وصف معارضون سوريون في القاهرة المعركة الدائرة حالياً في مدينة حلب بين الجيش النظامي والجيش الحر بأنها quot;معركة حاسمةquot;، وأن الفائز فيها سوف يوطد أقدامه على الأرض أكثر.


القاهرة: أشار معارضون سوريون في مصر إلى أن سيطرة المعارضة على مدينة حلب تعني أن الطريق صارت ممهدة أمامها لتحرير دمشق وإسقاط النظام، غير أنهم أعربوا عن قلقهم من عدم تمكن المعارضة من ذلك، لاسيما في ظل عدم وجود غطاء جوي يحمي تقدمها، ويعزز قواتها على الأرض، في حين أن قوات الأسد تتفوق بالطيران الحربي.

مفتاح النصر

وفقاً للمعارض السوري في القاهرة أحمد رياض غنام، فإن معركة حلب تمثل أهمية قصوى للمعارضة، بل أنها تمثل مفتاح النصر على كتائب بشار الأسد، وقال لـquot;إيلافquot; إن أهمية حلب تنبع من أنها تلاصق الحدود التركية لمسافة طويلة، مما يضمن دخول المساعدات الغذائية والأدوية والسلاح إلى قوات الجيش السوري الحر، بالإضافة إلى أنها تمثل أهمية عسكرية للجيش الحر، نظراً لأنها تضم مخازن للسلاح، ومنها مضادات الطائرات والصواريخ المحمولة على الكتف، مما يمكن المعارضة من حماية سماء المدينة في حال السيطرة عليها، وأضاف غنام أنه بالسيطرة على حلب سوف يتم قطع جزء كبير من الإمدادات على قوات النظام، ومحاصرته.

حاضنة للثورة

معركة مفصلية وحاسمة تدور حاليًا في حلب السورية بين الجيش النظامي والجيش الحرّ

وأوضح أن الأهم بالنسبة للجيش السوري الحر أن المدينة سوف تتحول إلى حاضنة للثورة السورية، وسوف تتحول إلى مركز للتدريب وإستقبال المتطوعين للقتال في صفوفه، إضافة إلى أنها تضم قوة بشرية تقدر بالملايين من الشباب الذين سوف يتحولون إلى جنود في صفوف القوات المعارضة المقاتلة، مشيراً إلى أن سيطرة الجيش الحر عليها سوف تجعله يثبت أقدامه أمام المجتمع الدولي، ويظهر أمام الدول الداعمة للأسد أن النظام على قاب قوسين أو أدنى من الإنهيار.

ونوه بأن الجيش السوري الحر سيطر على نحو 50% من المدينة وريفها حتى الآن، منبهاً إلى أن القلق يساور المعارضة من إمكانية وقوع خسائر فادحة لاسيما في ظل إستخدام الأسد للطائرات المقاتلة، مما يتطلب تدخلاً دولياً وفرض حظر طيران على المدينة على الأقل.

معركة دمشق

حول إمكانية تكرار سيناريو معركة دمشق في حلب ودحر قوات الجيش السوري الحر، قال غنام إن توقيت معركة دمشق كان خاطئاً، مشيراً إلى أن ما قام به الجيش الحر لم يكن مبنياً على أسس عسكرية، ونبّه إلى أن قادته اعتقدوا أن تفجيرات مبنى الأمن القومي وقتل أربعة من رموز النظام يمكن أن تشكل نهاية سريعة أو تجعل النظام ينهار، فضلاًعن أنهم كانوا يريدون جر القوات الأسدية إلى حرب شوارع وعصابات، لكنهم فشلوا، لاسيما أن النظام استخدم قواته في دك الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية، مما أوقع المئات من القتلى بين المدنيين، وهدم مئات المنازل فوق رؤوس ساكنيها، وأرغم القوات الثورية على التراجع حقناً لدماء الشعب السوري الأعزل، ولفت غنام إلى أن معركة حلب مختلفة، لأنها تم الإعداد لها جيداً، وسوف ينتصر فيها الجيش الحر على الكتائب الأسدية، على حد تعبيره.

منطقة عازلة

وصف المعارض السوري معتز شقلب معارك حلب بأنها تدشن لمرحلة جديدة من عمر الثورة السورية، وقال لـquot;إيلافquot;: هجوم الجيش الحر على حلب وإستماتته في المعارك طول الأيام الماضية يؤكد أنه لم يعد مجرد مجموعات من المتطوعين، بل اصبح جيشًا موحدًا لديه قيادات واعية تضع خططاً مدروسة بدقة.

وأضاف شقلب أن الجيش الحر تطور من مجموعات تدافع عن المتظاهرين والمنازل أمام هجمات الشبيحة إلى جيش قادر على القتال مع جيش آخر نظامي يمتلك جميع الأسلحة الثقيلة، مشيراً إلى أن معركة حلب سوف تكون معركة فاصلة في تاريخ الثورة السورية، لاسيما أن المخطط له هو إقامة منطقة عازلة تأوي النازحين من القتال أو بطش القوات التابعة للنظام، وإقامة مخيمات للاجئين، ولفت إلى أن السيطرة على حلب سوف تفتح الطريق أمام تدخل دولي حقيقي إما بفصل القوات ووقف القتال بين قوات الأسد والجيش الحر أو إقامة منطقة حظر جوي في حلب.

