وانتشرت بشكل كبير حتى بين النساء. كما أنها وصلت أيضاً إلى الدول الأوروبية والأميركية، وأصبح المقهى الشرقي مرتبطاً بالقهوة العربية والشاي والشيشة، وكثيرًا ما أثار دخانها المفعم بالروائح المختلفة والمختلطة بنكهات الفواكه والنعناع مع الجو المصاحب لها من أغانٍ وموسيقى عربية فضول أهل الغرب خاصة في ألمانيا.

ومن الأمور التي ساعدت أيضًا في إنتشارها وجعلت أهل الغرب يعرفونها، وجودها بقوة في السينما المصرية، حيث أبرزها المخرجون في شتى الأفلام والمسلسلات بأشكال متنوعة وصور مختلفة سواء أكان ذلك في المقاهي أو البيوت الخاصة، كما أن الغرب تعرف عليها أيضًا من خلال كتابات نجيب محفوظ التي ترجمت الى لغات عدة بعد حصوله على جائزة نوبل، فالمقهى لعب دورًا كبيراً في رواياته خاصة مقهى الفيشاوي، وهو من أبرز من دخنوا الشيشة وكان يقول إن خياله يصبح نشيطاً جدا أثناء تدخينها.

أصل كلمة الشيشة هو مرادف لكلمةquot; البرطمان الزجاجيquot; في منطقة المشرق العربي وبلاد فارس، حيث استخدم البرطمان الزجاجي في التدخين في مرحلة ما بعد تطوير آلة التدخين نفسها، والتي كان يطلق عليها الجوزة، فقد بدأت صناعة الجوزة بثمرة جوز الهند المفرغة والمرتبط بها عودان من الغاب طرفاهما السفليان داخل الجوزة، ومغمور أحدهما بالماء، الطويل منها لسحب الدخان، والآخر المغمور يوضع على طرفه حجر به الدخان وفوقه الجمر، وهكذا استمر التطوير بعد ذلك حيث أخذت الشيشةأشكالاً وألواناً مختلفة كما نراها الآن .
الكثير من المتاجر العربية والإيرانية والتركية تبيع الشيشة في ميونيخ وتتراوح أسعارها مابين العشرين الى الستين يورو وأنواع التبغ تتراوح مابين ثلاثة الى خمسة يورو !