كاشف ألغام يدوي بيد جندي عراقي

في وقت أعلن فيه في لندن اليوم عن محاكمة ستة بريطانيين بعد اتهامهم ببيع كاشفات متفجرات وهمية الى العراق بمبلغ 85 مليون دولار ثبت عدم كفاءتها ما تسبببمقتل مئات العراقيين فقد أكد مصدر عراقي امكانية تحريك بلاده بدورها لدعوى قضائية ضد الشركة التي باعتها في عملية تزوير كلفت العراق الكثير من الأرواح والأموال.


اتهمت الشرطة البريطانية ستة أشخاص ببيع معدات يزعم أنها وهمية للكشف عن تفجيرات الى العراق. وقد وجهت ست تهم الى جيمس ماكورميك (55 عاما) تتصل بالاحتيال وهو مدير شركة أعمال الحراسة (ايه.تي.اس.سي) ومقرها بريطانيا التي باعت أجهزة للكشف عن متفجرات لدول من بينها العراق. وقال أندرو بنهال نائب رئيس شعبة الاحتيال في النيابة العامة البريطانية إن ماكورميك مثل امام المحكمة اليوم لينفي الاتهامات ووضع رهن الحبس الاحتياطي لمدة أسبوع بينما يمثل الخمسة المشتبه بهم الآخرون امام قضاة التحقيق الاربعاء المقبل.

وأشار إلى أنّ هذه التهم ترتبط بصنع وترويج وبيع مجموعة أجهزة الكشف عن المواد يعتقد انها وهمية إلى بلدان بينها العراق في الفترة بين 15 من كانون الثاني (يناير) عام 2007 و12 تموز (يوليو) عام 2012.

وكانت فضيحة صفقة هذه الكاشفات عن الالغام قد شغلت الأوساط العراقية خلال السنتين الاخيرتين خاصة بعد أن أكد المفتش العام في وزارة الداخلية العراقية عقيل الطريحي انه حقق في شراء هذه الأجهزة التي باعتها شركة ايه تي اس سي قبل سنتين وتبين له أنها أجهزة quot;لا تعملquot; وأنها بيعت بثمن مبالغ فيه. واقترح ألا يشتري العراق هذه الأجهزة مبيناً ان الفساد يكتنف هذه الصفقة وأنه أشار الى ذلك ورفع تقريره الى وزير الداخلية ولكن الصفقة تمَّت.

ومن جهته أعلن الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ ان رئيس الوزراء نوري المالكي قد أمر بتشكيل لجنة رفيعة المستوى للتحقيق في هذه القضية والاستفهام عن ملابساتها وكشف الحقائق. وأشار الى إمكانية لمقاضاة الشركة البريطانية التي صدرت اجهزة كشف المتفجرات هذه غير الفعالة للعراق واذا كان العقد مستوفيا للشروط والمعايير القانونية. وأشار إلى أنّ مقاضاة الشركة المصدرة حينها ستتم بالاعتماد على الآليات القانونية وعبر غرفة التجارة.

وقال ملازم اول في الجيش العراقي كان يراقب عمل نقطة تفتيش وسط بغداد quot;نعلم ان هذه الاجهزة لا تعمل وتم حظر استخدامها من قبل بريطانيا، لكننالا نزال نستخدمها رغم انها دون جدوىquot;. ورغم هذه الشكوك، تواصل قوات امنية استخدام هذه الاجهزة المعروفة بـquot;الذراع السحريةquot; من طراز quot;اي دي اي 651quot; وهي كناية عن مقبض مزود بدائرة الكترونية شديدة الحساسية تجاه بعض المواد.

من جانبه، قال النائب عمار طعمة quot;سنطالب الحكومة بمقاضاة الشركة لتسببها بوقوع ضحايا من المدنيين لان الاجهزة التي كانت معتمدة لم تكشف نشاطات الارهابيينquot;. وأضاف ان quot;فشل الاجهزة سبب مآسي كثيرة للعراقيينquot;.

وتستخدم هذه الاجهزة في نقاط التفتيش في عموم العراق للكشف عن المتفجرات والاسلحة داخل السيارات. وكان مصدر امني رفيع أكد ان quot;الاجهزة التي اثيرت حولها الشكوك والاتهامات بعدم جودتها متوفرة في مديرية مكافحة المتفجرات وتستخدم في محافظة بغداد او قرب المباني الرئيسةquot;.

وأضاف انه رغم ذلك quot;تم استهداف هذه المباني بثلاثة تفجيرات دامية وسرت شكوك كبيرة حيال عمل الاجهزة وبلغ الامر اتهام مستخدميها بعدم الخبرة او عدم جودة الاجهزة ما ادى الى خروقات امنية مكنت الارهابيين من الوصول إلى مواقع التفجيراتquot;.

وقد أدى تحقيق صحافي أجرته كارولين هاولي، الصحافية في بي بي سي إلى إعلان الحكومة البريطانية منع تصدير أجهزة كشف المتفجرات إلى كل من العراق وأفغانستان. وقامت الصحافية باختبار أجهزة كشف المتفجرات المستخدمة في العراق، وذلك في مختبر كامبريدج وتبيّنَ لها أن نوعاً من أجهزة كشف المتفجرات لا يعمل بتاتا.

وأنفقت الحكومة العراقية قرابة 85 مليون دولار على الجهاز لكن استخدامه لم يساهم في كشف وإيقاف عمليات التفجير التي تقتل المئات من الأبرياء. ولا تضم هذه الأجهزة أي ذاكرة أو أي مكون يمكن برمجته لقراءة البيانات وفهم أداء هذه الاجهزة. ويباع الجهاز الصغير المحمول بحوالى خمسين ألف دولار فقط، وتزعم الشركة أنه يكشف المواد المتفجرة. وقال سيدني ألفورد كبير خبراء المتفجرات الذي يقدم استشاراته لكل فروع الجيش البريطاني إن بيع هذه الاجهزة هو عمل quot;لا أخلاقي قطعاquot; فاستخدامها سيؤدي إلى شعور زائف بالأمان قبيل مقتل المئات.