حظر جوي

شدد شقلب على أهمية التدخل الدولي وفرض الحظر الجوي، لأنه بدونه لن تدوم سيطرة المقاتلين الأحرار على حلب طويلاً، لاسيما في ظل القصف المكثف من جانب قوات بشار الأسد للمدينة والأحياء السكنية.

ونبه إلى أن المقاتلين لديهم خطط بديلة في حال أصر المجتمع الدولي على عدم التدخل وحماية المدنيين. وكشف شقلب عن أن الخطط البديلة تتمثل في الحصول على مضادات الطائرات والصواريخ المحمولة كتفاً وإستخدامها في فرض حظر الطيران على حلب، ولفت إلى أنهم سوف يحصلون عليها من مخازن السلاح التابعة للقوات النظامية.

وأشار إلى أن غالبية السلاح الذي يقاتل به الثوار هو من الغنائم التي فازوا بها من جيش بشار الأسد. وأضاف شقلب أن حلب هدف إستراتيجي بالأساس يمكن من خلاله الإنطلاق إلى معركة التحرير الكبرى في دمشق.

نقطة الصفر

ورداً على سؤال بشأن فشل معركة دمشق الأولى، قال شقلب إن معركة دمشق لم تبدأ بعد، وما حدث لم يكن إلا مناوشات واختبار لقوة النظام، وأوضح أن المعركة الحقيقية الآن هي معركة حلب، مشيراً إلى أن حلب سوف تتحول إلى عاصمة للثوار، ولفت إلى أنها سوف تتحول إلى مقصد للشباب السوري في الخارج، يرغب في المشاركة في عملية التحرير، ولفت إلى أن هناك عشرات الآلاف من السوريين يرغبون في الإنضمام الى صفوف الجيش الحر، لكنهم لا يستطيعون الوصول إلى سوريا، وأضاف أن هناك ما يترواح بين 30 و40 ألف مقاتل يستعدون لمعركة دمشق بعد الإنتصار في معركة حلب.

ونبه شقلب إلى أن الجيش الحر يسيطر على نحو 70% من الأراضي السورية، ونحو 80% من أراضي حمص واللاذقية والرستن وريف دمشق، ويجري التحضير لمعركة دمشق، مشيراً إلى أن نقطة الصفر تكون بالإنتصار وتحرير حلب.

حياة أو موت

ومن جانبه، قال اللواء محمود سعيد الخبير العسكري أن مدينة حلب لها أهمية إستراتيجية لطرفي النزاع في سوريا، وأوضح لـquot;إيلافquot; أن أهمية حلب بالنسبة للجيش الحر تتمثل في أنها صارت قاعدة عسكرية له، يمكن الإنطلاق منها للسيطرة على باقي المدن والقرى السورية، وخاصة دمشق ومن ثم إسقاط النظام بالكامل وإجباره على الفرار إلى جبال العلويين والتحصن فيها، ثم تبدأ معركة تتبع فلوله، وأضاف سعيد أن مدينة حلب سوف تجعل الجيش الحر يطل على العالم الخارجي، لاسيما أنها ترتبط بحدود طويلة مع تركيا، وهي قريبة من البحر المتوسط، وتتحكم في مجموعة من المعابر والمنافذ الحدودية بين تركيا وسوريا، إضافة إلى الأهمية الإقتصادية للمدينة التجارية.

وأشار إلى أنه يمكن أن تحل أزمة التمويل وإمدادات الغذاء للمقاتلين، وتضمن تواصل المقاتلين مع العالم عبر تركيا التي تدعمهم بشكل صريح، فمن الممكن إقامة مراكز تدريب وجلب السلاح عبر تركيا التي تسعى الى ضمان ولاء دولة ما بعد الأسد لها.

وقلل سعيد من الأهمية الإقتصادية لحلب بالنسبة لنظام بشار الأسد، وقال إن بشار الأسد لم يعد يعتمد بالأساس على الإقتصاد السوري في معركته ضد الثورة، مشيراً إلى أنه يعتمد بالأساس على الدعم الذي يأتيه من إيران أو العراق لدفع رواتب الجيش والعاملين في الدولة والشبيحة ليضمن ولاءهم له، ولفت إلى أن حلب تكمن أهميتها بالنسبة للنظام في أنها تعد ثاني أكبر مدينة في سوريا، وتعد عمقاً استراتيجياً له وفي حال سيطرة الثوار عليها، فهذا يعني أن نهايته صارت قريبة، لأنه لن يتوقف القتال عند هذا الحد، فسوف يواصل الثوار الزحف حتى يصلوا إلى دمشق.

غير أن سعيد يعتقد أن الثوار لن يتمكنوا من بسط سيطرتهم على حلب، وبرر لذلك بعدة أسباب منها: إتساع مساحة حلب. ضعف قوة الثوار في مواجهة جيش نظامي لديه أسلحة ثقيلة ومتنوعة. وتفوق النظام السوري على الجيش الحر بسلاح الطيران. وعدم إمتلاك الجيش الحر لسلاح ردع، مثل مضادات الطائرات. وأكد سعيد أن حلب معركة حياة أو موت بالنسبة لكلا الطرفين.